تخصيص شاطئ معين للنساء فقط في العاصمة الجزائرية
آخر تحديث GMT18:47:13
 لبنان اليوم -

تخصيص شاطئ معين للنساء فقط في العاصمة الجزائرية

 لبنان اليوم -

 لبنان اليوم - تخصيص شاطئ معين للنساء فقط في العاصمة الجزائرية

تخصيص شاطئ معين للنساء فقط
الجزائر - العرب اليوم

على بعد 15 كم غربي العاصمة الجزائرية، توجهنا إلى حي "باينام" الراقي في بلدة "الحمامات" الساحلية، حيث شاطئ "الصخرة" النسائي. لم يكن سهلاً أن يقترب غريب عن المنطقة من هذا الشاطئ الذي تحج إليه النسوة والفتيات من العاصمة وخارجها.

الساعة كانت تشير إلى الواحدة بعد الظهر، وكانت المركبات السياحية تتوافد على المكان غير المعلوم لكثير ممن سألناهم عن المسلك المؤدي إليه. وبين هؤلاء من تفاجأ بالشاطئ النسائي السري، وفي اللحظة التي واجهنا فيها رفضاً من لدن مجموعة شباب كانت تحرس المدخل الرئيسي، تأخرنا بخطوات إلى الوراء والرعب يملأ المكان، لكأنها "دولة داخل دولة"، يقول مرافقنا يونس.

اعتمدنا تكتيكًا آخر للوصول إلى مبتغانا، فتوجهنا صوب ورشة لصناعة وإصلاح قوارب الصيد، قريبة من مدخل الشاطئ المهرّب عن أعين الرجال. يوضح أحد عمال الورشة في تصريحاته لــDW عربية أنها أول مرة تنزل فيها وسيلة إعلام إلى الحي وتستفسر عن شاطئ النساء، فيزيد من دهشتنا حين يشدد أن افتتاح هذا الاستثناء يعود إلى سنوات التسعينات.

ويرفض "محمد" في البداية الحديث في الموضوع، قبل أن يوافق على مضضٍ الخوضَ في مسألة يربطها بالحرمة التي اشتهرت بها أسر العاصمة خلال سنوات مضت. يبرز: "قصة الشاطئ النسائي عريقة عراقة المجتمع العاصمي المحافظ، فقد كان شيوخ الحي السكني الشهير، معروفين بالتديّن، ولذلك اهتدوا إلى السماح للبنات والنسوة بالسباحة في مكان لا يدخله رجل".

ومع ذلك، تتعدد الروايات وإحداها تقول إن سيدة تدعى "مباركة" من وجيهات هذه الضاحية، هي من أسست لأول شاطئ أنثوي بتاريخ الجزائر. توضح "عبلة" وهي جامعية من بنات الحي، في مقابلة مع DW عربية أن الحاجة مباركة (وهو لقب يطلق على المتقدمات في السن، والمعروفات بورعهن وتقواهن)، كانت تستقبل كل صيفٍ حفيداتها وبنات الجيران، في شقتها الراقية المطلة على البحر. وكنّ تتوجهن إلى الشاطئ تحت مراقبة لصيقة منها، حتى أنها تمسك بخيزرانة تتكئ عليها لتخيف أبناء الحي أو الوافدين إليه، وتمنعهم من الاقتراب من "عاشقات البحر".

وفي فترة لاحقة، ترسخ المشروع وتبنّاه بعض الشباب، وكلهم فخر أن بناتهم تمارسن السباحة في عزلة تامة عن الرجال. يتجمع شباب الحي كل يوم وينقسمون إلى فرق بعضها يتولى النظافة والآخر يتكفل بالحراسة، وكثيراً ما تقع معارك مع شبان أحياء مجاورة يرغبون في مزاحمة "نساء الشاطئ".

يرفض "محمد" ربط خصوصية الشاطئ بالتعصب والتطرف، خصوصاً أن المنطقة شهدت أحداث عنف سنوات العشرية الحمراء في تسعينات القرن العشرين، حيث كانت تحت سيطرة حكم جبهة الإنقاذ الإسلامية المنحلة.

آخر صيحات البيكيني

وقال "ليليا" التي التقيناها بوساطة من إحدى معارفنا بالحي، إنها ظلت وفية لتقليد السباحة بالشاطئ النسائي، وهي تعود إليه كل صيف رفقة طفليها، مشيرةً إلى أنها تعقد لقاءات مع صديقات الطفولة وبعض زميلاتها بكلية الطب.

تعود الطبيبة ليليا بالذاكرة إلى 25 عاماً، حين دخلت الشاطئ لأول مرة، وتكشف أن لذة السباحة فيه لا توصف، مقتنعة أن المكان هو الأفضل لممارسة الحرية. توضح المتحدثة في تصريحها لـDW عربية: "لا يمكنني السباحة في شواطئ مختلطة، سأظل أدافع عن هذا المكسب، ونحن نسمع بعض التعليقات المستفزة من أشخاص يتهمون مريدات الشاطئ بالتطرف".

وتشدد أمينة شربال (29 سنة)، وهي موظفة بشركة اتصالات، أنها تقصد هذا الفضاء هرباً من ضوضاء الشواطئ المفتوحة على كل الفئات. تتابع "عارٌ ما يحدث ببعض الشواطئ الجزائرية، من تحرش وسرقات وانتهاك للحرمات. علينا أن ندافع عن تعميم الشواطئ الأنثوية بمحافظات مختلفة". وتواصل أنها مدينة لصديقتها "سكينة" بمعرفة هذا المكان، حيث اكتشفت صداقات وعلاقات جديدة مع موظفات وفتيات أخرى من مختلف الأعمار والطبقات الاجتماعية.

وتعترف قريبتها "سعاد"، وعمرها 21 ربيعًا، أن الفتيات هنا أصبحن تستعرضن آخر صيحات البيكيني وفنون السباحة، وهناك لم يعد للحجاب قدسية، لأن "إناث الشاطئ" يخلعن ألبستهن ويتبرجن بشكل استثنائي.

وترى رئيسة جمعية "المرأة في اتصال"، نفيسة لحرش، أن المبادرة تمنح النساء فضاء للتنفس، في غياب أسباب الراحة الأخرى بالبلاد، ومع ذلك تحذر من خطورة انتشار أفكار التعصب والتطرف، جرّاء أفكار منع الاختلاط والانعزال عن الرجال في شواطئ الجزائر. وتبرز نفيسة لحرش في مقابلة مع DW عربية أن ترويج أفكار أصولية من شأنه أن يفسح المجال لجماعات متشددة تنشر تعصّبها بوسائل الإعلام التي قد تتورط في الدعاية لها.

وترى محدثتنا "هذا النوع من الفصل والانعزال سلوكاً بالياً، هيمن في عقود سابقة على المجتمع المحلي، ونحن نحذر من بعثه مجدداً، في صورة التحرر، ونحن نرى أن التحرر لا يكون بإنتاج الأفكار العنصرية". وبخصوص هروب النساء إلى الشواطئ النسوية بسبب التحرش، قالت، رئيسة جمعية "المرأة في اتصال": "أدعو هؤلاء الشباب إلى الاتحاد، ومحاربة التحرش في وسائل النقل والجامعة والشارع. وعليهم كذلك أن يتحدوا لمخالفات الإساءة للمجتمع وليس المرأة وحدها".

وحسب لحرش: "فإن المبادرة ليست اعتداءً على الحق في الفضاء العام المشترك بين الجنسين، أو تشجيع على عدم المساواة فحسب، بل هي أكثر من ذلك، فهي اعتداء على القانون واعتداء على الحقوق المجتمعية بكاملها، بل واعتداء خطير على حقوق الإنسان..".

بدورها تعتقد الأخصائية بعلم الاجتماع الأسري، هاجر دحماني، أن الظاهرة قديمة ومرتبطة بقواعد وأصول تربى عليها المجتمع حتى صارت تقليداً يتجاوز أحياناً القوانين الوضعية. وتقول دحماني لــDW عربية إنها تشجع المبادرة لأنها – برأيها- عاكسة لقيمة ومكانة المرأة الجزائرية، حيث استطاعت أن تحظى بشواطئ خاصة بها دون الرجال. وتبرر ذلك بالحاجة إلى "الأمان والراحة النفسية والابتعاد عن ظواهر التحرش الجنسي والاعتداءات اللفظية".

وترى دحماني أن علم الاجتماع ينظر إلى الظاهرة من زاوية الاحترام والعدالة الاجتماعية بين الرجل والمرأة، واحترام مبدأ خصوصية المرأة، وتدعو السلطات إلى تشجيع المبادرة وتعميمها على مدن ساحلية أخرى بخلاف الجزائر العاصمة.

وتُوضّح الناشطة الجزائرية، فاطمة الزهراء بوصبع، أنّها لا ترى مانعاً في شاطئ نسوي يخصص لشريحة معينة من المجتمع، ما دام الأمر – في نظرها- لا يشكل اعتداءً على الحريات ولا سطواً على الفضاء العام ولا مخالفةً للقانون. وتبرز بوصبع، وهي رئيسة تنظيم مدني يُعنى بنشر ثقافة التعايش والتسامح (المنظمة الجزائرية لترقية ثقافة السلم)، خلال مقابلة مع DW عربية، أنّ "اهتداء شريحة مجتمعية إلى طرح أفكار تدافع عن الحشمة والحياء، لا تعتبر تهديداً لتماسك النسيج المجتمعي والأسر الجزائرية، مع اشتراط أن تكون مثل هذه المبادرات الشبانية أو النسوية مضبوطة بأطر قانونية لحفظ النظام العام

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تخصيص شاطئ معين للنساء فقط في العاصمة الجزائرية تخصيص شاطئ معين للنساء فقط في العاصمة الجزائرية



GMT 01:56 2020 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

امرأة عربية تعلن عزمها الترشح لمنصب رئيس إسرائيل

GMT 01:29 2020 الخميس ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

مثول 4 ناشطات بينهن لجين الهذلول أمام المحكمة في السعودية

GMT 23:44 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مارست الدعارة ورمت برجل في وادٍ فأُلقي القبض عليها

GMT 23:18 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طليقة ترامب" لا يتقبل الخسارة بطريقة جيدة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 17:54 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 لبنان اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد

GMT 21:25 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 06:17 2014 الثلاثاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

السيسي يجدد دماء المبادرة العربية

GMT 09:55 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي سعد لمجرد يُروج لأغنيته الجديدة "صفقة"

GMT 08:41 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

مكياج مناسب ليوم عيد الأم
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon