مراكش ـ ثورية ايشرم
تفضل الكثيرات من نساء مراكش ركوب واستعمال الدراجة النارية، وذلك يرجع إلى فرض المركشيات شخصيتهن ومكانتهن داخل النسيج المراكشي، ولاقتناع أزواجهن وأشقائهن وآبائهن، من الذكور، بالقيمة المضافة التي تمثلها الدراجة، ودورها في حياة الأفراد، سواء عند التنقل للعمل، أو لقضاء أغراض العائلة خارج البيت. وليست قيادة نساء مراكش للدراجات النارية وليدة اليوم، بل ترجع إلى عقود ماضية، إذ يتعلق الأمر بتأثير تاريخ تواصل لأزيد من ستين عام، أصبح فيه امتطاء النساء للدراجات في المدينة الحمراء عادة مألوفة، لا تثير أدنى دهشة. وفي عهد الحماية الفرنسية، كان بعض النسوة، اللائي يشتغلن في بيوت المعمرين، يستعملن الدراجات للتنقل من عمق المدينة العتيقة إلى الحي الفرنسي، الذي شيدته سلطات الحماية في منطقة "جليز". كانت ملامح هؤلاء النسوة مميزة، جلابيب فضفاضة متوجة بغطاء للرأس، بعدها صارت التلميذات وبعض الموظفات لدى الدولة تتجاسر على ركوب الدراجة، دون أن يثير ذلك انزعاج أو اندهاش أحد من السكان، بل كان الآباء يسارعون إلى اقتناء دراجات لبناتهم، بغية ضمان وسيلة نقل آمنة لهن. المراكشيون لم يتآلفوا ويتسامحوا مع قيادة نسائهم للدراجات فقط، بل ذهبوا لأبعد من ذلك، وهم يتركون أمر قيادة وتسيير المدينة الحمراء بكاملها إلى "الجنس اللطيف"، بعد أن انتخبوا أربع نساء لرئاسة أربعة مجالس منتخبة في مراكش، في سابقة على المستوى الجهوي والوطني، حيث يتعلق الأمر بفاطمة الزهراء المنصوري التي تتقلد منصب عمدة المدينة، وزكية المريني التي تترأس مجلس مقاطعة "جليز"، وميلودة حازب التي تترأس مجلس مقاطعة "النخيل"، وجميلة عفيف التي تترأس مجلس محافظة مراكش.
أرسل تعليقك