ضحايا التحرش و الاتهام في شوارع مصر
آخر تحديث GMT06:43:09
 لبنان اليوم -

ضحايا التحرش و "الاتهام" في شوارع مصر

 لبنان اليوم -

 لبنان اليوم - ضحايا التحرش و "الاتهام" في شوارع مصر

القاهرة ـ العرب اليوم

يكذب كل من يدعي في مصر أن ملف التحرش الجنسي بالنساء والفتيات لم تتحرك مياهه الراكدة أو تتقدم محاوره الجدلية منذ وصل أول رئيس مدني منتخب في مصر بعد الثورة إلى سدة الحكم. فقد ترسخ مبدأ التحرش السياسي بالمرأة والفتاة المصرية، وهو السلوك الذي ابتكره النظام القديم لمعاقبة الناشطات والمتظاهرات. وشدّت المرحلة الانتقالية من أزر مبدأ التحرّش السياسي، ووضعت دعائمه السلطة الجديدة، إن لم يكن بالمباركة فبالسكوت وغض الطرف عن الجناة، وإن لم يكن بتجاهلهم، فبإطلاق العنان لقنوات وأشخاص يصيحون مهللين أن «كل من تنزل الميدان فهي حتماً تطلب التحرش والاغتصاب، وكل من تغفل الملبس الشرعي فهي ترحب بمن يتحرش بها ويغتصبها». ووصل الأمر إلى توجيه دعوات إلى ذلك. وذكرت صحيفة "الشرق الأوسط" ان إنجاز آخر ينبغي على المرأة المصرية أن تعترف به، هو نبرة التقليل من شأن التحرش، وذلك إما باتهام أصحاب مبادرات منع التحرش وعقاب المتحرش بالمبالغة في تقدير الظاهرة، أو بالتشديد على أن الظاهرة ليست جديدة وأنها كانت موجودة قبل الثورة، مدللين على ذلك بالتحرش الجماعي الذي شهدته منطقة وسط القاهرة عام 2009 أمام إحدى دور العرض السينمائي. والمثير أن مثل هذه النبرات تأتي غالباً من رموز في أحزاب وتيارات إسلامية، ما أعطى التحرّش بالنساء والفتيات في مصر بعداً استقطابياً جديداً، إذ أصبح التحرش قضية الليبراليين المهمومين بها، وليس الإسلاميين الذين إما يقللون من شأنها أو يبررون اقترافها بمقولات وأفكار تدور في فلك «البنت المحترمة لا يتحرّش بها أحد»! وفيما تشتد نبرات الكتابات الصحافية، والتغطيات التلفزيونية، والتدوينات العنكبوتية والمبادرات الشبابية لمناهضة هذا الوباء المستشري، تخرج أقلام وأصوات محسوبة على السلطة الحاكمة لتدلي بدلوها في هذا الشأن. فهي تبرّئ الجماعة من اتهامات وجهت إليها بالتحريض على التحرش بالمتظاهرات والناشطات. لكنها، في الوقت ذاته، لا تعطي معضلة التحرش اهتماماً يناسب حجم الظاهرة. ولأن القضية في نظر تيارات إسلامية كثيرة ليست ظاهرة بالمعنى المعروف، ولأنه جرى العرف بتحميل الفتيات والنساء مسؤولية التحرش لأن ملابسهن غير محتشمة، أو لأن مشيتهن غير محترمة، أو لأنهن موجودات في الشارع أصلاً، خرجت أخيراً دراسة صادمة لتنضم إلى ما سبقها من صدمات في هذا الشأن. «المركز الديموغرافي» التابع لـ «معهد التخطيط القومي»، بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة و «المجلس القومي للمرأة»، أجرى استطلاعاً أظهر أن الغالبية المطلقة من المصريات يتعرّضن للتحرش. فـ99،3 في المئة من النساء والفتيات اللواتي شملهن الاستطلاع (وتتراوح أعمارهن بين 10 و35 سنة) أكدن أنه يُتحرَّش بهن. وقالت 88 في المئة منهن أنهن يتعرضن للتحرش اللفظي وإطلاق الصفارات، و75 في المئة يتعرضن للنظرات الفاحصة الماحصة للأجساد، و70 في المئة يتلقين مكالمات هاتفية بهدف المعاكسة، و63 في المئة يسمعن كلمات وتعليقات مليئة بالإيحاءات الجنسية، و62 في المئة يعانين تتبع غرباء لهن، و60 في المئة يؤكدن أنهن يتعرضن للتحرش عبر لمس أجسادهن! أما أكثر الفئات تعرضاً للتحرش، فهن الطالبات، تليهن العاملات وربات البيوت، وبعدهن السائحات، ما يشير إلى عكس ما يشاع عن أن الأكثر تعرضاً للتحرش هن غير المحتشمات، خصوصاً أن الغالبية المطلقة من المصريات يغطين شعرهن. وقالت غالبية من شملهن الاستطلاع أن المتحرّش لا يفرق بين المحتشمة وغير المحتشمة، ولا يتحرّش بناء على شكل المكياج أو نوعية الملابس أو طريقة المشي. أي أن التحرش للجميع. لذا كان طبيعياً أن تؤكد الغالبية أنها باتت لا تشعر بالأمان في المواصلات العامة والشوارع، ويطالبن بقوانين رادعة لمواجهة التحرش. وعلى رغم أن إصدار القوانين ليس معضلة، وتطبيقها ليس مستحيلاً، لكن ينبغي توافر الإرادة السياسية والتنفيذية التي يبدو أنها لم تتوافر بعد! المتوافر حالياً هو الإرادة الشعبية المنقسمة بين رغبة عارمة في التحرش، ورغبة عارمة أخرى في وقف التحرش: الأولى، تعيش أزهى عصورها في ظل غياب الأمن والشرطة، والصمت الرسمي، وكذلك التبرير الكلاسيكي الذي يبرّئ الرجل «لأنه مسكين يفقد عقله لدى رؤية الكائنات الأنثوية»، فضلاً عن الموروث الثقافي الذي يتباهي بالولد تحت شعار «أنا كبرت... إذاً أنا أتحرّش»، أو «الرجل لا يعيبه التحرّش بالأنثى. لكن المحترمة تصون نفسها». أما الثانية، فتجاهد بين محاولات متفرقة للتوعية، أو لرسم خرائط لأماكن التحرّش في مصر، أو تكوين مجموعات لحماية النساء والفتيات في أوقات التظاهرات. وسيبقى وضع التحرش على ما هو عليه، إلى أن تستيقظ السلطة من غفلتها، وتفيق الحكومة من غيبوبتها، ويصحو الشعب من موروثه الخاطئ، ويعلم المتحرّش أنه (...)، وتقتنع المتحرّش بها بأنها تخطئ فقط حين تسكت عن التحرّش.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ضحايا التحرش و الاتهام في شوارع مصر ضحايا التحرش و الاتهام في شوارع مصر



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:51 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

طرح فيلم "الإسكندراني" لأحمد العوضي 11يناير في سينمات الخليج

GMT 22:27 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

شاومي يطرح حاسوب لوحي مخصص للكتابة

GMT 14:06 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حمية مستوحاة من الصيام تدعم وظائف الكلى وصحتها

GMT 15:32 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 14:00 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

أفخم 3 فنادق في العاصمة الايرلندية دبلن

GMT 05:39 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار لتنسيق أزياء الحفلات في الطقس البارد

GMT 05:24 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

قواعد في إتيكيت مقابلة العريس لأوّل مرّة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon