خاتون الإيزدية مقاتلة حماية شنكال تقنص إرهابيي داعش
آخر تحديث GMT15:51:31
 لبنان اليوم -

قتلوا أهلها فباتت تتلذَّذ باصطيادهم واحدًا تلو الآخر

خاتون الإيزدية مقاتلة "حماية شنكال" تقنص إرهابيي "داعش"

 لبنان اليوم -

 لبنان اليوم - خاتون الإيزدية مقاتلة "حماية شنكال" تقنص إرهابيي "داعش"

خاتون الحسناء الإيزدية المقاتلة من وحدات حماية المرأة الشنكالية
سنجار ـ لامار أركندي

 التقيتها في جبال "سنجار"، خاتون الحسناء الإيزدية المقاتلة من وحدات حماية المرأة الشنكالية في الذكرى السنوية الثانية للمجزرة التي ارتكبها تنظيم "داعش" المتطرف بحق الكرد الإيزديين في الثالث من آب /اغسطس 2014 في شنكال تسمية الكرد الإيزديين لموطنهم الأصلي "سنجار".

كانت بضعة أمتار تفصلني عنها، وهي تحمي أبناء جلدتها في تلك الجبال التي أدمت من هول ما حل بها قبل السنتين من اليوم وسط جموع الشنكاليين القادمين من مخيم "نوروز" للاجئين في مدينة ديريك غرب كردستان (شمال سورية), ومدينة سنون الملاصقة لجبال شنكال، والقرى المحررة المحيطة بها . فتنتني ابتسامتها المثقلة بإرادة حديد شب من جبروتها, لم أفوت فرصة لقاء قد لا يتكرر فربتُّ على كتفها, خوشكى (أختي ) هل تحدثيني قليلًا، لم تمانع من الاستجابة لطلبي بالحديث بعد أن أخبرتني عن اسمها "خاتون".

خاتون الإيزدية مقاتلة حماية شنكال تقنص إرهابيي داعش

سألتها هل تقيمين مع عائلتك أيتها الجميلة الشجاعة، فـ"داعش" يخاف رصاصاتك يا لبوة؟! ضحكت بهدوء قائلة نعم كم يروقوني أن أتصيدهم الواحد تلو الآخر، فهم قتلوا عائلتي, وكل من أملك، احرقوا بداخلي حياة كاملة، دمروا وطني وذبحوا إهلي, أخوتي, أصدقائي، جيراني كل من أحب في تلك الليلة الملعونة، جاؤوا حاملين إرهابهم وسكبوه في قلب شنكال تحت أسم الله، ونحن الكرد الإيزديين كنا أول من ركع للخالق عبر التاريخ.

وتابعت خاتون دخلوا مدينتي، وكبروا, وبدؤوا يجرون الفتيات والأطفال، والنساء من شعرهن، كنت مع أمي وصديقاتي، وجاراتي من بينهن, واقتادونا بعيدًا، صوت صراخنا كاد يشق كبد السماء، وهم ينهالون علينا بالضرب مكبرين. ذبحوا كل من صادفوه في طريقهم, قتلوا إخوتي الخمسة ووالدي أمامنا، والكثير ممن عرفناهم وأحببناهم، نحروا رؤوسهم ونثروها على أرصفة المدينة التي اكتظت بجثث أحبتنا تحت اسم دين منهم براء.

وصلت خاتون مع الآلاف من الفتيات والأطفال والنساء إلى مدينة الرقة معقل تنظيم "داعش" في سورية، وأودعوا سجناء في مستودع كبير بعد أيام من خطفهن من معشوقتهم شنكال كما تقول. وتواصل خاتون فصلوا الأطفال عن أمهاتهم، وحرمونا نحن البقية من الطعام والماء لأيام، بقيت ملاصقة لأمي، كم أشعرتني بأمان وأنا متشبثة بحضنها، سحبوني من بين زراعيها، كانوا 10, 6 منهم اغتصبوني لساعات, والبقية ذبحوا أمي أمامي، وفصلوا رأسها عن جسدها، فقدت الوعي والإحساس فعيناها تسمرتا وصمتتا إلى الأبد, وبدؤوا فرم جسدها إربًا إربا, تمنيتُ أن أفيق من ذاك الكابوس الذي لم أصدقه للآن. أيقظوني لتبدأ رحلة المعاناة الأكبر عندما جاؤوا بالطعام، وأجبرونا على تناوله، لن أنسى ابتسامتهم الصفراء الخبيثة حينما قال أحدهم سنكرمكم اليوم في الطعام، وغدًا وبعد غد ستأكلون كل يوم اللحم الطازج, وتقهقهوا، أعطوني صحنًا وسكبوا فيه يد أمي، وبعض لحم جسدها بعد أن قطعوها أجزاء، وطبخوها طعامًا لنا وأرغمونا على تناوله.

كنت أفقد الوعي وأستسلم له, فصورتها لم تفارقني، بقيت عالقة في مخيلتي قابعة أمامي، وهي منحورة لا حول لها ولا قوة من ذنب لم تقترفه .

حدثتني خاتون عن ذبح العديد من الأطفال بعد فصلهم عن أمهاتهم وتقطيع أوصالهم وأطرافهم الصغيرة، وطهي لحمهم وإجبار الأمهات على تناول لحم فلذة الأكباد، فقالت الكثير منهن فقدن عقولهن، وأخريات فارقن الحياة من فظاعة تلك المشاهد، والكثيرات أقدمن على الانتحار. حدثتني عن تصميمها هي وبعض الفتيات، والنساء على الفرار وفشلن مرات عدة لتأتي أخيرًا المحاولة التي كللت بالنجاح بعد أن تولت النساء المنتسبات إلى "داعش" الإشراف على مراقبتهن، وتمكنت هي وشيرين المختطفة معها من الهروب بعد إيقاع الحارسة المنتسبة إلى "داعش" المراقبة على الأرض، وضرب رأس الحارسة أم حذيفة بإخمص الكلاشينكوف الذي كانت تحمله. فرت المختطفتان خلسة وركضتا في الشوارع الفرعية للمدينة كيلا يتسنى لعناصر التنظيم العثور عليهن.

وأضافت طرقنا باب بيت ومن حسن حظنا كان صاحب البيت رجلًا مسنا هو وزوجته من أكراد كوباني "عين العرب"، أدخلانا وأخفيانا تمامًا, سردنا عليهما قصتنا، وهنا أقسم الكردي بافي معروف "أبو معروف" أن يأمن طريقة خروجنا من الرقة. بعد يومين هربنا إلى مدينة "كوباني" بمساعدة بعض المهربين واستقر فيها مع عائلته، وسلمنا إلى وحدات حماية الشعب الكردية، ومنها أمنونا إلى مخيم "نوروز" للاجئين في مدينة ديريك القريبة من مدينة قامشلو "القامشلي " وبعد أيام صممت على الانضمام لوحدات حماية شنكال وأقسمت بالثأر لوطني وأمي وعائلتي.

 تلقيت تدريباتنا العسكرية أنا ورفيقة دربي شيرين، صممت أن أكون صيادة هؤلاء الذين دمروا شعبي ووطني, مع الكثير من الناجيات الإيزيديات العائدات اللواتي أصبحن مقاتلات يقشعر "داعش" اليوم من رصاصتهن . رسمت لي صور المعارك التي خاضتها مع المقاتلات الكرديات ضد عناصر التنظيم, اللاتي اقسمن إفناء "داعش" إلى الأبد، والانتقام لكل امرأة وطفل ذاقوا ويل الاستعباد ومر الظلم على يد التنظيم الإرهابي. كم أدهشتني خاتون بنت العشرين بجبروتها القابع في ربيعها الجميل ترتطم آهاتها بأمواج غضب تضرب صف أسنانها اللؤلؤية البراقة, منحنيةٍ لسحر عينيها العسليتين اللتين تبشران بشاطئ الأمان.

طلسم زمن خيّل لي في ملامح تلك المقاتلة الحسناء الأسطورة يطن صدى صوتها بحشرجة احتبست في أنفاس إيزيدية سبيت في أزمنة ملعونة، تخرج حقائبها المنسية إلى اللاعودة . قبل عامين من اليوم تغيرت تفاصيل الألم وبقيت بصمته مروية بالدم، لم أتقن قراءة تاريخ مضى كما حدث لكن أحسست بجمرة غضب، بركان قابع تحت مملكة الجبال والجمال إنها "شنكال".
 
 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خاتون الإيزدية مقاتلة حماية شنكال تقنص إرهابيي داعش خاتون الإيزدية مقاتلة حماية شنكال تقنص إرهابيي داعش



GMT 17:54 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:05 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:48 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

أبرز العطور التي قدمتها دور الأزياء العالمية

GMT 15:27 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

علي ليو يتوج بلقب "عراق آيدول" الموسم الأول

GMT 11:57 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

برومو ”الاسكندراني” يتخطى الـ 5 ملايين بعد ساعات من عرضه

GMT 16:26 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:28 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لاستغلال زوايا المنزل وتحويلها لبقعة آسرة وأنيقة

GMT 09:37 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

طرق تنظيم وقت الأطفال بين الدراسة والمرح

GMT 14:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

متوسط أسعار الذهب في أسواق المال في اليمن الجمعة

GMT 19:03 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منى عبد الوهاب تعود بفيلم جديد مع محمد حفظي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon