يحلق المسبار الاميركي "نيو هورايزنز" الذي اطلق قبل تسع سنوات، على مسافة قريبة من الكوكب القزم بلوتو الثلاثاء، في مهمة تاريخية تجري على بعد خمسة مليارات كيلومتر من كوكب الارض.
ومع اقتراب المسبار من الارض، كان يلتقط صورا لبلوتو تزداد وضوحا شيئا فشيئا، اظهرت للعلماء وجود بقع مشعة على سطح الكوكب القزم، واشكالا اخرى غامضة.
ويقول جون سبنسر الباحث في معهد بولدر في كولورادو "من السهل ان يتراءى لنا اننا نشاهد اشكالا مألوفة من هذه البقع المضيئة والمظلمة، ولكن الصعب هو ان نفهم ما هي هذه الاشياء".
ويعول العلماء على هذا المسبار الصغير الذي لا يزيد حجمه عن حجم آلة بيانو، للحصول على اجابات عن هذه الاسئلة والتوصل الى اكتشافات جديدة في الايام المقبلة.
ويتحرك المسبار بسرعة 49 الف و600 كيلومتر في الساعة مقتربا من الكوكب القزم الغامض واقماره الخمسة، وسيقترب منه الى مسافة عشرة الاف كيلومتر عند الساعة 11,50 ت.غ. من يوم الثلاثاء.
وعند الاقتراب الى هذه المسافة، سيلتقط المسبار بيانات هي الادق عن هذا الجرم المكتشف في العام 1930.
ويقول جو بيترسون مدير العمليات العلمية في المهمة "نحن نوشك ان نبلغ ذروة الجهود التي بذلناها، نريد ان نكتشف هذا الكوكب الغريب الذي لم يسبق لنا ابدا ان درسناه، وسنحصل قريبا جدا على المعلومات القيمة التي ننتظرها".
بلغت نفقات مهمة "نيو هورايزنز" 700 مليون دولار، ويحمل المسبار على متنه سبعة اجهزة للمراقبة والقياسات.
وتقول كاتي اولكين العاملة في المهمة "هذه الاجهزة جمعت بطريقة تجعلها تعمل بشكل متكامل لتعطينا الصورة الادق الممكنة عن بلوتو".
وينتظر العلماء من هذه الاجهزة ان تزودهم بمعلومات حول التركيبة الجيولوجية لهذا الجرم، وتكوين سطحه، وحرارته، وغلافه الجوي، وايضا معلومات حول اقماره الخمسة.
وقبل ايام، تنفس العلماء في وكالة الفضاء الاميركية ناسا الصعداء بعدما فقدوا الاتصال مع المسبار لوقت قصير لم يتجاوز الساعة ونصف الساعة، ثم عادت الامور الى نصابها.
ويقول مارك هولريدج مدير المهمة "لقد اجرينا تسع مناورات لتصحيح مسار المسبار كانت آخرها قبل عشرة ايام، وذلك لوضع المسبار على افضل مسار ممكن".
ويضيف "المسبار الان في وضع جيد جدا، وينبغي ان يمر تماما فوق المنطقة التي نستهدفها".
وبدأ "نيو هورايزنز" بارسال صور منذ شهر نيسان/ابريل لكنها لم تكن دقيقة وواضحة اذ كان المسبار ما زال حينها على بعد ثمانين مليون كيلومتر.
ومع اقترابه شيئا فشيئا، بدأت الصور تتضح، وفي السابع من تموز/يوليو الجاري كان على بعد خسمة ملايين كيلومتر من سطح بلوتو.
وتظهر هذه الصور بقعة كبيرة مضئية تشبه القلب، وظلا عليها يشبه ظل حوت.
ويتوقع العماء ان تكون الصور المرسلة في الايام المقبلة اكثر دقة بخمسمئة مرة، وان يحصلوا على افضل رؤية بين الاثنين والخميس.
ويطير المسبار بسرعة هائلة يستحيل معها ابطاؤه لوضعه في مدار الكوكب القزم بلوتو، لذلك فهو سيمر بمحاذاته ملتقطا الصور له، ثم يتابع باتجاه أجرام اخرى في منطقة حزام كايبر الذي تشكل مع تشكل المجموعة الشمسية قبل 4,6 مليارات سنة.
وتدور حول بلوتو خمسة اقمار، وهو محاط بغلاف جوي من غاز الآزوت (نيتروجين)، ولديه نظام معقد لتوالي الفصول، وخصائص جيولوجية فريدة، وهو مكون بشكل اساسي من الصخور والجليد.
ويقع بلوتو على مسافة بعيدة جدا من الشمس، لذا فانه يتم دورة واحدة حولها في الوقت الذي تتم فيه الارض 247,7 دورة.
ويبلغ قطره الفين و300 كيلومتر، اي انه اصغر من قمر الارض، وكتلته اقل من كتلة الارض بخمسمئة مرة. ويشتبه العلماء في انه يحتوي على محيط مائي تحت طبقة الجليد السميكة التي تغطي سطحه، على غرار قمره شارون الذي يشتبه ايضا في ان له غلافا جويا.
وكان علماء الفضاء يصنفون بلوتو على انه واحد من كواكب المجموعة الشمسية، لكن في العام 2006 قرر الاتحاد الفلكي الدولي تصنيفه ككوكب قزم بسبب حجمه الصغير، فلم يعد على قائمة كواكب المجموعة الشمسية سوى ثمانية اجرام هي عطارد والزهرة والارض والمريخ وزحل والمشتري ونبتون واورانوس.
أرسل تعليقك