جنيف ـ كونا
ينتظر علماء الفضاء بيانات من المقرر أن ترسلها ثلاثة أقمار صناعية للمساعدة في التعرف على التغيرات الطارئة التي ربما تحدث في المجال المغناطيسي الذي يجعل الحياة البشرية ممكنة على الأرض. وقال تقرير أعده (المعهد الاتحادي السويسري للتقنية) في مدينة (زيورخ) اليوم إن العلماء يعولون كثيرا على قدرات الأقمار الثلاثة التي أرسلت في إطار مشروع (سوارم) الذي أطلقته وكالة الفضاء الأوروبية أواخر الشهر الماضي.
وأشار التقرير إلى أن مشروع (سوارم) بدأ بالفعل دورته في الفضاء قبل عدة أيام من أجل رصد التغيرات الطارئة على المجال المغناطيسي لكوكب الأرض.
وذكر التقرير أن قدرات القياس التي يتمتع بها المشروع الفضائي عالية الدقة وتصل قدرته على رصد البيانات المغناطيسية على عمق ألف كيلومتر في الغلاف الجوي للأرض مع إمكانية الحصول على صورة مجسمة ثلاثية الأبعاد للمجال المغناطيسي للغلاف الجوي للكرة الأرضية للمرة الأولى في تاريخ البشرية.
وأكد أن النتائج التي سيحصل عليها العلماء تباعا سيتم التعامل معها الكترونيا من خلال شبكات عملاقة من أجهزة الحاسوب للإجابة عن العديد من التساؤلات وتأكيد أو تصحيح بعض المفاهيم المتعلقة بمغناطيسية الأرض ومدى تغيرها وأسباب ذلك وانعكاساته المحتملة على الإنسان والبيئة.
كما توقع التقرير الحصول على بيانات أكثر دقة توضح مدى تراجع قدرات المجال المغناطيسي للأرض بنسبة عشرة بالمئة خلال 150 عاما والتداعيات المحتملة لهذا الضعف ومن بينها ارتفاع نسبة الأشعة الكونية الضارة التي سيتعرض لها الإنسان والمناطق الجغرافية التي سيبدأ ظهور هذا الضعف فيها.
ويرصد المشروع تحرك الحديد السائل في جوف الأرض وعلاقته بتحولات الطاقة المغناطيسية والغلاف المغناطيسي للكوكب الأزرق وتوزيع قدرات الغلاف الجوي للأرض على توصيل الشحنات والموجات الكهربائية. وسيعمل العلماء بعد ذلك على ربط تلك النتائج مع تحركات الرياح الشمسية التي تؤثر على الأرض ومجالها المغناطيسي بشكل كبير وعلى قدرات انتقال جزئيات الطاقة في الغلاف الجوي للأرض وتأثير تلك الحركة على المجال المغناطيسي. كما سيرصد المشروع التغيرات الواقعة على الانتقال الحراري بين الأرض والغلاف الجوي للكوكب التي تنعكس أيضا على تحركات غلاف الأرض الصخري ما يتيح للعلماء في الوقت ذاته تحديث مقياس درجة مغناطيسية الأرض وقياس متوسط الجاذبية ومجالات حركة دوران الأرض إضافة إلى معدلات استقبال وإرسال الإشارات اللاسلكية بينها وبين الأقمار الصناعية.
ولفت التقرير إلى أن العلماء يعولون كثيرا على كل تلك النتائج للوقوف على تبادل قطبي الأرض المغناطيسيين لموقعيهما بشكل بطيء في عملية تستغرق ما بين خمسة آلاف عام وعشرة آلاف عام حسبما تشير إليها العديد من الأدلة التي رصدها العلماء من قاع البحار والمحيطات.
وأوضح في السياق أن مراقبة ترسبات المعادن القابلة للمغنطة بما في ذلك تلك التي تخرج من حمم البراكين وتترسب فيما بعد توضح أنها تشير دوما في رسوبياتها إلى المجال المغناطيسي للأرض وان هذا المجال المغناطيسي قد تغير عدة مرات خلال 200 مليون عام في مرات تتراوح فتراتها الزمنية بين 200 ألف و300 آلف عام.
ويعتقد العلماء بان هذا التغير قد توقف منذ نحو 780 ألف عام في حين أن بوادر تحول قطبي الأرض المغناطيسيين تحتاج إلى فترة زمنية تتراوح بين خمسة آلاف وعشرة آلاف عام وتظهر أول تداعيها في طبقات قاع المحيطات والبحار.
وأكد التقرير أن التغيرات المغناطيسية للأرض تبدو من الثوابت التي لا يستطيع الإنسان أن يؤثر فيها ويجب أنيتم التعامل معها كأمر واقع لا مفر منه إلا أن الإنسان قد يمكنه توقع موعد حدوثها.
وأضاف أن الأرض بجوفها ومجالها المغناطيسي وغلافها الجوي وما يحيط بها من مؤثرات وعوامل مختلفة منظومة اقل ما توصف بأنها "ضخمة وهائلة وغير عادية" وان تغير قطبي الأرض المغناطيسيين بشكل بطيء على مدى عشرات الآلاف من السنين لا يترك مسافة زمنية يختفي فيها المجال المغناطيسي للأرض.
ولفت إلى ان العلماء لم يتمكنوا من معرفة ما إذا كان هذا التغيير ينعكس سلبا أم إيجابا على الكائنات الحية.
ويطرح التقرير تصورا اقرب ما يكون إلى الخيال العلمي باحتمال ظهور أكثر من قطبين مغناطيسيين للأرض في مرحلة ما وهو التصور الذي يحمل بعض التساؤلات حول ما يمكن أن تؤدي إليه من فوضى في أجهزة القياس والملاحة بل وحركة الطيور والحيوانات أيضا التي تعتمد على القطبين الشمالي والجنوبي في دوراتها الحياتية بل وتتكيف تلقائيا مع تغيرات المجال المغناطيسي للأرض.
أرسل تعليقك