واشنطن ـ وكالات
ما رأيك في الحصول على جهاز لوحي أو هاتف جوال تستطيع الإمساك بأجزاء من شاشته بأصابعك وتغيير شكل مناطق محددة فيها، والتأثير على المحتوى المعروض من خلال ذلك؟ هل ستكون جداول حساباتك أجمل إن خرجت الرسومات البيانية من الشاشة وأصبح بإمكانك التفاعل معها وتعديلها، ومن ثم إعادتها لمكانها بعد الانتهاء منها؟ هل ترغب في استخدام أجهزة إلكترونية لديها حاسة اللمس وتستطيع استشعار شدة الضغط عليها والرد وفقا لذلك؟ هذه الأمور أصبحت حقيقة «ملموسة» بفضل تقنيات حديثة طورها باحثون في المختبرات العلمية.
* شاشات تفاعلية
* التقنية الأولى هي الشاشات التي تتفاعل لدى الضغط عليها أو سحبها، والتي أطلق عليها اسم «أوبيكه» (Obake) نسبة إلى مخلوق خرافي ياباني يستطيع تغيير شكله. وطور هذه التقنية باحثون في مختبرات معهد ماساتشوستس للتقنية (MIT) الأميركي، وذلك باستخدام شاشة مصنوعة من السليكون المطاطي وميكروفون صغير خلف الشاشة يستطيع استشعار الاهتزازات الدقيقة لدى ملامسة الشاشة بإصبع المستخدم والتفاعل وفقا لذلك. ويستخدم النظام التجريبي وحدة بث ضوئية لتعرض نتيجة التفاعل على الشاشة نفسها، ولكن الباحثين استطاعوا كذلك استخدام مجسات مدمجة داخل الشاشة للتعرف على التحركات والتفاعل وفقا لذلك، والاستعاضة عن وحدة البث الضوئي.
ويمكن للمستخدم أداء مجموعة من الحركات التي تترجم على شكل أوامر للشاشة، مثل جذب الشاشة إلى أعلى بدرجات مختلفة، والضغط عليها إلى الأسفل بدرجات مختلفة (يستطيع المجس استشعار عمق الضغط)، وملامسة الإصبع لسطح الشاشة، وتحريك الإصبع عليها، وجذب أكثر من منطقة، ووصل تلك المناطق أو إبعادها أو تقريبها بعضها من بعض، وغيرها من الأوامر المختلفة.
ويكمن الإبداع في التطبيقات التي ستستطيع التفاعل مع المستخدم بشكل أكثر واقعية، مثل تطبيقات الخرائط الجغرافية لشركات الهندسة، حيث سيكون بمقدورهم مشاهدة أثر توسعة مجرى نهر معين أو هدم تلة ما أو إيجاد حفرة، وبكل سهولة ويسر. ويمكن تخيل تطبيق «خرائط غوغل» خاص بهذه التقنية يسمح للمستخدم الدخول إلى مبنى سوق تجارية ما ومشاهدة المتاجر الموجودة فيه بمجرد الضغط على ذلك المبنى، والخروج منه بمجرد سحب الشاشة إلى الأعلى، أو التفاعل مع خرائط الأرصاد الجوية، واستخدامات كثيرة لعلماء الآثار والتربة أو حتى لمصممي السيارات والطائرات.
الأمر المثير للاهتمام هو أن تكاليف العتاد الإلكتروني لهذه التقنية يتراوح بين 50 و60 دولارا أميركيا فقط، وهي تستخدم برمجيات مفتوحة المصدر للعمل. ولا تزال هذه التقنية كبيرة الحجم بالنسبة للهواتف الجوالة، ومن المرجح أن تصل إلى الأجهزة اللوحية أو الكومبيوترات المحمولة أولا. ويتوقع أن تحدث هذه التقنية ثورة كبيرة في عالم واجهات التفاعل مع الأجهزة في حال تبنتها كبرى الشركات المصنعة وأصبحت تستخدم على نطاق واسع تجاريا.
* مجسات للمس
* واستطاع باحثون في جامعة «جورجيا» الأميركية محاكاة حاسة اللمس، وذلك باستخدام مصفوفات من الترانزستورات المصنوعة من أسلاك بالغة الدقة (بتقنية النانو)، والتي تعتبر أساس فئة جديدة من الأجهزة تستطيع استشعار ما حولها بشكل يقارب حاسة اللمس لدى الإنسان. وتستخدم هذه التقنية كريستالات (بلورات) دقيقة نانوية لأكسيد الزنك (الخارصين)، مع قدرتها على إنتاج كمية إلكترونات وفقا للضغط المفروض عليها، أي أنها تحول الطاقة الميكانيكية إلى شحنة كهربائية تتناسب مع كمية الضغط المبذول. وتستخدم تقنيات التعرف على الضغط الحالية آلية مختلفة تماما ترتكز على تسجيل التغييرات في المقاومة أو التكثيف الكهربائي لدى التعرض للضغط.
ومن الممكن استخدام هذه التقنية في الكثير من الأجهزة الجديدة، مثل القدرة على نقل الإشارة من الأطراف الصناعية إلى الدماغ، وتطوير أجهزة أمنية تستطيع التأكد من صحة توقيع شخص ما ليس بمقارنة الخط والتوقيع فقط، بل بمقارنة كمية الضغط التي تبذلها أصابع المستخدم ورسغه خلال عملية التوقيع، مع التوقع بإضافة هذه الميزة إلى الروبوتات الآلية لإضفاء حاسة جديدة عالية القدرة تستطيع محاكاتها.
وتقدم هذه التقنية الجديدة تطويرا يقدر بـ15 ضعفا من حيث كثافة المجسات والقدرة على التمييز مقارنة بالتقنيات الأخرى، وحساسية أعلى للمس تقدر بـ3 أضعاف مقارنة بالتقنيات الحالية. ويقدر الخبراء أن درجات الحساسية العالية الجديدة قريبة جدا من تلك الموجودة في الإصبع البشرية. وتوفر هذه التقنية قدرة على استشعار الضغط بقيمة تتراوح بين 10 و30 كيلوباسكال (تقدر كمية الضغط على زر لوحة المفاتيح في الكومبيوتر بـ20 كيلوباسكال)، وبكثافة تبلغ 8486 وحدة استشعار في السنتيمتر المربع الواحد (يوجد في رأس إصبع الإنسان 240 مستشعرا حسيا في السنتيمتر المربع الواحد) مقارنة بـ27 وحدة استشعار في السنتيمتر المربع الواحد للتقنيات الحالية.
وأكد الباحثون أن هذه التقنية لا تتأثر بتغير شكل السطح الذي يتعرض للضغط، أي أنه يمكن استخدامها في الأجهزة الإلكترونية المرنة. وجرب الباحثون أجهزة اختبارية تستخدم هذه التقنية بعد غمسها في الماء والملح لمدة 24 ساعة، ولم تختلف شدة الحساسية على الإطلاق، أي أنها لا تتأثر بتغير العوامل الخارجية. وعلى الرغم من أن هذه التقنية قد توفر آلية محاكاة اللمس، فإن العنصر الأساسي للاستفادة منها هو توفير برمجيات تستطيع التفاعل بسرعة وفقا للعمليات المختلفة للمحاكاة، وتوفير مدى استشعار أكبر.
أرسل تعليقك