الأسس الرئيسية للملكية الفرعونية
آخر تحديث GMT15:51:31
 لبنان اليوم -

الأسس الرئيسية للملكية الفرعونية

 لبنان اليوم -

 لبنان اليوم - الأسس الرئيسية للملكية الفرعونية

القاهره ـ وكالات

يرى مؤرخو الحضارة أن الملكية الفرعونية قد قامت على ثلاثة أسس تكاملية ميزت سماتها الرئيسية وجعلت منها صنوا للوحدة بين شطرى الوادى مقابل استثناء الانفصال على مدار التاريخ. ويمثل الأساس البيئى أول هذه الأسس استنادا إلى مبدأ «الأول بين الأكفاء» الذى كان يدفع بزعيم الجماعة لتنظيم استغلالها للإمكانات المتاحة على محدوديتها قبيل مرحلة اكتشاف الزراعة ونهج مبدأ الاستقرار. ما من شك أن هذا الأخير قد رسخ من دور قائد الجماعة بما منحه من امتيازات ونفوذ ضمانا لتنظيم المجتمع الجديد بسمته التعاونى وحمايته أو بالأحرى حماية نشاطه المستحدث من غائلة المخاطر. ومما لا شك فيه أن اختزال الكيانات الزراعية الصغرى فى كيانات أكبر قد جعل عملية التطور السياسى صنوا للتطور الاجتماعى ليلتقيا فى نقطة واحدة قوامها «النهر»، ولتصبح متطلبات شخصية الحاكم فى هذه البيئة الفيضية القدرات الخارقة التى تكفل نجاح دوره فى الوساطة بين الإنسان والطبيعة. وهو أمر لا يمكن تحققه إلا بصيغة الحتم فى وجود إدارة مركزية على رأسها شخصية متجاوزة للبشرية التقليدية لضبط إيقاع مفردات المجتمع التعاونى. وهو ما أفضى فى النهاية إلى حكومة مركزية لدولة موحدة القطرين على رأسها ملك يجمع كافة خيوط السلطة وعناصر قوتها فى أعتى صور الحكم الأوتوقراطى المناسب للبيئة الفيضية.  أما الأساس الثانى وهو التاريخى فيقوم على الإنجاز التاريخى لمينا فى توحيد القطرين، بعيدا عن أسطورية التسلسل الملكى من «أرواح أنصاف (أشباه) الآلهة». ذلك أن الوحدة تاريخيا لم تكن مجرد حل عملى لإزدواجية الإدارة بل إنها مثلت توجها إيجابيا لترسيخ مبدأ الثنائية وقدرتها على الإبقاء على المغزى الرمزى للثنائية الذى يفسر بقاءها واستمراريتها كقوة تمثل انقلابة شاملة تختلف عن الماضى السابق، لتصبح بها الدولة المركزية الموحدة تحت حكم ملك ليست البديل لأشكال مركزية الحكم بل أصبحت الشكل الوحيد المقبول. وهو المفهوم الذى كفل لها الارتفاع فوق تقلبات التاريخ ومحاولات الانفصال.  كما عبرت هذه الثنائية عن فهم المصرى للعالم من حوله بحكم انتظامه فى سلسلة من الأزواج المتقابلة والمتوازنة فى تعادلية غير متغيرة، أكثرها إلحاحا هنا هى ثنائية السماء والأرض. وهذه الأخيرة بدورها تشتمل على الأرضين (القطرين) الموزعين بين حورس وست واللتين تنتميان للعالم أكثر من التاريخ أو السياسة. ولعل هذا ما يفسر اتخاذ الملك للقب «سيد الأرضين» الذى يؤكد عالمية سلطته وليس تكريسا للثنائية التى أصبحت هنا شكلا للملكية المصرية لم ينتج عن أحداث تاريخية بذاتها إنما هى تجسيد لخصوصية الفكر المصرى القائم على كون المجموع عبارة عن متضادات متقابلة.  ولقد نجح مينا فى تكريس هذا المفهوم ليس فقط لأنه كان حاكما بلا أتباع (أى مجموعة الصفوة بالمفهوم السياسى) بل وبما تبناه من تدابير سياسية على رأسها توحيد شعارى الدلتا المتمثلين فى التاج الأحمر والكوبرا (وادجيت) ليتوازنا رمزيا مع التاج الأبيض وأنثى النسر (نخبت) شعارى الجنوب، وهو ما جعل الأمر تجسيدا عمليا لحمل الملك لقبى المنتمى للربتين وملك الوجهين. وفى ذات التوجه أيضا إنشاء خزانة الشمال ونظيرتها فى الجنوب ضمن مفردات الإدارة المركزية، فضلا عن الظهور الرمزى فى عيد التتويج (الحب سد) تارة فى بيت الشمال وأخرى فى نظيره الجنوبى. بل وأصبح استخدامه للقب «الإلهين» تجسيدا آخر للجمع بين المتصارعين حورس وست فى صيغة تصالحية، حتى إن الملكة ذاتها قد حملت لقب «التى ترى المتصالحين أى حورس وست». والمصالحة هنا ليست بالمعنى السطحى بل تتعدى ذلك إلى الانتصار غير المدمر وهو ما ينسحب على انتصار الجنوب بقيادة مينا على الشمال انتصارا دون تدمير، مما يفسر أيضا نجاح زواجه السياسى من الأميرة الشمالية فى تتويج كافة الشواهد السابقة على استيعاب الثنائية الشكلية للمتناقضات التاريخية.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأسس الرئيسية للملكية الفرعونية الأسس الرئيسية للملكية الفرعونية



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:05 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:48 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

أبرز العطور التي قدمتها دور الأزياء العالمية

GMT 15:27 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

علي ليو يتوج بلقب "عراق آيدول" الموسم الأول

GMT 11:57 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

برومو ”الاسكندراني” يتخطى الـ 5 ملايين بعد ساعات من عرضه

GMT 16:26 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:28 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لاستغلال زوايا المنزل وتحويلها لبقعة آسرة وأنيقة

GMT 09:37 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

طرق تنظيم وقت الأطفال بين الدراسة والمرح

GMT 14:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

متوسط أسعار الذهب في أسواق المال في اليمن الجمعة

GMT 19:03 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منى عبد الوهاب تعود بفيلم جديد مع محمد حفظي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon