إذا قدمتم لروبرتو تشيريتي مبلغا طائلا لشراء آلة غيتار من صنعه، سيرفض عرضكم على الأرجح، إذا ان هذا الإيطالي لا يعمل لصالح كبار هواة التجميع بل لمساعدة الموسيقيين في العوز.
يقع مشغل روبرتو تشيريتي في هضبة شمال غرب إيطاليا وتنتشر فيه غيتارات في طور الصناعة وأكوام من خشب الأرز والأكاجو وشجر التفاح وسط لوح كبير علقت عليه مخططات أولية من غيتارات كلاسيكية.
وأخبر هذا الخمسيني وهو أب لثلاثة أطفال حول بيته الصيفي المتداعي في غابات بييمونته إلى مشغل لصنع الغيتارات "صنعت آلتي الأولى من الكرتون عندما كنت في الثانية عشرة. وبالطبع لم ينجح الأمر، لكن الشغف بقي حيا".
وهو بات اليوم يصنع ما بين 5 و 6 غيتارات في السنة الواحدة يبيعها مقابل أغنية بغية مساعدة الموسيقيين الذين يعانون من تداعيات الأزمة الاقتصادية والتدابير التقشفية التي فرضت على ميزانية الفعليات الثقافية.
ويستخدم تشيريتي خشب الأشجار التي قطعها بيده، في الشتاء في أغلب الأحيان، إذا أن الخشب يكون أقل عرضة للتكسر. وهو يلم أيضا في بعض الأحيان حطب السيكويا والصنوبر من حدائق المنطقة.
ويختار الخشب بعنابة كبيرة وهو يستخدم مواد طبيعة أخرى، مثل عظم البقر لمركز الأوتار في الآلة الموسيقية.
وهو يستوحي تصاميمه من أعمال كبار صناع الآلات الموسيقية، مثل الإسباني أنتونيو توريس خورادو المعروف بتصميم أول غيتار كلاسيكية معاصرة.
وقد يصل سعر الغيتار المعاصرة المصنوعة يدويا إلى 25 ألف دولار، لكن روبرتو تشيريتي لم يخض هذا المجال لكسب المال.
وصرح الحرفي الذي يقصده أيضا الموسيقيون لإصلاح آلاتهم أن الغيتارات لا تصنع لتعرض خلف واجهات، "بل آلات لا بد من الحفاظ عليها مدى الحياة".
وأضاف "لا يقصدني سوى الموسيقيين وأنا لا أصنع غيتارات لهواة التجميع أو لهؤلاء الذين يريدون عرض آلات موسيقية في منازلهم".
وفتح تشيريتي منزلا لعائلته ملاصقا لمشغله. وهو يتبع نمط عيش جد متقشف، مفضلا استخدام مياه نبع مجاور بدلا من مياه الصنبور ومستعملا الحطب للطهي والتدفئة.
ويتطلب عمله صبرا طويلا لجمع المواد في الوقت المناسب وفق جدول زمني يعتمد على التقويم القمري لتفادي انتشار الديدان في الخشب.
وعندما يصبح الخشب جاهزا، لا بد من انتظار شهر قبل البدء بصناعة الغيتار.
وقال روبرتو تشيريتي "لا يسمح العمل في مجال لموسيقى بكسب الرزق، لذا أنا لا أطلب مالا في مقابل آلاتي، فأنا أقايضها"، مقابل آلات وأدوات خصوصا.
وقد يدفع الزبائن الميسورو الأحوال مبلغا يتراوح بين 2 و 7 آلاف يورو لشراء آلة، لكن من النادر حصول أمر من هذا القبيل.
وبالرغم من المصاعب جميعها، يحب تشيريتي عمله كثيرا، لكنه لم ينقل هذا الشغف لأولاده، على ما يبدو.
أرسل تعليقك