مع اقتراب شهر رمضان المبارك واستعداد الناس لقيام الليل وصلاة التراويح، ثارت حالة من الجدل في الأردن، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد صدور قرار وزير الأوقاف الأردني عبدالناصر أبو البصل برفع عدد ركعات صلاة التراويح خلال شهر رمضان المقبل إلى 20 ركعة، وتعميم هذه القرار على أئمة المساجد في الأردن، وهو ما يخالف ما اعتاد عليه الأردنيون في مساجدهم، حيث يؤدي أغلبهم صلاة التراويح 8 ركعات.
وبرر الوزير الأردني القرار بأنه "يأتي عملًا على إحياء سنة الخلفاء الراشدين في العبادات وتفعيلًا لدور أداء سنة التراويح في المساجد وسنة قيام الليل"، داعيا الأئمة إلى التخفيف على المصلين خلال رمضان في القراءة بصلاة التراويح".
رأي الإفتاء الأردنية:
لم يختلف رأي دائرة الإفتاء الأردنية عن رأي وزير الأوقاف الأردني، حيث نشرت الإفتاء الأردنية على موقها الرسمي فتوى يوم الأحد الماضي تفيد بأن مذاهب أهل السنة اتفقت على أن عدد صلاة التراويح هو عشرون ركعة، بل ذهب المالكية إلى أنها ست وثلاثون ركعة، وبناء على ذلك من صلى ثماني ركعات فقد أدى بعض هذه السنة، وله الثواب على ما صلى.
وأضافت في الفتوى أن أئمة المذاهب السنية نقلت كيفيتها عن السلف الصالح إلى عهد الصحابة الكرام رضي الله عنهم، ففي سنن البيهقي عن السائب بن يزيد رضي الله عنه أنه قال: (كَانُوا يَقُومُونَ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بِعِشْرِينَ رَكْعَةً، قَالَ: وَكَانُوا يَقْرَءُونَ بِالْمَئِينِ).
وأكدت الإفتاء الأردنية أن هذا ما عليه العمل في الحرمين الشريفين والمدن الإسلامية العريقة، فمن استطاع أن يأتي بها كاملة فقد أتى بالسنة كاملة، ومن لم يستطع فقد أتى ببعضها، وله أجر ما صلى، لكن ليس له أن يمنع ولا أن ينهى غيره عن إتمامها؛ لأن النهي إنما يكون عن فعل المنكر، والصلاة خير أعمال المؤمنين، قال صلى الله عليه وسلم: (الصَّلَاةُ خَيْرُ مَوْضُوعٍ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَسْتَكْثِرَ فَلْيَسْتَكْثِرَ).. رواه الطبراني، وقد قال الله تعالى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى. عَبْدًا إِذَا صَلَّى}.. [العلق: 9-10].
رأي دار الإفتاء في مصر:
اعتبرت دار الإفتاء المصرية أن عدد ركعات صلاة التراويح في اختلاف؛ حيث إنها ليست بفرض بل هي سنة مؤكدة، وقالت الدار في فتوى لها: "إن عدداً من الفقهاء ذهبوا إلى أن عدد ركعات صلاة التراويح إحدى عشرة ركعة بالوتر في حين ذهب الجمهور إلى أنها عشرون ركعة من غير الوتر".
وأضافت الدار في الفتوى أن صلاة التراويح ليست بفرض، فمن استطاع صلاتها عشرين ركعة فقد فعل المطلوب ومن لم يستطع صلاة العشرين صلى ما في استطاعته، ويكون بذلك مأجورا أيضا غير أنه لم يرق إلى درجة الكمال ولا يكون بذلك تاركا فرضا من الفرائض ولا فرق بين صلاة التراويح والقيام.
وأوضحت الفتوى أن من قالوا بأن عدد ركعات التراويح 11 ركعة تمسكوا بفعل الرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ففي الصحيحين عن عائشة رضى الله تعالى عنها: "ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد فى رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة منها الوتر"، مبينة أن جمهور الشافعية والحنفية وأحمد بن حنبل ذهبوا إلى أنها عشرون ركعة غير الوتر، واحتجوا بما رواه البيهقي وغيره بالإسناد الصحيح عن السائب بن يزيد الصحابي رضي الله عنه قال: "كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في شهر رمضان بعشرين ركعة " .
واختتمت دار الإفتاء فتواها بأن الدين يُسر ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، وسماحة الشريعة تقتضي من المسلمين ألا يصل بهم الاختلاف في مثل هذه الأمور من الدين إلى التداعي والتنابذ والتشدد إلى درجة العقيدة والإيمان ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه.
تعليق الأوقاف المصرية
وفي أول رد فعل لوزارة الأوقاف المصرية قال الشيخ جابر طايع، رئيس القطاع الديني بالوزارة، أنه في مصر لا يتم إجبار المساجد على صلاة عدد معين في التراويح ما دامت لا تخالف رأيًا فقهيًا معتمدًا، فالأمر على السعة.
وأضاف في مداخلة هاتفية على قناة "إكسترا نيوز" أنه في مصر يتم أداء صلاة التراويح في المساجد إما 8 ركعات أو 20 ركعة وحتى 36 ركعة، وهو ما جاء به العديد من الأحاديث النبوية الشريفة وقرره العلماء.
وقال في تعليقه: "حمل الناس على فقه واحد لا نقبله، وذلك به أحادية في التفكير.. ونحن نؤمن بالتنوع الفكري والفقهي حتى نثري الحياة العبادية"، مشيرًا إلى أن الأزهر الشريف يؤمن بالتنوع الفقهي مما يثري الحياة العبادية في مصر ويراعي كافة الظروف والحالات للمصلين.
أرسل تعليقك