اللغة في معترك الحضارة والحداثة
آخر تحديث GMT18:31:02
 لبنان اليوم -
ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم مسلح بشمال غرب باكستان إلى 17 قتيلاً على الأقل و32 مصاباً تحطم طائرة من طراز “دا 42″ تابعة للقوات الجوية المغربية بمدينة بنسليمان استشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابة أخرون في قصف للاحتلال الإسرائيلي على منطقة المواصي جنوب قطاع غزة غرفة عمليات حزب الله تُصدر بياناً بشأن تفاصيل اشتباك لها مع قوة إسرائيلية في بلدة طيرحرفا جنوبي لبنان وزارة الصحة اللبنانية تُعلن استشهاد 3583 شخصًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على البلاد وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023
أخر الأخبار

اللغة في معترك الحضارة والحداثة

 لبنان اليوم -

 لبنان اليوم - اللغة في معترك الحضارة والحداثة

اللغة في معترك الحضارة والحداثة
بيروت - لبنان اليوم


أهمية اللغة في تاريخ الحضارة:

بعد تأكيد ضرورة الأخذ بقوانين الفكر ومنهجيته في الدراسة الأدبية وأهمية ذلك في تقسيم المعاني لإقامة حدود الألفاظ، للتواصل من خلال «الماهيّات» إلى بيّنات واضحة وأحكام معقولة وجليّة... ننتقل في هذه المرحلة من المنطق الصوري إلى «الاستقراء»، واستخلاص «المفاهيم» استعداداً لولوج آفاق هذه الدراسة، بأبعادها المتشعبة، ملتزمين في هذا الجانب قواعد «علم الأصول» لمعرفة الدلالات التي تحملها مادة «البحث» من الناحيتين اللغوية والفلسفية، وما لحق بها من تكيّف، بحكم التطوّر في تاريخ الفكر.

وشيء آخر حريّ بالنظر، تلك الصلة التي تربط النقد الأدبي بالتاريخ، وهي ليست موضع جدل، لأن الآثار الأدبية تشكّل جانباً أساسياً في التراث الفكري للشعوب، فالآداب، في شموليتها، كانت ولا تزال مقياساً لدرجات الرقيّ التي وصلت إليها الأمم ومرآة لمقوّمات الحضارة التي حققتها على الصعيد العالمي. وطبيعي أن تحتل اللغة مركزاً خاصاً في حقل هذه الاداب ومضمار تلك الحضارة، بوصفها الأداة المعبّرة عن الاتجاهات الفكرية التي لا قوام لأي مجتمع بدونها، فهي «من أعرق مظاهر الحضارة البشرية... وأول حلقة في سلسلة النشاط الإنساني، وجزء هام من السلوك البشري، فلها دورها في العلوم... ولها شأنها في تكوين المجتمعات الإنسانية... ولها أهميتها في كل صور الرقيّ البشريّ».

هذا الترابط الوثيق بين اللغة والأدب في تاريخ الحضارات يخوّلنا أن نقرّر بأن «المعجم التاريخي» للغة ما، إنما هو وجه معبّر عن مدى ازدهارها، ومستوى تجربتها في المحيط الإنساني، فبدونه يفقد الفكر القدوة على الابتكار، ويتأخّر عن مواكبة مسيرة التطوّر، باعتبار «ان اللغة ظاهرة إنسانية» اجتماعية كالعادات والتقاليد والأزياء ومرافق العيش، وبها نستقصي الملامح المميّزة لكل مجتمع». وواضح من كلام الدكتورين ريمون طحان وصبحي الصالح ان قيمة اللغة منوطة بدورها الاجتماعي ووظيفتها في التفاعل الحضاري، ففي: العالم المعاصر أكثر من ثلاثة آلاف لغة، ولكن هذه اللغات يقتصر استخدامها على أعداد محدودة من البشر... وهناك إحدى عشرة لغة من هذه اللغات - ومنها العربية - ... يُمكن وصفها بأنها من اللغات الدولية، فاللغة الدولية لا لتتحدّد مكانتها بانتشارها وعدد أبنائها فحسب، بل لتتحدد مكانتها بأهميتها الحضارية واقبال غير أبنائها على تعلّمها والتعامل بها. فاللغة لا تعيش إلا في جماعة لغوية ولا ترقى إلا بالإنسان.

محاكمة اللغة العربية:

ومع إن اللغة العربية تدخل في عداد اللغات العالمية الحيّة، فإن نفرا من المفكرين، وبينهم «الألسنيّون» يأخذون على هذه اللغة - في حاضرها - قصورها في ميدان المعاصرة، وتعليل هذا العجز يعود إلى ظاهرتين:

- في الظاهرة الأولى: لا مناص من الاعتراف بأن اللغة مثل أي كائن حيّ، خاضعة لقوانين التطوّر وسنّة النشوء والارتقاء، أو بالأحرى يجب إخضاعها لهذه القوانين.

- في الظاهرة الثانية: تجب ملاحظة النموّ المتزايد للإستنباط العلمي واكتشافاته في عصر تقدّمت فيه وسائل البحث، وتزايدات قدرة الإنسان على تخطّي الظواهر الكونية إلى إدراك عللها وفهم أسرارها.

أمام هذين الوصفين: حاجة اللغة للتطوّر، وسرعة نموّ الدراسات العلمية، وبالتالي إتساع مجال «التقنيات»، وتزايد المصطلحات - لا بدّ من التفكير بضرورة التوفيق والجمع بين الحاجة والتكيّف. وواضح أن غياب هذا التوفيق يضع اللغة العربية في موضع الإتهام لتباطؤ استجابتها لأغراض العلم الحديث، بالقياس إلى الجهود التي تبذلها اللغات، اليوم، حتى تبقى قادرة على أداء دورها الحضاري. قد يكون للغتنا أمام محكمة الحضارة بعض العذر الذي يدرأ عنها أحكام الإدانة الشديدة أو الصارمة، كلما رفعت قضيتها أمام منصة التاريخ. إلا أن هذا العذر لا يغيّر من الحقيقة الصارخة شيئاً ولا يعفي حماة اللغة الغيارى على مصيرها من التبعة الملقاة على عواتقهم، والمسؤولية التي يتوجّب عليهم النهوض بها، والتي تتلخص بادئ ذي بدء بالإذعان لسنّة التبديل والتغيير، وبالعمل ثانياً على دفع اللغة في مسيرة التحضّر لتكون منافساً كفوءاً في حلبة التقدّم والإزدهار:


فقد واجهت «العربية» حقبة طويلة من الإهمال خلال العصر الذي اصطلح على نعته بالإنحطاط، والذي امتدّ نحواً من ستة قرون، أناخت على صدر اللغة بكلكل دهري فصمدت أمام هذا الزمن بالقياس إلى العلوم اللسانية والدينية، ولكنها حين استفاقت من رقادها العميق وجدت نفسها تعاني من الشيخوخة والهرم في ميادين العلوم العقلية، وغير مؤهّلة لخوض الأبحاث الاجتماعية والإنسانية، فضلاً عن حقول العلوم البحتة. وهي لم تكد تستعيد منذ قرن حتى الآن بعض ما فاتها في الماضي البعيد حتى وجد القيّمون عليها أنها تعاني أمام صدمة الحداثة، من قصور مدقع يحول بينها وبين مجاراة قضايا العالم المعاصر بعد القفزة الهائلة التي قفزها الغرب في آفاق الاكتشاف والاختراع، في عصر تفجير الذرّة وارتياد الفضاء ورصد المدارات والمجرات الكونية النائية. وقد لاحظ الدارسون ان اللغة العربية ليست في عزلة عن التطوّر العلمي وحسب، بل باتت ترتاب من كفاءتها في التعبير عن زمرة العلوم التقليدية وعن زمرة علوم الأدب التي تعقّدت أحياناً أكثر من تعقّدها في العلوم البحتة. فأين موضع هذه اللغة من سائر اللغات التي أكسبها التطوّر العلمي رصيداً هائلاً من المرونة والتكيّف والقدرة على التحوّل؟ أين هي على سبيل المثال مما جرى في علوم المنطق والاجتماع والعلوم اللسانية.

فالمناطقة - بتأثير لايبنتز (1646 - 1716) يستخدمون اليوم رموزاً شبيهة بالرموز الرياضية، مستعينين بالمنطق الصوري، والرياضي. وهم بذلك إنما يدأبون على تعزيز لغة المنطق، الأكثر دقة، ويعملون على تطويرها بعيداً عن اللغة التي ألفها النّاس، لتكون لهم لغة من صنع منطقي، تشكّل نظاماً لسانياً أكثر انفتاحاً. وفي الإطار ذاته راح علم الإجتماع في خضم العلوم التجريبية، يعتمد «أساليب الأحصاء والخطوط البيانية»، بينما نهجت الألسنية نهجاً علمياً فلجأت إلى العلوم الحديثة لتستعير منها «المعادلات والمختبرات وآلات الإحصاء، والترجمة الآنية...».

في ضوء هذه المقارنة بين واقع اللغة العربية، وغيرها من اللغات التي لا تفتأ في سعي حثيث إلى مزيد من التطوّر والتحديث، نلمس حقيقة المأزق الذي يربك لغة العرب ويجعلها في تُصوّر الكثيرين - قصيرة الباع في معترك الحضارة.

مشكلات اللغة العربية:

تكمن مشكلة اللغة العربية في ضوء الواقع الذي أوجزنا أبعاد الأساسية، في كونها تواجه عند المعنيين بشأنها مسارين متعارضين: قديم وجديد، يتصارعان مشدودين إلى إيديولوجيات متشاكسة، متعددة في أسبابها وغاياتها، فبينما يذود أنصار القديم بكل قواهم عن اللغة الكلاسيكية لأنها شكلها الأصيل أجود مما هي عليه الآن. يدأب أنصار التجديد على إيجاد لغة تنصاع لنظرية الصيرورة وأحكامها. فمشكلة اللغة العربية ترتبط في - جانب منها - بالعداء المستحكم بين القدماء والمحدثين الذين يتبادلون الإتهام وكل ألوان التشنيع. فالقدماء يوجّهون إلى المجدّدين الملامة في خروج اللغة عن قواعدها وما آلت إليه من الضعف. والمجدّدون بدورهم يحمّلون التقليديين سبب جمود اللغة وإبتعادها عن الحياة العامة، ويعلنون فضلهم في إحيائها والحفاظ عليها ما داموا يمدّونها بعوامل التجدد وطرائق التطوير المختلفة، بالترجمة والنقل واعتماد المستحدث من الأساليب في تآليفهم ودواوينهم. وبين هؤلاء المجدّدين أدباء المهجر ومن اقتدى بهم في مواطن الأدب المقيم.

العلّة ليست في جوهر اللغة:

في رأينا أن العلّة الأساسية في واقع اللغة العربية، ليست في طبيعة اللغة أو جوهرها، بقدر ما هي في تزمّت التقليديين وجمودهم، وعدم فصلهم - في معالجة قضايا اللغة - بين كونها لغة الكتاب الكريم والتنزيل، وكونها أداة التعبير عما يستنبطه العقل وتولّده الأحداث والوقائع، في مجرى التاريخ المتدفق أتيّه بلا هواده.

ومع أن جانباً من مشكلة اللغة العربية مرجعه ما أشرنا إليه من ذرائع القدماء التي لا يقرّها التنزيل نفسه... الذي أكد ضرورة الاحتكام إلى العقل، ودعا إلى الإعتبار بقواعده وأصوله، فإن السهم الأكبر من المشكلة مرجعه أحياناً سوء فهم المحافظين عندنا لآراء نفر من جهابذة اللغة القدامى أمثال أحمد بن فارس وابن جني، والأول يقول بأن اللغة «توقيف»، بينما يقول الآخر بأن اللغة «اصطلاح».

قد يهمك ايضا

"البشوت" النسائية تجتاح الأسواق السعودية

 

 
lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اللغة في معترك الحضارة والحداثة اللغة في معترك الحضارة والحداثة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
 لبنان اليوم - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر
 لبنان اليوم - اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 10:05 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
 لبنان اليوم - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 15:29 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تستعيد حماستك وتتمتع بسرعة بديهة

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 23:27 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 05:15 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

لجنة الانضباط تفرض عقوبات على الأندية العمانية

GMT 13:13 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:04 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

للمحجبات طرق تنسيق الجيليه المفتوحة لضمان اطلالة أنحف
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon