عمان ـ زياد جيوسي
شهدت العاصمة الأردنية عمَّان، على مدى أربعة أيام متواصلة، حدثًا ثقافيًا متميزًا، للعام الخامس على التوالي، وهو ملتقى "فضاءات" للإبداع العربي، في دورته الخامسة (دورة الكاتب غالب هلسا)، والذي أقامته دار "فضاءات"، تحت شعار: "دفاعا عن حق الاختلاف- الإقصاء والعنف سلاح العاجز"، في قاعة "غالب هلسا"، في رابطة الكتاب الأردنيين، في جبل اللويبدة، حيث بدأت الفعاليات، تحت رعاية وزير الثقافة، وبحضور الكاتب والروائي هزاع البراري، مستشار وزير الثقافة، ومدير مديرية الدراسات والنشر في الوزارة، والذي القى كلمة نيابة عن الوزير نبيه شقم، ثم ألقى الشاعر والكاتب جهاد أبو حشيش، مدير دار "فضاءات"، كلمة افتتاحية، قال فيها: "من ينظر إلى خارطة المشاركين في هذا الملتقى، سيجدُ أنها تمثل أطيافًا عدةً، لكنها تجتمعُ تحت مظلةِ رفضِ الإقصاء، ونبذ العنف، أيًا كان مصدرُه، وتتعاملُ مع هذا البلد كبيت واحد، نتفق ونختلف لنحافظ على قدرتِنا في العمل من أجل تطوره، وتقدُّمِه، ونبذ كلِّ ما من شأنه أن يكون غريبًا عن كل ما هو إنساني، وعقلاني، وما قد يقف ضد حرية الإنسان".
ثم القت الروائية نبيهة عبد الرازق كلمة الكُتاب، وقالت فيها: "أتشرف اليوم، أصدقائي الكتاب، أن أنوب عنكم في بيان كلمة الكُتاب، وأتشرف بكم أيها الحضور الكريم، وأنا أقف أمامكم في هذا الملتقى، ملتقى فضاءات للإبداع العربي، في دورته الخامسة، دورة الكاتب غالب هلسا، الكاتب الأردني، الذي بدأ أولى محاولاتة الكتابية في الرابعة عشرة من عمره، والذي تقلَّب في مختلف البلاد العربية، من لبنان إلى مصر وسورية والعراق، والذي أخذ على عاتقه الدفاع عن الحق العربي، فاختار حمل السلاح في يدٍ، وفي الأخرى حمل القلم".
وشارك في الملتقى كتاب وشعراء من دول عربية عدة، منها، إضافة إلى الأردن، البلد المضيف، فلسطين، والعراق، وسورية، واليمن، والجزائر، ففي محور الرواية، شارك كل من الدكتور حازم كمال الدين، من العراق، والروائي محمد برهان، من سورية، والروائية فلسطين أبو زهو، والروائية عبير عودة، من فلسطين، والروائي الدكتور فادي المواج، والروائي زياد محافظة، والشاعر والروائي جهاد أبو حشيش، والروائي عبد الرزاق بني هاني، والروائي نائل العدوان، والروائية نوال قصار، من الأردن.
وفي محور نقد الرواية، شارك كل من الدكتورة مها القصراوي، والدكتور بلال كمال رشيد، والدكتور نزار قبيلات، والناقد تيسير نظمي، والأستاذ محمد جميعان، والدكتور ديانا رحيل، من الأردن، والدكتور محمد المحفلي، من اليمن، والناقدة الجزائرية بهاء بن نوار، وألقى شهادتها النقدية الدكتور فادي المواج، بسبب تعذر الحضور.
وفي مجال الشعر، تألق عدد من الشعراء، كالدكتور علي جعفر العلاق، من العراق، وإياد شماسنة، من فلسطين، والدكتور راشد عيسى، ويوسف عبد العزيز، ومها القصراوي، وكوثر الزعبي، وشوقي غانم، من الأردن. أما في مجال القصة، فشارك كل من محمد برهان، من سورية، ولنا الفاضل، من العراق، وعبد الكريم القواسمي، وأحمد حليوة، ومحمود الريماوي ويوسف ضمرة، من الأردن، والذي لم يحضر بسبب وعكة صحية، وقرأ بالنيابة عنه الروائي محمد برهان قصتين من قصصه. وفي محور السرد، شارك كل من الكاتبة صابرين فرعون، والكاتبة سعاد المحتسب، من فلسطين، والكاتب خالد سامح، والكاتب رشاد أبو داوود، من الأردن.
وفي جلسة خاصة عن ذكرى المبدع غالب هلسا، قدم شهادت، تناولت مسيرته، كل من الدكتورغسان هلسا، وضرغام هلسا، حيث قدما شهادت عايشوها مع الفقيد، ومن ثم تحدث الدكتور زياد أبو لبن، رئيس رابطة الكتاب الأردنيين، وقدم شهادته عن الفقيد. وأدار الجلسات، على مدى الأيام الأربعة، كل من الدكتور فادي المواج، والدكتورة هناء البواب، والدكتور عماد الضمور، والدكتور حسين العموش، والروائي أحمد أبو سليم، والشاعر سعد الدين شاهين، والدكتور غسان عبد الخالق، من الأردن، والدكتور حازم كمال الدين، من العراق، والكاتب والإعلامي زياد جيوسي، من فلسطين.
وكانت الجلسة الختامية تكريمًا للمبدعين جميعًا، ولكُتاب الدار عامة، من خلال أربعة من كبار كُتابها، الذين جرى تقديم درع "فضاءات" لهم، حيث تم تكريم كل من الشاعر والناقد الدكتور علي جعفر العلاق، منالعراق، والذي ألقى كلمة، قال في بعض منها: "ما الذي يحلم به شاعرٌ أمضى 50 عامًا من عمره ساهرًا على لغته، ينفض عنها الغبار، والصخب، والترهلات الفائضة عن الحاجة؟، أليس ما يحلم به هو الإصغاء الصافي، والتفاعل الحيّ مع ما أنجز وكتب؟، إن فوز الشاعر بتقديرٍ ما هو فوزٌ بالنيابة عن كل شاعرٍ، جرّب السهر والمشقة من أجل قصيدةٍ، تحرص على بلاغتها، وكرامتها الإنسانية".
كما تم تكريم البروفيسور كمال أبو ديب، من سورية، وهو مقيم في لندن، وبسبب عدم تمكنه من الحضور، فقد جرى التواصل معه عبر تطبيق "سكايب"، حيث قال في بعض من كلمته، التي ألقاها للحفل والحضور: "في حياة كل منا لحظات استثنائية، في عمق تأثيرها غبطة أو أسى، وهذه اللحظة إحداها في حياتي الشخصية، وهي إحدى لحظتين كلتاهما مرتبطة بالأردن، وهما لحظة خروج ولحظة رجوع، وكلتاهما لحظات درامية بحق، فقد خرجت من الاْردن قبل ٣٠ عامًا، مطوقًا بتكنولوجيا الأسلحة الحديثة، وها أنا ذا أعود محفوفًا بتكنولوجيا المعرفة الحديثة، وشتان ما بين تلك وهذه، لحظة الرجوع الآن تفيض متعة، وتشع غبطة، لأنني ألتقي فيها بكن وبكم، في احتفال معرفي غني بالدلالات، ومن جمال دلالاته أنه يحتفي بكاتب التقيته وأنا طالب جامعي في دمشق، وهو منفي من بلده، والآن يحتفي بلده به ببهاء واعتزاز، لأن جيلاً جديدًا تربى على معارف وقيم، أسهم غالب هلسا في إثرائها، وتتاح لي فرصة أن يكرمني هذا الجيل الجديد، في عرين غالب هلسا، وضمن الاحتفاء به، وأنا ما أزال منفيًا عن فضائه، بعد أن بذلت ما استطعت بذله من جهد، في إثراء المعارف والقيم، وإن ذلك لأجمل ما كان غالب هلسا ليسعد به، وهو أجمل ما تحقق لي، وإني لمغتبط به". ثم تم تقديم الدرع إليه نظريًا، وشاهده عبر الشاشة، على أن يصله في أقرب فرصة.
والمكرم الثالث كان الدكتور عبد الرحمن المزين، من فلسطين، والذي شكر الحضور، وشكر دار "فضاءات"، وألقى كلمة طويلة، تحدث فيها عن تجربته الفنية، عبر مراحلها الطويلة، ليأتي بعدها تكريم الروائي جمال ناجي، من الأردن، والذي القى كلمة ارتجالية ومختصرة ومعبرة، عبر فيها عن شكره وتقديره لـ"فضاءات" وكُتابها، وللحضور الكريم، ليختتم الحفل الختامي بكلمة للشاعر والروائي جهاد أبو حشيش، مدير عام دار "فضاءات"، قال في بعض منها: "لقد باتت الظلامية، على اختلافِ مساراتِها، والإقصاء، بكل أشكالِه، يتغولان ليبتلعا كلَّ ما هو إبداعيٌّ وجميل ومتطورٌ، في مجتمعاتِنا العربية، وصار الاحتقانُ والعنفُ هما الظاهرةَ التي تحتل الذهنيةَ السائدةَ عربيًا، وبالتالي بتنا جميعا مطالبين بضرورةِ ممارسةِ دورِنا، كمؤسساتٍ خاصةٍ معنيةٍ بالثقافةِ والمجتمعِ، وآن لنا أن نغيرَ صورةَ الناشرِ التقليديةَ، لنجعلَه شريكًا للمجتمع المدنيَ والرسميِّ، وليمارسَ دورَه الحقيقيَّ، المساهمَ في قيادةِ المجتمع إلى ما هو أفضل، فمن يفكرْ كيف يبيعُ الكتابَ فقط، ولا ينتبهْ لتنمية مجتمعِه، لن يجدَ قارئًا، لهذا نقول للجميع إنْ لم تساهموا من أجل مجتمعاتِكم، فساهموا من أجل أنفسِكم، ولكننا سنساهمُ، ونقومُ بدورِنا، لأجلِ قناعتِنا، التي نؤمنُ، بها ولأنّنا نؤمنُ أنَّ التاريخ لا يرحمُ الأدعياء، ولو طال الوقت". واضاف: "فيما يخص التكريمَ في هذا الملتقى، فهو حقٌّ لا نجاملُ فيه أحدًا ولا نحابي، ولكننا ننظر ونمحصُ، فنرى المستحقَّ المبدع، والذي لم يتجاوز الخطوط الحمراءَ لأمته، ونقصدُ بها هنا البقاء في صف أمتِه، اتفق معها أو اختلف، والدفاع عنها من خلال إبداعه، ولم ولن نشخصن، فلدينا من الجراءةِ في هذا ما يكفي لنكونَ صادقين، في وقت باتت في الوجوه تجامل بعضَها في المرايا"، ليعلن عن انتهاء فعاليات منتدى "فضاءات" للإبداع العربي، في دورة الكاتب غالب هلسا.
أرسل تعليقك