فقدت مدينة الموصل، الخميس، معلمًا تاريخيًا ودينيًا يُضاف إلى معالمها الأخرى التي فقدتها منذ أن سيطر على المدينة عناصر تنظيم "داعش" المتطرف في العاشر من حزيران/يونيو من العام الماضي.
وأقدم "داعش" على هدم أجزاء كبيرة من بوابة نركال التاريخية شرق الموصل، وآثار وصروح تاريخية في ناحية النمرود جنوب المدينة، كما فجَّر التنظيم المتطرف على تفجير جامع الخضر الآثري وسط مدينة الموصل.
وأكد مصدر محلي في نينوى، أنَّ عناصر تنظيم "داعش" أقدموا الخميس، على تهديم أجزاء كبيرة من بوابة نركال التأريخية في الساحل الأيسر شرق الموصل، كما أقدم على هدم آثار وصروح تأريخية في ناحية النمرود جنوب الموصل.
وأضاف المصدر ، أنَّ التنظيم فخخ ما تبقى من بوابة نركال تمهيدًا لتفجيرها.
وفي سياق متصل، أقدم التنظيم المتطرف على تفجير جامع الخضر الأثري وسط مدينة الموصل، حيث فخخوا الجامع بالعبوات الناسفة ونسفوه بالكامل.
وجامع الخضر هو جامع تاريخي يقع وسط مدينة الموصل في شارع الكورنيش، ويقع على شاطئ نهر دجلة، وسمي بالجامع المجاهدي باسم بانيه مجاهد الدين قيماز وكان يعرف بهذا الاسم إلى القرن التاسع للهجرة.
وكان يعرف أيضًا بجامع الربض؛ لأنه يقع في الربض الأسفل من المدينة، وفي القرون المتأخرة صار يعرف بـ"جامع الخضر" لاعتقاد العامّة من أهل الموصل أنّ للخضر مقامًا به.
وسمي أيضاً بالجامع الأحمر؛ لأن مصلاه كان مصبوغًا باللون الأحمر.
وبدوره نشر تنظيم "داعش"، الخميس، مقطع فيديو يظهر عناصر تابعين له وهم يهشمون القطع الأثرية في متحف الموصل بالمطارق والحفارات اليدوية "الدريلات".
كما يقوم عناصر تابعون للتنظيم بتحطيم التماثيل الأثرية على سور نينوى الآشوري، وأبرزها الثور المجنح، باستخدام الحفارات اليدوية، بداعي أنها أصنام وثنية لا يجوز الإبقاء عليها.
وتأسس متحف الموصل الحضاري في عام 1951، وتعود معظم الآثار الموجودة فيه إلى الإمبراطورية الآشورية ومملكة الحضر، وقد تم الحفاظ على هذه الآثار طيلة العصور الماضية.
وفي سياق ردود الأفعال على هذه الجريمة الأخرى التي يرتكبها تنظيم "داعش"، استنكر رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري، الخميس، ما قامت به عناصر "داعش" المتطرفة بتفجير المتحف التاريخي في مدينة الموصل ونهب وتخريب ما فيه من أثار ومخطوطات تاريخية.
وأوضح الجبوري، أنّ هذه المجاميع الظلامية تثبت في كل يوم إنها عدو للعراق بماضيه وحاضره ومستقبله.
وأضاف أنّ تاريخ هذه المدينة الناصع والذي يمثل تاريخ الحضارة البشرية لا يمكن لمثل هذه الثلة الضالة أن تمحوه أو أن تمحو تاريخ أهل هذه المدينة الذين باتوا بانتظار نداء الوطن ليطهروا مدينتهم من كل غريب دخلها.
وشدد أنّ هذه الأعمال الإجرامية التي أقدم عليها "داعش" جعلت من العراقيين بكل دياناتهم وطوائفه وقومياتهم أكثر توحدًا وعزمًا على إنهاء وجود كل أشكال التطرف في بلدهم العراق.
من جانبه، أدان وزير السياحة والآثار عادل شرشاب، الخميس، عملية هدم الآثار التي نفذها تنظيم "داعش" في متحف الموصل الخميس، مُشيرًا إلى أنه يضم نفائس عالمية، مؤكدًا سعيه مخاطبة الإنتربول لمعرفة فيما إذا كانت هناك قطع أثرية تسربت إلى دول الجوار.
وقال شرشاب، خلال حديث لـ"العرب اليوم"، إنَّ "وكالات الأنباء تناقلت مقطع فيديو لإعتداء العناصر المتطرفة على متحف الموصل الذي يضم ثلاث قاعات ومخازن تحتوي آثار ونفائس عالمية تمثل ذاكرة التراث الإنساني"، مُبينًا أنَّ "ما جرى الخميس ينسجم تمامًا مع الطبيعة الإجرامية لتلك العناصر.
وأضاف شرشاب، نستنكر هذا الفعل الذي يمثل اعتداًء على الحضارة الإنسانية، وسنخاطب الإنتربول الدولي لمعرفة فيما إذا كانت هناك قطع أثرية تسربت إلى دول الجوار"، داعيًا الأخيرة إلى "التعاون معنا انسجامًا مع قرار مجلس الأمن الدولي الأخير الذي يجرم التعامل بالآثار العراقية".
وتابع شرشاب، إنَّ الحفاظ على هذه الآثار مسؤولية عالمية لأن عدونا عدو دولي، مُشددًا بالقول "إننا نتابع التطورات الموجودة أولًا بأول وسنخبر المنظمات الدولية بشأن تنسيق المواقف في هذا المجال".
وأعرب عضو كتلة مستقلون البرلمانية النائب محمد الشمري، الخميس، عن إدانته الشديدة لما وصفها بـ"الجريمة الوحشية" التي إرتكبها تنظيم "داعش" المتطرف بحق الآثار والإرث العراقي والإنساني بمتحف الموصل.
وقال الشمري، خلال تصريح لـ"العرب اليوم"، أنّ "داعش" المتطرف لم يكتف بجرائمه الوحشية باستهداف العراقيين من دون استثناء بل تمادى ليستهدف المنطقة والإنسانية جمعاء من خلال استهداف آثارهم وارثهم.
وأوضح الشمري، أنّ انقضاض "داعش" على الأثار في متحف الموصل، الذي يعد من حيث الحجم والمساحة والمخزون الأثاري بالمرتبة الثانية بعد المتحف الوطني الموجود في بغداد، وصب جم غضبهم على ما تحمله هذه الأثار من قيمة ليس للعراقيين فقط، إنما للإنسانية أجمع، جريمة تعبر مرة أخرى عن عقلية متخلفة معادية لكل ما هو حضاري وإنساني.
أرسل تعليقك