لندن ـ وكالات
حاول سكان جزر برمودا، الذي لا يتجاوز عددهم 65 الف نسمة، تجاهل ظاهرة المثلث أو تخطيها إذا صح التعبير، من أجل جذب أكبر عدد من السياح إلى المكان الخلاب بطبيعته. فهناك ما يكفي من جمال الطبيعة وروعتها، وهذا ما يريده أي سائح يسعى إلى الاسترخاء والراحة والتمتع بإجازته بين الخضرة والماء والوجه الحسن.
وبرمودا الواقعة على بعد ألف كلم تقريبًا من شواطئ كاليفورنيا الأميركية هي أرخبيل من 360 جزيرة، 20 منها مأهولة فقط، وتضاهي بجمالها اي جزيرة في البحر الكاريبي. وتتأثر ماؤها بالتيارات الآتية من الخليج، ما يجعلها مكانًا مناسبًا لهواة ركوب الأمواج، وتنافس أعذب المياه في كل المنطقة الكاريبية بصفائها وجمال أعماقها حيث الصخور المرجانية رائعة الألوان، اضافة إلى شواطئها ذات الرمال الوردية، فيعيش السائح طبيعة غير عادية يزيد سحرها الغابات الاستوائية الصغيرة المنتشرة هنا وهناك.
وهذه الجزيرة خلت من المواطينين الاصليين، إذ سكنتها اقليات كان تحط الرحال ثم تترك المكان إلى أن اضطرت سفينة بريطانية إلى رمي مرساها على شاطئها في العام 1600، وانزال كل ركابها لعدم تمكنها من متابعة الرحلة. فظلوا هناك وتكاثروا واحضروا بعد ذلك المئات من سود افريقيا كخدم وعمال ليشكلوا في النهاية اليوم سكان برمودا.
نمط بريطاني
صهرت هذه الحادثة العلاقة بين بريطانيا وبرمودا منذ ذلك الوقت، لذا فان الطابع البريطاني في تركيبة الجزيرة واضح للعيان، وهي اليوم عضو من الكومنولث اسوة بكل المستعمرات البريطانية، ويحكمها حاكم يعين من قبل الملكة البريطانية. ولا داعي للحديث عن أنواع الرياضات البريطانية التي تمارس في برموندا مثل الغولف، فمع أن مساحة برمودا ليست سوى 53 كلم مربعًا لكن فيها ثمانية ملاعب للغولف، تقام فيها أشهر المباريات، لذا تعتبر منتجعًا للسياح الأغنياء ومعظمهم من الولايات المتحدة، إضافة إلى رياضة الغوص، ليس حبًا فقط برياضة الغوص بل للبحث عن كنوز في خزائن حطام 300 سفينة قيل إنها غرقت خلال حروب القرون الماضية.
ومن المعالم الاثرية التي تفخر بها برمودا القلاع التي بناها البريطانيون في القرن التاسع عشر، حيث كانت العمارة البريطانية في اوج شهرتها، منها اقدم منزل في حي القديس جورج وبيت المفوضية وقلعة تحولت إلى مركز ثقافي يضاف إلى ذلك حديقتها التي تتضمن اغرب أنواع الأزهار والأشجار والنباتات، التي أتى بها البحارة من كل العالم وعرجوا على الجزيرة، ومركز البحوث في أعماق مياه البحر ومغاور الكريستال.
السياحة المتكاملة
يتدفق السياح لمشاهدة اكواريوم برمودا التي تعيش فيه أنواع من السمك أشكالها غريبة، ونفس الحال في متحف برمودا للحيوانات المائية والدلافين، حيث تقام العروض على مدار الساعة تقريبًا.
وإلى جانب هونغ كونغ والفاتيكان، فإن جزر برمودا المأهولة تعتبر من اكثر الاماكن كثافة بالسكان، وكل بيت تقريبا يملك سيارة لذا فإن السائح فيها لا يحق له استئجار سيارة، ووسائل التنقل تكون اما عبر الدراجات النارية او التاكسي او الحافلات او العربات المتوافرة بكثرة.
والاشهر الأكثر حرًا في برمودا تمتد من أيار (مايو) حتى منتصف تشرين الأول (اكتوبر)، حيث تصل الحرارة إلى 29 درجة مئوية في الوقت الذي لا تتعدى فيه الحرارة 21 درجة في بقية الأشهر. وبعد يوم طويل من التجوال أو السباحة أو الغطس أو التنزه بين احضان الطبيعية، لا داعي للحيرة عند الجوع ففي كل مكان في الجزيرة تتوافر المطاعم الايطالية والفرنسية والاميركية وحتى الهندية، ولا غرابة في مشاهدة مطاعم تقدم مأكولات شرق أوسطية.
المثلث الخيالي
اما فيما يتعلق بمثلث برمودا، فإن بعض الشركات السياحية استغلت فضول الكثيرين من أجل القيام برحلة إلى المناطق البحرية التي قيل إن سفنًا وطائرات اختفت فيها. لكن سلطات الجزيرة لا تسمح بالاقتراب كثيرًا منها ما يزيد من حب الاطلاع والفضول.
مع ذلك، فغن العديد من التقارير والبحوث تشير إلى أن سبب الكوارث ليست حقولًا مغناطسية قوية جدًا تسحب السفن والطائرات إلى قاع البحر كما تردد، بل في الأغلب هي نتيجة اخطاء كبيرة ارتكبها الملاحون منها الاعتماد على بوصلات غير دقيقة في تحديد المواقع، أو أعمال تخريبية وتدمير متعمد خلال الحرب العالمية الثانية او اخطاء بشرية.
ومن غير المستبعد أن تكون العواصف الاستوائية التي تكثر في هذه المنطقة هي السبب او الامواج المدمرة التي ما زالت تسبب غرق سفن كثيرة. لكن سكان برمودا يقولون إن الكثير من السياح ما زالوا يأتون بهدف مشاهدة المثلث وسماع قصص خيالية عنه.
أرسل تعليقك