برلين - العرب اليوم
دفعت الأوضاع الاستثنائية الناتجة عن حالة التخبط الثوري في دول الربيع العربي، مواطنيها في ألمانيا إلى إلغاء إجازاتهم السنوية إلى بلدانهم الأم ،والبحث عن بدائل، فيما أصرآخرون مواصلة السفر متجاهلين المخاطر الأمنية.
الإجازة السنوية بالنسبة إلى الكثيرين من العرب المقيمين في ألمانيا، عني زيارة الأهل والأصدقاء في بلدانهم الأصلية، غير أن حالة عدم الاستقرار، والاقتتال الداخلي بين أبناء الوطن الواحد، أرغمت الكثيرين منهم إلى إلغاء إجازاتهم المعتادة إلى بلدانهم الأصلية،خوفا من تعرضهم لمكروه في ظل تلك الأحوال الأمنية المتردية ،وحالة الفوضي الشاملة التي تعيشها دولهم.
أحمد مطر من مصر: " زوجتي وأطفالي يعيشون في مصر، ذلك لا استطيع أن اتأخر عن زيارتهم، ولا يعنيني كثيرا ما يحدث ـ فكيف اتركهم يتعرضون للخطر ولا أذهب لزيارتهم"
قبل موعد الإجازة الصيفية التي تتوافق مع العطلة المدرسية في ألمانيا ـ كان السؤال الأكثر إلحاحا بين أبناء الجالية العربية ـ هو أين سنقضي الإجازة الصيفية هذا العام؟، هل نذهب إلى البلاد كما هي العادة ؟،أم سنغير وجهتنا إلي مكان آخر؟. ساد الانقسام والتباين إجابات الكثيرين ،ففي الوقت الذي أيد فيه فريق فكرة السفر وزيارة الأهل، كان الفريق الآخر يعتبر فكرة السفر مخاطرة يجب تجنبها. كلا الفريقيين حمل أسبابه ودوافعه المنطقية.
فعلي سبيل المثال يقول منتصر السيد من مصر " لي ظروف تختلف عن الآخرين، فأنا متزوج من سيدة ألمانية، ولي طفلان، ورغم أن زيارة مصر بالنسبة لنا هي أمر مقدس، إلا أننا وللأسف الشديد قررنا عدم السفر والمخاطرة في ظل ما يصلنا من أخبار وحكايات، فانتشار البلطجية في الشوارع وغياب الأمن وسرقة الناس بالإكراه وانقطاع الماء والكهرباء لساعات طويلة ، كلها عوامل تمنعك من السفر وتجعلك تبحث عن بدائل أخري لقضاء الإجازة". ويضيف قائلا:"إن البدائل في ألمانيا وأوروبا كثيرة ومتنوعة ،فنحن كعائلة قضينا أجازه جيدة وممتعة في فرنسا ،وكانت فرصة أن أرى فيها بلدا جديدا لم تتح لي فرصة زيارته من قبل".علي الجانب الآخر يري احمد مطر أيضا من مصرأن زيارة الوطن ،وزيارة الأهل هو أمر لا يمكن التخلي عنه تحت أي ظروف ويقول: "إن زوجتي وأطفالي يعيشون في مصر ،لذلك لا استطيع أن اتأخر عن زيارتهم، ولا يعنيني كثيرا ما يحدث ـ فكيف اتركهم يتعرضون للخطر ولا أذهب لزيارتهم ،ورغم أنني كنت قبل أسابيع قليلة في مصر، إلا أنني سأسافر مرة أخرى في يناير القادم.
السياح يمتنعون
سامي كراندل، تونسي يعمل في مجال السياحة: للأسف السفر إلى تونس الآن سواء بالنسبة للسياح الألمان أو التونسيين المقيمين في ألمانيا بات فكرة صعبة التحقيق ،ففي كل مرة تلتهب فيها الأوضاع يتم إلغاء حجوزات السفرعلي الفور"
ما ينطبق علي مصر قد ينطبق علي باقي البلدان التي تعيش فترة الفراغ الأمني. ففي تونس ليس الوضع بأحسن حال فالتوتر سيد الموقف، وعمليات الاغتيال التي حدثت لرموز من المعارضة زادت الموقف تعقيدا ،وليبيا ليست بالأفضل ،أما العراق فما زالت السيارات المفخخة تحصد عشرات الأرواح يوميا وفي سوريا يجازف القليلون الاقتراب من حدودها.
يقول سامي كراندل، تونسي يعمل في مجال السياحة، "للأسف السفر إلى تونس الآن سواء بالنسبة للسياح الألمان أو التونسيين المقيمين في ألمانيا بات فكرة صعبة التحقيق ،ففي كل مرة تلتهب فيها الأوضاع يتم إلغاء حجوزات السفرعلي الفور وهذا أمر طبيعي في ظل غياب الأمن، فمنذ أن دبت الفوضي في البلاد وتراجع الأمن غابت السياحة، فضل الكثيرون من أبناء تونس في ألمانيا تأجيل إجازاتهم للبلاد لحين استقرارالأوضاع". ويري سامي كذلك أن استمرار مثل هذه الأوضاع يضر باقتصاد البلاد التي تعتمد علي السياحة وتحويلات أبناءها في الخارج .
محمد عبد الواحد من العراق:"ليس باستطاعتنا أن نفعل أي شئ وكل ما نرجوه هو الاطمئنان علي عائلاتنا وقضاء أجازة سعيدة وسط الأهل والأقارب"
في سياق متصل يقول محمد عبد الواحد من العراق:" إن السفر بالنسبة لي هو أمر غير قابل للنقاش ،ففي كل عام نجتمع مجموعة من الأصدقاء ونسافر في 3 سيارات عبر الطريق البري حتي نصل إلى حدود العراق مع تركيا ،وهي رحلة ممتعة للغاية تستمر 3 أيام نستمتع فيها كثيرا بدول نعبرها أثناء الرحلة ، ويقول: لا استطيع أن أتخلف إطلاقا عن هذه الرحلة. أما عن الحالة الأمنية المتردية في العراق فيقول: "ليس باستطاعتنا أن نفعل أي شئ وكل ما نرجوه هو الاطمئنان علي عائلاتنا وقضاء أجازة سعيدة وسط الأهل والأقارب".
في ميونيخ ، uلى سبيل المثال، وبعد انتهاء موسم الإجازة يعود الأصدقاء مرة أخرى إلى الالتقاء من سافر ومن لم يسافر من أبناء الجالية العربية، ويعودون مرة أخرى إلى سرد الحكايات ،وتبادل الآراء حول موسم الإجازة ،غير أن ثمة إحساس بالندم يشعر به كل من سافر وهو يستمع إلى قصص وحكايات من قضوا أجازة ممتعة في أماكن آمنة في ألمانيا أو أوروبا ،وهو نفس الإحساس الذي يشعر به أيضا كل من لم يسافر وهو يستمع إلى حكايات الأوطان وسط الأهل والأقارب والجيران
أرسل تعليقك