الدمشقيّون يتحدّون الأوضاع الأمنيّة ويمارسون الحياة
آخر تحديث GMT20:10:35
 لبنان اليوم -

تفتح المقاهي أبوابها لروادها بصورة سريالية غريبة

الدمشقيّون يتحدّون الأوضاع الأمنيّة ويمارسون الحياة

 لبنان اليوم -

 لبنان اليوم - الدمشقيّون يتحدّون الأوضاع الأمنيّة ويمارسون الحياة

الدمشقيّين يحرصون على ممارسة طقوسهم اليومية رغم الحرب
دمشق ـ نهى سلوم

ماتزال مقاهي دمشق تفتح أبوابها وتعج بروادها بصورة سريالية غريبة، على الرغم من اشتداد الأوضاع الأمنية والاقتصادية، التي تعيشها سورية منذ أكثر من ثلاثة أعوام، ورغم العنف الحاصل، والذي جلب الكثير من الشقاء للبلاد.
ويعرف مقهى النوفرة الأثري في حياة الدمشقيّين، الذين يحرصون على ممارسة طقوسهم اليومية رغم الحرب، محاولين أن يتكيفوا وسط كل هذا العنف المتنقل، التوافد المستمر لروّاده، الذين اعتادوا أصوات القذائف، التي لم تعد تدفعهم للمغادرة، بل غالباً تدفعهم للبقاء أكثر، حيث يشهد المقهى إقبالاً من مختلف الفئات العمرية، يأتون للاستمتاع بأجواء وسحر المدينة القديمة، ولو ترافق ذلك مع صوت القصف.
ويجتمع بعض المراهقين في المقهى على إحدى الطاولات يلعبون الورق، وفي الجانب الآخر يتناول عدد من المسنين الأحاديث اليومية، ويشربون الشاي، مع انبعاث دخان "النرجيلة".
وتقصد الشابة ريم، البالغة من العمر ثلاثة وعشرون عاماً، وهي طالبة جامعية، المكان دائمًا للقاء الأصدقاء، وتوضح أنَّ "إصرارها على الاستمرار هو ما يدفعها للمجيء إلى النوفرة، ومتابعة حياة طبيعية، فضلاً عن عشقها للمدينة القديمة، وتعلقها بها"، مشيرة إلى أنّها "تأتي أكثر من مرة في الأسبوع، بغية الترفيه عن النفس، وإلقاء هموم الحياة".
واشتهر شارع العابد بأنه أبو المقاهي منذ العشرينات من القرن الماضي، ومنها مقهى "الروضة"، الأشهر في دمشق، و الذي كان في أواخر الخمسينات مقصداً لرجال السياسة، ونواب البرلمان السوري، لقربه من مبنى البرلمان، ومن الطبيعي أن تدور هناك أحاديث في السياسة وشؤون البلد والناس، إلّا أنَّ شاشة التلفزيون في هذا المقهى، كما غيره من مقاهي دمشق، لا تعرف هذه الأيام غير محطات الأخبار الموالية للحكومة.
وأوضح أبو سعيد (58 عامًا)، وهو أحد زبائن مقهى الروضة الدائمين، "أستمتع يومياً بمشاهدة أنواع مختلفة من الزوار، يتناقشون في أمور حياتية الاقتصادية والاجتماعية، أرى في المكان تقبل الأخر رغم الاختلاف".
ويعدُّ مقهى "الهافانا" ملتقى الأدباء والمثقفين، الذي تأسس عام 1945 في الجهة الغربية من شارع فؤاد الأول، وكان يعرف قديماً بـ"مقهى السلوان"، وفي أواخر السبعينات كان سيحال إلى محل ألبسة، حينها قاد بعض المثقفين والأدباء حملة أثمرت بقاء "الهافانا".
وأشار أبو أحمد، وهو أحد العاملين في المقهى منذ أعوام، إلى خصوصية هذا المكان، التي تكمن في أنه كان وما زال يضم نخبة من كبار المثقفين والسياسيين والفنانين والشعراء والصحافيين وأساتذة الجامعات، فضلاً عن تواجد الناس العاديين".
وعن تأثر المقهى بالأزمة التي تعيشها البلاد، لفت إلى أنَّ "هذا الأثر يبقى نسبياً من حيث العدد، لاسيما في أوقات المساء، نتيجة للأوضاع الأمنية السائدة، فقد انخفضت نسبة إشغال المقهى إلى النصف تقريبًا، في حين يشتد الإقبال في فترة الظهيرة".
وعلى بعد خطوات من مقهى "الهافانا" يقع مقهى "الكمال" الشعبي، المقهى عمره عشرات الأعوام، ولا يقتصر زواره على الأدباء والمفكرين والشعراء بل يضم جميع شرائح المجتمع، حيث لم يتأثر نشاط المقهى كثيرًا بالأزمة، بل يشهد إقبالاً كبيرًا بدءًا من السابعة صباحًا، وحتى التاسعة مساء.
ولا يجد ربيع (34 عاماً)، بعد أن فقد عمله بسبب الأوضاع الاقتصادية، مكانًا آخر يذهب إليه سوى المقاهي، حيث يقضي فيها ساعات طويلة رفقة أصدقائه، مؤكّدًا أنّهم "ملّوا الجلوس في المنازل، نحن نأتي إلى هنا يوميًا، لأنه المتنفس الوحيد لنا بعيداً عن شاشات التلفاز المليئة بالأخبار السياسية، وصور القتل والتدمير".
وأضاف "هذا المكان الشعبي يتميز بأسعاره الزهيدة، حيث لا يجاوز ثمن كوب الشاي 100 ليرة سورية".
وتنتشر في حي "ساروجة" التاريخي مقاهي الرصيف بشكل كبير، حيث يجد الشباب متنفساً لهم، ومن بينهم ديانا، طالبة جامعية ترتاد أحد هذه المقاهي مع زميلاتها بشكل شبه يومي، بغية التباحث في الأمور الدراسية والحياتية، وللترفيه أيضاً عن النفس، والتي توضح أنَّ "السياسة في ساروجة خط أحمر، فالمنطقة تعج بالمراقبين والمخبرين، وسجلت العديد من حالات الاعتقال في المقاهي".
ويقصد محبي السهر "بيت جبري"، كونه أحد المقاهي النادرة، الذي ما زال يفتح أبوابه حتى وقت متأخر من الليل، على الرغم من كل الظروف الأمنية، ولكن لا سهر في دمشق بعد العاشرة ليلاً.
ويوضح مروان، الذي يقصد المكان رفقة زوجته أسبوعيًا، ويجتمعون مع أصدقائهم في محيط "البحرة"، "أحاول أن أخرج مع عائلتي في سهرة احتفالية، لنشاهد الناس، ونرفع معنوياتنا، ونعدّل أمزجتنا قليلاً، فالحرب طويلة، والمتنفس الوحيد للناس أن تلتقي، وتعيش طقوساً حميمية، لأنه لم يبق أحد إلا وطالته نار الأزمة"، معتبرًا أنَّ "مثل هذه السهرات ضرورة ملحّة لأرواحنا المتعبة".

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدمشقيّون يتحدّون الأوضاع الأمنيّة ويمارسون الحياة الدمشقيّون يتحدّون الأوضاع الأمنيّة ويمارسون الحياة



GMT 08:21 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

28 شهيدًا في شمال غزة وحماس مستعدة لاتفاق لوقف إطلاق النار

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان - لبنان اليوم

GMT 07:17 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
 لبنان اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
 لبنان اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
 لبنان اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 18:43 2022 الإثنين ,09 أيار / مايو

أفضل النظارات الشمسية المناسبة لشكل وجهك

GMT 07:22 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

مرسيدس تكشف النقاب عن نسختها الجديدة GLC

GMT 17:41 2020 الجمعة ,11 كانون الأول / ديسمبر

تعرفي على أنواع الشنط وأسمائها

GMT 10:04 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

النظارات الشمسية الملونة موضة هذا الموسم

GMT 23:44 2020 الإثنين ,28 كانون الأول / ديسمبر

مارادونا وكوبي براينت أبرز نجوم الرياضة المفارقين في 2020

GMT 18:54 2021 الخميس ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

رحمة رياض تعود إلى الشعر "الكيرلي" لتغير شكلها

GMT 13:05 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

تجنّب أيّ فوضى وبلبلة في محيطك

GMT 19:26 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

عائشة بن أحمد مطلوبة أمام النيابة في "ملف سري"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon