مصنع الإنتاج في قاعدة "الحياة" في عين أميناس جنوب شرق الجزائر
الجزائر ـ حسين بوصالح
كشف مصدر أمني جزائري، الاثنين، إن المسلحين القتيلين اللذين عثر على جثتيهما داخل منشأة الغاز في الصحراء الجزائرية التي تعرضت لهجوم الأسبوع الماضي هما كنديان، مشيرًا إلى أن القوات الخاصة الجزائرية عثرت على الجثتين في محطة تيقنتورين للغاز قرب عين أميناس. واقتحمت القوات الجزائرية المحطة
لتنهي أزمة رهائن بدأت عندما سيطر إسلاميون على الموقع قبيل فجر الأربعاء، وكثير من الرهائن وبينهم أميركيون وبريطانيون وفرنسيون ويابانيون ونرويجيون ومواطنون من رومانيا إما فُقدوا أو تأكد مقتلهم.
وأشارت تقارير أمنية وإعلامية قبل أيام أن المجموعة المسلحة التي اعتدت على المنشأة النفطية تتكون من جنسيات 7 منها غربيان ليتضح أن المسلحين هما كنديان انضما إلى كتيبة بلمختار.
وفي التحقيقات ، استجوبت الشرطة 11 عاملًا في شركات مختلطة في القاعدة البترولية بتڤنتورين للاشتباه في تورطهم مع الجماعات الإرهابية، ويتعلق الأمر بـ 4 مساعدي أمن في شركة بريتيش بتروليوم البريطانية، و5 آخرين من شركة سوناطراك، وعاملين اثنين بمطبخ شركة "جي.جي.سي" اليابانية، فيما ذكرت مصادر عليمة أن الخاطفين كانوا يرتدون زيا عسكريًا ليبيًا.
وكان محققون وجهوا مبدئيًا تهمة التواطؤ مع جماعة إرهابية لـ4 عمال جزائريين في مصنع الغاز، وبدأت التحريات الجمعة الماضية، وجمع المحققون أرقام هواتف كل عمال الشركة المختلطة بريتيش بتروليوم وسوناطراك وستاتويل وفحصوا المكالمات التي أجراها العمال سواء كانوا جزائريين أو أجانب طيلة 3 أشهر قبل بدء العملية.
وتمحورت التحقيقات التي باشرتها المصالح المختصة، حول كيفية حصول الخاطفين على 4 سيارات رباعية الدفع مشابهة تمامًا لتلك التي يستعملها عناصر الحراسة المسلحون لمجمع سوناطراك، واكتشفت أن سيارتين جديدتين مشابهتين لتلك التي يستعملها حرس سوناطراك، وبيّن الفحص الأولي أن السيارات المكتشفة تويوتا لاند كروسر الـ8 لم تسرق وأن الجماعة المسلحة عدلتهما من أجل خداع أمن البوابة الرئيسية للمؤسسة. ويعتقد بأن مصدر هذه السيارات الجديدة هو ليبيا.
وأكدت استجوابات العمال بشأن بداية عملية الاقتحام التي نفذتها كتيبة "الموقعون بالدماء"، أن المجموعة الإرهابية كانت على مستوى عال من التدريب، كما أن الخاطفين حملوا معهم رسمًا يشبه الخريطة للمصنع وأجزائه، وهو ما أكد وجود عملية استطلاع طويلة للمنشأة المستهدفة ساهم فيها واحد على الأقل من الموجودين داخل المجمع، في انتظار استدعاء جميع العمال والإطارات المشبوهين في تورطهم مع الجماعات الإرهابية، من خلال توفيرهم المعلومات المتعلقة بخريطة القاعدة البترولية قبل اقتحامها.
وتوصلت مصالح الأمن الجزائرية بعد متابعتها لكل المكالمات الهاتفية أن اتصالات هاتفية مشبوهة مع أفراد مجهولين في مالي وليبيا، إحدى هذه المكالمات تمت يوم 10 كانون الثاني / يناير الجاري وقد اختفى صاحب الخط الهاتفي مع أحد أقاربه قبل العملية بيوم واحد ويجري حاليا البحث عنه، فيما استرجعت مصالح الأمن 3 هواتف من نوع "ثريا"بعد اعتقال 5 خاطفين الأحد، ويجري فحص دليل الهواتف المتعلق بالمكالمات الصادرة والواردة منهم.
وفي السياق ذاته، كشفت مصادر أمنية أن أحد الخاطفين المعتقلين في عملية الاعتداء، يدعى أبو طلحة وهو تونسي الجنسية، مشيرة إلى أنه العقل المدبّر للعملية بحكم خبرته ودرايته بمناطق العبور حيث خطط للتسلل من جنوب ليبيا انطلاقا من الأراضي المالية على متن 4 سيارات رباعية الدفع من نوع ''تويوتا لاند كروزر''و 4 سيارات من نوع "تويوتا ستايشن".
وأكدت المصادر نفسها، أن أبا طلحة خطط برفقة مختار بلمختار الموجود في مالي وأن "التونسي" أشرف على تدريبات عناصر الكتيبة في الأراضي النيجرية طيلة شهرين، مضيفا أن المسلحين تمكّنوا تحت جنح الظلام من الدخول في الحمادة عبر "واد جيري" لمسافة 15 كلم، ثم توجّهوا التفافا باستعمال الطريق غير المعبد الخاص بالشركات البترولية، ثمّ التفوا عبر عين أمناس إلى منطقة تيڤتورين بمسافة 80 كلم، وموّهوا سيّاراتهم على أنّها من سيارات الشركات البترولية لتطابقها.
من جهة أخرى، أفادت مصادر مطلعة نقلا عن شهود عيان عاشوا حادثة الاعتداء على منشأة تيقنتورين أن المجموعة المسلحة كان أغلب عناصرها ترتدي زيّ الجيش الليبي الجديد، وتتمثل في بدل عسكرية بلون أصفر صحراوي حصل عليها الجيش الليبي قبل أشهر ، فيما ارتدى المدعو أحمد أبو شنب الذي كلّف بالتنسيق خلال العملية زيا عسكريا أخضر غامق اللون، وهو الزي الخاص بحرس المنشآت النفطية في ليبيا.
وأكد خبراء أمن تحدث إليهم "العرب اليوم"، أن المجموعات المسلحة في الصحراء عادة تفضل اللباس الأفغاني، إلا أن مجموعة مختار بلمختار عاكست المنطق بارتداء لباس موحد مصدره ليبيا، وأكد المتحدثون أن بلمختار "الأعور" له علاقات واسعة في ليبيا وساند الثوار الليبيين في حربهم ضد النظام القذافي مما يؤكد فرضية التنسيق بتواطئ من جهات داخل المؤسسة العسكرية الليبية التي تبقى القيادة المركزية في طرابلس تفتقد السيطرة الكلية عليها، مما يشير إلى أن جماعة بلمختار لها نفوذ قويّ في ليبيا.
وفي اطار متصل، دان وزير الشؤون الخارجية الكندي جون بيرد الاثنين، الاعتداء الإرهابي الذي استهدف الموقع الغازي بعين أمناس واصفًا الهجوم بـ"المؤسف" و"الجبان".
وصرح بيرد "تدين كندا الاعتداءات المؤسفة والجبانة التي ارتكبها إرهابيون في منطقة عين أمناس"، مشيرًا إلى أن بلاده يبقى "شريكًا كاملًا في المكافحة التي يتم شنها على الصعيد العالمي ضد الإرهاب بكل أشكاله".
وفي السياق ذاته، أوضح المسؤول الكندي أنه " بالرغم من عدم توفر تفاصيل دقيقة بشأن حيثيات الوضع"، فإن الممثلين الكنديين لا يزالون "على اتصال وثيق مع السلطات الجزائرية بهدف الحصول على توضيحات أوسع".
أرسل تعليقك