لم يحسم «التيار الوطني الحر» حتى الساعة خياره لجهة دعم الوزير السابق سليم جريصاتي، مستشار رئيس الجمهورية ميشال عون، لمنصب نائب رئيس «المجلس الأعلى للروم الكاثوليك»، وذلك بعدما تسللت علنا الصراعات السياسية إلى المجلس الذي كان يفترض أن يشهد انتخاب أعضاء في الهيئة التنفيذية إضافة إلى نائب رئيس وأمين سر في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي قبل أن يتم تأجيل الانتخابات إلى مطلع الشهر المقبل نتيجة تعليق المهل.
ويرأس بطريرك الروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي، رئيس المجلس الأعلى، غداً (الأربعاء) اجتماعا للهيئة التنفيذية. وقالت مصادر المجلس إن الاجتماع «سيكون حاسما بما يتعلق بمصير الانتخابات، خصوصاً أن البطريرك مستاء جدا مما آلت إليه الأمور لجهة تحول الاستحقاق الانتخابي إلى حلبة صراع سياسي».
وأشارت المصادر، في تصريح إلى «الشرق الأوسط»، إلى وجود أكثر من خيار قد يلجأ إليه البطريرك: أولا السير بالانتخابات مهما كانت تداعياتها ونتائجها. وثانيا، الدفع باتجاه الاتفاق على مرشح توافقي لموقع نائب الرئيس. وثالثا، حل المجلس ككل - وهذا ما كان قد دعا إليه النائب المنشق من تكتل «لبنان القوي» ميشال ضاهر. ورابعاً، تأجيل الانتخابات حتى إيجاد الحل المناسب.
ومن المفترض أن تنتخب الهيئة العامة للمجلس 14 عضوا في الهيئة التنفيذية، بعدما تم تعيين 26 عضوا من قبل البطريرك والمطارنة الكاثوليك.
وأسف النائب في تكتل «لبنان القوي» سليم خوري، وهو عضو في المجلس الأعلى، لتصوير ما هو حاصل وكأنه معركة سياسية يخوضها «التيار الوطني الحر»، علماً «بأننا لم نتخذ أي موقف بدعم أي من المرشحين». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هناك أطراف تحاول حرف الاستحقاق عن مساره وإقحامه في الزواريب السياسية»، مشددا على أن «الأولوية لدى (التيار) هي لإتمام الانتخابات بعيدا عن الحدية».
وأضاف: «نحن تحت عباءة البطريرك ونؤيد أي قرار يتخذه ونتمنى أن نتوصل للتفاهم على مرشح توافقي باعتبار أن كل ما يعنينا أن يكون المجلس جامعا ويقوم بدوره اجتماعيا وسياسيا ولا يكون بمثابة مشكلة إضافية تضاف على مشاكل البلد المتراكمة».
ويعتبر المرشحان الأبرز لتولي منصب نائب رئيس المجلس، جريصاتي والوزير السابق سليم وردة، الذي كان من حصة «القوات اللبنانية»، باعتبار أن الاثنين من مدينة زحلة (شرق لبنان) وفي هذه الدورة يتوجب أن تتبوأ المنصب شخصية من المدينة بعد تولي الوزير السابق ميشال فرعون وهو من بيروت الموقع لولايتين على التوالي.
ويبدو أن هناك تكتلاً معارضاً داخل المجلس لتولي جريصاتي المنصب، علما بأن دعم «التيار» له قد يكون كافيا لتأمين فوزه باعتبار أنه يؤمن بذلك الأكثرية اللازمة من خلال الهيئة العامة. إلا أن قيادتي «القوات» و«التيار» على حد سواء لا تبدوان متحمّستين لخوض معركة انتخابية في هذه الظروف بالذات.
وأكد الوزير السابق وعضو المجلس الأعلى، ملحم الرياشي أن «القوات اللبنانية» أبلغت البطريرك العبسي أن «لا دخل لها بالصراع القائم وهي تشدد على وجوب فصل كلي لدور الكنيسة عن السياسة»، لافتا إلى أن «دعم ترشيح سليم وردة قد يحصل بإطار فردي وليس عبر قرار حزبي، خاصة أنه صديق وقريب من القوات».
وقال الرياشي لـ«الشرق الأوسط»: «ما نطمح إليه هو أن يكون للمجلس دور جامع ويشكل جسر عبور، فإذا كان أعضاء هذا المجلس غير قادرين بأنفسهم على أن يجتمعوا فكيف تراهم يستطيعون جمع الآخرين على اختلاف أديانهم أو قناعاتهم؟».
وتمنى الرياشي على البطريرك العبسي «الانتهاء من المجلس الحالي ووقف المسخرة السائدة بين بعض أعضائه ووقف أعماله وإعادة النظر بتكوينه ودوره»، مشدداً على وجوب إلغاء موقعي نائب الرئيس والأمين العام والاكتفاء بموقع الرئيس الذي يتبوأه البطريرك إضافة إلى أمانة سر مؤلفة من 3 أعضاء تحضّر الملفات وجدول الأعمال، كما وفتح باب الترشح لكل النخب، مضيفا: «كنا قد تقدمنا قبل سنتين بمشروع في هذا الإطار إلا أنه قد تمت عرقلته وإحباطه، وقد تبين اليوم أننا كنا بأمسّ الحاجة له لإبعاد الصراعات السلطوية عن نيابة رئاسة المجلس الأعلى وحصر دوره بالإنماء وبشؤون المجتمع والتربية والوطن».
يُذكر أنها ليست المرة الأولى التي يشهد فيها المجلس الكاثوليكي صراعاً مماثلاً. فقبل 3 سنوات تولى رئيس «الوطني الحر» جبران باسيل حل الخلاف بين جريصاتي والوزير السابق ميشال فرعون الذي يتولى حاليا منصب نائب الرئيس بعدما تم التفاهم على أن يبقى في موقعه لولاية ثانية.
قد يهمك أيضا :
جريصاتي الى رؤساء الحكومة السابقين: لا تسمموا أجواء الحريري
جريصاتي يؤكد رجاء خاص ممّن يعرف أسماء العملاء في السجون إبلاغنا بها
أرسل تعليقك