يمضي العام 2020 غير مأسوف عليه وعلى الكوارث التي حلّت علينا في خلاله حاملاً معه الكثير من الملفات الكبيرة العالقة مع نهاية هذا العام، من دون ايجاد حلول جذرية لها، إضافة الى الكثير من الملفات الأخرى التي تبشر بعام مليء بالمشاكل والأزمات السياسية. ولعل الحكومة هي واحدة من أبرز الملفات التي ستطبع بداية العام الجديد لا سيما لناحية اعادة احياء المبادرات للخروج بصيغة حكومية مقبولة فور انتهاء عطلة الأعياد وعودة الرئيس المكلف سعد الحريري من الخارج.
العقدة الدرزية مجدداًحكومياً، يمضي "التباعد السياسي" إلى غايته، لتعميم ثقافة اليأس، من إمكان تحقيق خرق ما في الأوضاع العامة.وقالت مصادر مطلعة انه من المفترض ان يعاد تحريك الملف الحكومي، بعد عودة الرئيس المكلف من "اجازة خاصة" يمضيها مع عائلته، من دون تحديد موعد لذلك.وأكدت مصادر سياسية أن مطالبة بعض الأفرقاء برفع عدد الحكومة من أجل تمثيلها قد يبحث مجددا عند عودة المشاورات بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف لكن هذا لا يعني أنه سيبت بها لأن حتى الآن قام الاتفاق على الـ ١٨ وزيرا وأي رفع للعدد قد يؤدي إلى إعادة النظر بالتشكيلة برمتها مشيرة إلى أن المسألة من شأنها أن تعقد الملف الحكومي المعقد اصلا ولذلك لا بد من انتظار ما تحمله هذه المشاورات من اتفاق نهائي حتى وإن كان مؤجلا.
واستبعدت مصادر سياسية ان تتحرك عملية تشكيل الحكومة قريبا بعد انقضاء الاعياد بسبب التباعد الحاصل بين فريق رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعدالحريري وعدم وجود جهة فاعلة وقادرة على التوسط بينهما لاعادة الحرارة لعملية التشكيل. وقالت المصادر ان الاشتباك السياسي الاخير اظهر استحالة تقريب وجهات النظر بين الطرفين نحو قواسم مشتركة تدفع عملية التشكيل قدما إلى الأمام اذا بقيت الاوضاع والظروف السائدة اقليميا ودوليا على حالها دون تبدل مؤات ومساعد على تشكيل الحكومة العتيدة.
واشارت المصادر إلى انه كان يؤمل ان تساعد حركة مشاورات واتصالات البطريرك الماروني بشارة الراعي في اعطاء قوة دفع لاختراق عملية التشكيل، الا انها تبددت سريعا بعد تملص الفريق الرئاسي من الوعود والالتزامات التي قطعها لتسهيل عملية التشكيل، فيما زادت مشاعر الاحباط اكثر لدى اللبنانيين بعد إلغاء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون زبارته التي كانت مقررة عشية عيد الميلاد لاصابته بفيروس كورونا وكان يؤمل منها ان تساعد ولو بشكل محدود تحقيق اختراق في عملية التشكيل.
عقدة جديدة
وقبل عودة الرئيس المكلف سعد الحريري وإستكمال مشاوراته مع الرئيس ميشال عون حول تشكيل الحكومة، عادت ما سُميت «العقدة الدرزية» الى الظهور من خلال مطالبة رئيس الحزب الديموقراطي النائب طلال إرسلان بتمثيل الطائفة بوزيرين عبر رفع عدد وراء الحكومة الى 20 وزيراً، وهو ما نقله ارسلان الى الرئيس عون امس، حيث زاره مع وفد ضم وزير الشؤون الاجتماعية والسياحة في حكومة تصريف الاعمال رمزي مشرفية والوزير السابق صالح الغريب، حيث بدأ ان بعبدا تبنت فكرة توسيع الحكومة إلى 20 وزيراً أو انقاضها الى 16 وزيراً لتمثيل الفريق الدرزي الارسلاني.
وقال ارسلان بعد اللقاء: أبلغنا الرئيس عون نظرتنا لمقاربة الموضوع الحكومي الذي يتم التداول به، ورفضنا المطلق تحت أي عذر او حجة غير مقنعة بحكومة ال 18، التي تعني إجحافا وظلماً وتعدياً على حقوق طائفة أساسية في لبنان، ساهمت بشكل أساسي في تأسيس هذا الكيان والوصول الى استقلال هذا البلد.
من هنا لا يجوز تحت أي اعتبار او ظرف او عذر ان يتم التعاطي مع الطائفة الدرزية بخلفية الانتقاص من حقوقها لاكتساب مصالح خاصة للبعض على حساب المصلحة الوطنية العامة، وكل المقاربات التي حاول البعض مقاربتها بموضوع الحكومة هي مغلوطة، وكأن المطلوب هو استهداف معين للطائفة الدرزية. مع الأخذ بعين الاعتبار بأن لا احد مدعو ان يجعل منه قضية كبرى، وكأنه بين الـ18 والـ20 سيخرب البلد، مع محاولة تصوير المسألة وكأنها تجاوز للمهل والوقت والتلاعب بهما.
وأضاف: من 18 الى 20 يزداد العدد بوزيرين فقط لا غير: واحد درزي، والآخر من إخواننا في الطائفة الكاثوليكية، وبالتالي تكون هذه الزيادة داعمة للحكومة التي نتمنى ان تبصر النور في أقرب فرصة ممكنة. وقد لمسنا من الرئيس كل الجدية والمقاربة الجدية بأن ينجز تأليف الحكومة العتيدة في وقت قريب مع الأخذ بعين الاعتبار صحة التمثيل فيها.
وذكرت مصادر رسمية متابعة للموضوع، ان الرئيس عون وعد ارسلان بإثارة الموضوع مجدداً مع الرئيس الحريري عندما يلتقيه بعد عودته، مشيراً الى انه سبق وأثار موضوع رفع عدد الوزراء الى 20 لكن الحريري رفض وأصر على موقفه.وقالت المصادر: ان المشكلة ليست عند الرئيس عون بل عند الرئيس الحريري الذي لديه مقاربته الخاصة لتشكيل الحكومة اللبنانية . مشيرة ايضاً الى إمتعاض رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط من مقاربة الحريري لتشكيل الحكومة وتسجيل إعتراض عليها.
ومن هنا، كشفت مصادر مواكبة لمستجدات الملف الحكومي لـ"نداء الوطن" أنّ قوى 8 آذار انقلبت على صيغة الـ 18 وزيراً، ما يعني عملياً أنّ التشكيلة التي قدمها الرئيس المكلف سعد الحريري "طارت"، والاتجاه مطلع العام الجديد هو نحو ممارسة رئيس الجمهورية ميشال عون الضغط لتوسعة مروحة الحقائب الوزارية، مدعوماً من "حزب الله" الذي يريدها تشكيلة "عشرينية".
ولفتت المصادر إلى أنّ كلام النائب طلال أرسلان أمس من قصر بعبدا عن ضرورة أن يعمد الرئيس المكلف إلى رفع عدد مقاعد تشكيلته الوزارية من 18 إلى 20 وزيراً، كان "خير معبّر عن توجه "حزب الله" الحكومي بالتكافل والتضامن مع رئيس "التيار الوطني" جبران باسيل الذي تولى بالأصالة عن نفسه وبالوكالة عن الحزب إجهاض تشكيلة الحريري المصغرة"، مشيرةً إلى أنّ أرسلان "أكد المؤكد" بكلامه هذا، لناحية الاتجاه نحو "إعادة خلط الأوراق الحكومية بشكل يطيح بالطابع الاختصاصي للتشكيلة المرتقبة، لتكون أقرب إلى تشكيلة تكنو - سياسية موسّعة". ورأت المصادر أنّ إشارة السيد حسن نصرالله في مقابلته الأخيرة الى "عقدة العدد" في الحكومة، اندرجت ضمن هذا التوجه، وربما على هذا الأساس أتى استشعار رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط بالمتغيرات الحكومية فسارع إلى "حجز مقاعده باكراً عبر انتقاد صفة الاختصاصيين في الحكومة العتيدة".
وعلى هذا بقي الجمود مسيطراً على الملف الحكومي إلى حين عودة الحريري وترقب اللقاء مع عون لمعالجة المسائل العالقة حول توزيع بعض الحقائب. وسط معلومات تكررت امس، عن مساعٍ خارجية لم تعرف طبيعتها لمعالجة الازمة الحكومية.وافادت مصادر المعلومات ان البطريرك الراعي لن يوقف محاولاته للدفع نحو تسريع تشكيل الحكومة، بالتوازي مع إستمرار التحرك الفرنسي بهذا الاتجاه أيضاً.
الراعي يحيي مبادرته
إلا أن مصادر سياسية قالت لـ"الأخبار" إن المداولات الحكومية ستُستأنف من جديد فوراً بعد الأعياد، وإن الوساطة التي بدأها البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الأسبوع الماضي سيعيد إحياءها في الأيام المقبلة. وفي هذا الإطار، قالت المصادر إن "الراعي عاتب على رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف لأنهما لم يضعا بين يديه الحقيقة الكاملة لما حصل، وإن بعض المعلومات بشأن المداولات علمها من أشخاص آخرين، فيما كان الطرفان يتبادلان التهم ومسؤولية التعطيل".
وعلمت "الأخبار" أن الراعي "في صدد طرح بعض المخارج"، ولا سيما بعدما سمع تأكيدات بأن "العقدة العالقة حتى الآن تتعلّق بوزارتَي الداخلية والعدل"، فيما لم يكُن يعلم بأن "الرئيس سعد الحريري وعد الرئيس ميشال عون بهما، ثم عاد وطالب باستردادهما". ومن بين هذه المخارج أن "تكون وزارة الداخلية من حصّة الرئيس عون، والعدل من حصة الرئيس الحريري أو العكس، على أن يختار الاثنان أسماء الوزراء بالتوافق في الوزارتين، على قاعدة إن لم تكن الأسماء معنا فلن تكون ضدنا".
ويستقبل الراعي صباح اليوم مستشار الرئيس عون الوزير السابق سليم جريصاتي في زيارة معايدة موفداً من رئيس الجمهورية.
ورداً على سؤال، أكدت مصادر بكركي عدم وجود تواصل مباشر بين البطريرك الماروني و"حزب الله"، بل مجرد تواصل في الملف الحكومي عبر بعض الوسطاء، معربةً عن أملها بأن يساهم الضغط في حث المسؤولين على الإسراع في التأليف مطلع العام، خصوصاً أن "التنسيق في الملف الحكومي مستمر بين بكركي والإليزيه، والتواصل مباشر ومفتوح مع الرئيس ايمانويل ماكرون".
وبرز أمس استقباله المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم معوّلاً على "الدور الكبير الذي يقوم به غبطته للوصول بالأمور إلى خواتيمها السعيدة". ووضعت مصادر بكركي اللقاء مع ابراهيم في إطار "الإصرار على نجاح المبادرة الحكومية"، وقالت لـ"نداء الوطن": "اللقاء كان جيداً جداً وأكّد خلاله اللواء ابراهيم للبطريرك الراعي أن مبادرته تشكل قوة دفع أساس لحلّ الأزمة وكل التحركات الأخرى لا بد وأن تأتي في سياق دعمها".
وكشفت المصادر أن إبراهيم سيقوم بجولة إتصالات داخلية وخارجية تشمل جميع الأطراف دعماً لمبادرة بكركي، بالتوازي مع استكمال الراعي ضغطه على القوى الأساسية من أجل تسهيل التأليف، داعية كلاً من الرئيسين عون والحريري وبقية القوى المعنية إلى تقديم تنازلات وعدم التشبث بالمواقف "لأنّ الوضع وصل إلى مكان غير مقبول لم يعد يحتمل المكابرة".
قد يهمك أيضا :
سعد الحريري يعبر عن تفاؤله بتشكيل الحكومة اللبنانية قبل عيد الميلاد
نجيب ميقاتي يدعو إلى تشكيل الحكومة اللبنانية وتحديد مجلس النواب موقفه مِن منحها الثقة
أرسل تعليقك