كشف مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر أنّ إنجاز ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل تأخر، معرباً عن أمله في زيارة بيروت والتوقيع على الاتفاق في الأسابيع المقبلة.
واعتبر أنّ على الحكومة الجديدة محاسبة من لم يتحلوا بالشفافية أو من لم يخضعوا للمساءلة أو من كانوا فاسدين، مشدّداً على وجوب أن يكون ثمة حكومة مكرسة لمحاربة الفساد ويجب أن تتمسك بمبدأ النأي بالنفس.
وقال إنّه لا يعتقد أنه ينبغي أن تتدخل أي دولة أجنبية في تشكيل الحكومة، مضيفاً: "تدخّل الفرنسيّون وحاولوا دفع العملية، ونحن ننسّق معهم عن كثب، ولكن لا أظنّ أنه ينبغي على أي طرف أن يطلب من اللبنانيين اختيار شخصيات معينة".
وتعليقاً على زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" اسماعيل هنية إلى لبنان، قال: "هنية إرهابي مدرج على لوائح الإرهاب ويترأس منظمة إرهابية لا أعتقد أنه ينبغي على أي دولة أن تصدر له تأشيرة أو تسمح له بدخول أراضيها. أجد أن لذلك تأثير عكسي لما تشهده المنطقة".
وفيما شدّد على أنّه "ينبغي على الجميع توقع المزيد من العقوبات"، كشف أنّه "سمع من مكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنّ فرنسا ستفرض عقوبات أو تدرج من يحاول عرقلة الإصلاح"، مضيفاً: "نعتقد أنّ هذا نهج مثمر جداً".
آمل التوقيع قريباً
مواقف شينكر هذه أطلقها في لقاء صحافي عبر الهاتف نشرت الصحافية مارلين خليفة مضمونه ضمن موقع "مصدر دبلوماسي"، الذي سأل شينكر عن تصريح سابق له بانتهاء إطار عمل ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل بحيث لم يتم طرح هذا الموضوع خلال زيارته الأخيرة وما هي العراقيل المتبقية في هذا الإطار؟ وهل تلعب الأمم المتحدة أي دور في هذه المسألة؟
أجاب شينكر: "طبعا أنا لم أصرح بأنه تم التوصل إلى اتفاق بشأن إطار عمل ترسيم الحدود البحرية والبرية بعد. أظننا نقترب من الانتهاء منه ونحن نشارك كثيرا بشأن هذا الموضوع. لا أريد الخوض في الأمور العالقة. أمضى سفيرنا في أنقرة والدبلوماسي المحنك ديفيد ساترفيلد عاما وهو يسافر بين لبنان وإسرائيل ليحاول التوصل إلى اتفاق بشأن إطار العمل أي اتفاق يحدد إطار العمل للبدء بالمفاوضات على الحدود". أضاف شينكر:"أعتقد بأن إطار العمل هذا مهم، ولكن كان ينبغي استكماله منذ وقت طويل. أعتقد أننا نقترب من مرحلة إنهائه كما ذكرت، مما سيتيح للبنان وإسرائيل البدء بإحراز تقدم فعلي. ولكنني لن أناقش تفاصيل العراقيل ولكن آمل زيارة لبنان والتوقيع على هذا الاتفاق في الأسابيع المقبلة".
وقال ديفيد شنكر أنه في اثناء زيارته الى لبنان نقل "رسالة إلى الشعب اللبناني مفادها أن الولايات المتحدة ملتزمة بمساعدة الشعب اللبناني على التعافي من انفجار الرابع من آب المروع في مرفأ بيروت، ودعمت مطالباته الشرعية بالإصلاح الاقتصادي والمؤسساتي والشفافية والمساءلة وبوضع حد للفساد المستشري الذي يكبل إمكانيات لبنان الهائلة".
حلفاء "حزب الله" سيخضعون للمساءلة
وأضاف شينكر: "لقد أمضيت الجزء الأخير من رحلتي في بيروت، حيث التقيت بمجموعة واسعة من قادة المجتمع المدني، بمن فيهم نشطاء وممثلو منظمات غير حكومية وصحفيون وأكاديميون ونواب استقالوا أخيرا. وكما تعلمون، يشهد الشهر المقبل على مرور عام منذ أن بدأ اللبنانيون في النزول إلى الشارع للتعبير عن مطالبهم بالإصلاح، وقد ازدادت هذه المطالبات بعد الانفجار المدمر بتاريخ 4 آب. لقد عبر الشعب اللبناني عن رغبته في إحداث تغيير ذي مغزى وفي أن تعتمد حكومته وقادته السياسيون توجها جديدا يدعو إلى الإصلاح ومكافحة الفساد بغية مساعدة لبنان على الخروج من أزمته الحالية. ونحن نقف إلى جانب الشعب اللبناني في هذا الوقت العصيب ونعرب عن التزامنا بمساعدته على التعافي من مأساة الرابع من آب".
وقال شينكر: "على حدّ تعبير الوزير بومبيو، ليس من المقبول أن تمشي الأمور على حالها في لبنان، وهذا ما يقودني إلى الجزء الأخير من تصريحاتي الافتتاحية. تدرج الولايات المتحدة اليوم وزيرين لبنانيين سابقين على لائحة العقوبات، وهما يوسف فنيانوس وعلي حسن خليل بسبب تقديمهما الدعم المادي لـ"حزب الله" الذي سبق للولايات المتحدة أن أدرجته على لائحة المنظمات الإرهابية الأجنبية. ويجب أن يعرف حلفاء حزب الله السياسيين أنهم سيخضعون للمساءلة بسبب تمكينهم هؤلاء الإرهابيين وأنشطتهم غير المشروعة بأي شكل من الأشكال. وستستمر العقوبات التي تستهدف حزب الله وأنصاره وغيرهم من الجهات الفاعلة الفاسدة وسنستخدم كافة السلطات المتاحة لمحاسبة المسؤولين اللبنانيين على عدم الوفاء بالتزاماتهم تجاه الشعب اللبناني".
وتابع: "إذاً سنواصل فرض الضغوط على حزب الله وداعميه والجهات الفاعلة الفاسدة الأخرى في الأسابيع والأشهر المقبلة، لأنهم يعرقلون طموحات الشعب اللبناني بالحصول على فرص اقتصادية وتحقيق المساءلة والشفافية".
وردّا على سؤال يتعلق أيضا بالعقوبات على مسؤولين لبنانيين قال شينكر: "نحن نسعى دائما إلى إدراج حزب الله وأعضائه وقيادته على لائحة العقوبات وفرض عقوبات عليهم. وقد تم إدراج فنيانوس وعلي حسن خليل بسبب تقديمهما الدعم المادي لحزب الله. بالإضافة إلى ذلك، فنيانوس وخليل متورطان في تقديم خدمات سياسية واقتصادية لحزب الله وفي بعض أعمال الفساد التي تتيح عمل حزب الله في لبنان".
وأضاف: "إذاً ينبغي أن تكون عملية الإدراج هذه رسالة لمن يتعاونون مع حزب الله ومن يمكنونه وكذلك للقادة السياسيين اللبنانيين الذين تجاهلوا مسؤوليتهم التي تقتضي منهم تلبية احتياجات شعبهم ولم يحاربوا الفساد. ينبغي أن تكون عملية الإدراج هذه رسالة للجميع. لقد حان الوقت لاتباع عملية سياسية مختلفة في لبنان".
سلاح "حزب الله"
وهل ما زال نزع سلاح حزب الله يمثل أولوية لهذه الإدارة؟ وهل موقف الادارة الاميركية مشابه من هذه المسألة مماثل لموقف ماكرون الرئيس الفرنسي؟
أجاب مساعد وزير الخارجية الأميركي: "لطالما قلنا بأن حزب الله منظمة إرهابية ويصادف أنها تشارك في السياسة اللبنانية وترهب الكثير من الأطراف السياسية في لبنان، ولكنها منظمة إرهابية. نختلف في آرائنا هذه مع الحكومة الفرنسية. نحن لا نعتبر حزب الله منظمة سياسية شرعية أو حزبا سياسيا شرعيا. نحن نؤمن أنه ينبغي الاختيار بين الرصاص أو صناديق الاقتراع في الدول الديمقراطية، ولا يمكن الجمع بين الاثنين. حزب الله – ليس للأحزاب السياسية أي ميليشيات. إذن حزب الله منظمة إرهابية وهذا اختلاف بسيط بيننا وبين الحكومة الفرنسية".
وسئل شينكر عمّا إذا كانت الولايات المتحدة الأميركية مستعدة للعمل مع الحكومة الجديدة في لبنان، فقال:”تتمثل سياستنا بالتركيز على المبادئ وليس على الشخصية، لذا لن أعلق على رئيس الحكومة اللبناني المكلف.
أجاب: "نحن نركز كثيرا على مفاهيم الإصلاح وعلى أنه ينبغي على أي حكومة جديدة أن تتبنى الإصلاحات وتنفذها. وفي ما يتعلق بالشفافية، عليها محاسبة من لم يتحلوا بالشفافية أو من لم يخضعوا للمساءلة أو من كانوا فاسدين. لذلك يجب إنفاذ المساءلة. يجب أن يكون ثمة حكومة مكرسة لمحاربة الفساد ويجب أن تتمسك بمبدأ النأي بالنفس. ينبغي على أي حكومة أن تخرج لبنان من سياسات دول المنطقة. ونحن نتطلع إلى العمل مع أي حكومة إذا قامت بكل هذه الأمور والتزمت بها".
بين الخليج وإيران
وهل خلّف انسحاب دول الخليج فراغا لإيران بسبب عدم التدخل في تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، قال شينكر: "لا أعتقد أنه ينبغي أن تتدخل أي دولة أجنبية في تشكيل الحكومة. تدخل الفرنسيون وحاولوا دفع العملية ونحن ننسق معهم عن كثب، ولكن لا أظن أنه ينبغي على أي طرف أن يطلب من اللبنانيون اختيار شخصيات معينة. تحدث الرئيس الفرنسي عن المبادئ، تماما كوزير الخارجية بومبيو. تحدث عن مبادئ الإصلاح وليس عن شخصيات محددة.
لقد عبر الشعب اللبناني نفسه عن إحباطه بسبب الطبقة السياسية. لا أجد أنه من السليم أن تتدخل كل هذه الدول الأجنبية وتملي على لبنان ما ينبغي القيام به. اعتمد لبنان على جهات خارجية لوقت طويل ولم يساعده ذلك في تحقيق الاستقرار أو السيادة. وناقشنا أيضا موضوع أزمة اللاجئين والجهود الرامية إلى خلق جو يمكن اللاجئين من العودة إلى ديارهم بأمان وطواعية".
وسئل: "نشرت صحيفة لبنانية محلية مقالا ذكرت فيه أنك اجتمعت بأحد مستشاري رئيس مجلس النواب. ويدعي التقرير أن أملك خاب بسبب انعدام مرونة الطرف اللبناني. هل هذا الكلام دقيق؟"، فقال شينكر: "لقد تحدثت إلى وسيلتين إعلاميتين خلال هذه الرحلة على ما أظن، بالإضافة إلى بعض الوقت على القنوات. لا أذكر أنني تحدثت لأي وسيلة إعلامية محلية أو موقع إلكتروني أو أي وسيلة قد تشير إليها بكلامك.
ولكن أستطيع أن أؤكد أنني تحدثت مع علي حمدان ولكنني لن أدخل في تفاصيل المحادثات الدبلوماسية. وكما سبق أن قلت لك أو كما سبق وذكرت، آمل وأعتقد أننا نحقق تقدما تدريجيا وأتطلع للانتهاء من اتفاق إطار العمل هذا حتى ينتقل اللبنانيون مع الإسرائيليين إلى مرحلة التفاوض بشأن حدودكم. لقد طالت هذه المسألة كثيرا وأضاعت الكثير من الوقت لسوء الحظ".
هنية "إرهابي"
وعن زيارة القيادي في حركة حماس اسماعيل هنية الى بيروت هذا الاسبوع واجتماع وليد جنبلاط به قال شينكر: "إنه إرهابي مدرج على لوائح الإرهاب ويترأس منظمة إرهابية. لا أعتقد أنه ينبغي على أي دولة أن تصدر له تأشيرة أو تسمح له بدخول أراضيها. أجد أن لذلك تأثير عكسي لما تشهده المنطقة".
وهل يعتبر الإجراء الذي اتخذ بشأن مسؤولين لبنانيين سابقين إشارة لنتوقع المزيد من العقوبات ضد مسؤولين مماثلين أو مسؤولين سابقين، وبالأخص من اتهم منهم بالفساد وتسهيل أعمال حزب الله، أي جبران باسيل ورياض سلامة؟ أجاب شينكر: "لا نتحدث مسبقا عن أمر العقوبات أو نستبق الأحداث ولن أتحدث عن الأسماء والشخصيات قيد النقاش. سأكتفي بالقول إن إجراءات الإدراج هذه تستغرق وقتا طويلا لتجهيزها بالنظر إلى مستوى التفاصيل وقيام محامين من بين الوكالات بمراجعتها وتحضير الملفات بعناية، وهذا ما يجعل من هذه الملفات ملفات موثوقة.
آمل أن نتمكن من الإعلان عن المزيد من عمليات الإدراج هذه في أقرب وقت ممكن. تستغرق الكثير من الوقت ولكن نعم، أعتقد أنه ينبغي على الجميع توقع المزيد من العقوبات".
نختلف مع فرنسا
وسئل شينكر:"هل تعتبرون أن اجتماع الرئيس ماكرون بعضو من حزب الله يشكل مشكلة؟ وهل تعتقدون أنه يتدخل بطريقة سلبية كما أشرتم أم تجدون أنه يردد كلام الولايات المتحدة؟"
أجاب شينكر: "لدينا وجهة نظر مختلفة عن فرنسا حول حزب الله. لا نعتقد أنه يجب أن يلتقي الناس أو يحاولوا إضفاء الشرعية أو غير ذلك على هذه المنظمات أو الأفراد. ولكن بغض النظر عن المشاركات مع النائب رعد، أود أن أكرر كلام الوزير وأقول إن للمبادرة الفرنسية الكثير من المزايا.
تتطلب هذه المبادرة كما سبق وقلت تشكيل حكومة ملتزمة بالإصلاح والشفافية ومكافحة الفساد والنأي بالنفس وما إلى هنالك وتشكيل حكومة من ذوي الخبرة الملتزمين بالمضي قدما في أجندة الإصلاح حتى يتمكنوا بالفعل من مساعدة الشعب اللبناني. وسيكون ذلك شرطا أساسيا لإطلاق المساعدات المالية. أعتقد أننا نشاطرهم موقفهم هذا. وسمعنا من مكتب الرئيس أيضا أن فرنسا ستفرض عقوبات أو تدرج من يحاول عرقلة الإصلاح. نعتقد أن هذا نهج مثمر جدا".
قد يهمك أيضا :
رجية" الأميركية تؤكّد أنّ إسرائيل ستراعي التحذيرات العربية من "الضمّ"
الولايات المتحدة تمهل فرنسا ولا تهمل حزب الله و"شركاءه"
أرسل تعليقك