بيروت - لبنان اليوم
في الاسبوع الاخير بدت الاحاديث في الصالونات السياسية حول بقاء الحكومة أو عدمه كالبورصة. فتارة تحسم بعض التسريبات مسألة إسقاطها بتوافق سياسي، وأخرى تؤكد أنها باقية الى أمد ليس بقريب، الا انه وفي الحقيقة، يبدو صمود الحكومة مرتبطًا بأمرين؛ الاول هو عدم وجود بديل لهذه المرحلة، والثاني هو عدم اتخاذ رئيس الجمهورية قرارا حاسما بشأن موقفه منها ومن رئيسها الدكتور حسان دياب.
ووفق مصادر مقرّبة من قصر بعبدا، فإن الرئيس ميشال عون تحكمه عدة اعتبارات تجعله من مؤيدي اسقاط الحكومة، لكنها غير كافية لدفعه نحو حسم موقفه بشكل كامل. اولى هذه الاعتبارات ان الرئيس حسان دياب بدأ يأخذ مكانه في مجلس الوزراء وينخرط في التعيينات السياسية، ولم يعد ذاك الرجل المتحمّس للمواجهة كما كان في البداية. واشارت المصادر الى ان عون يرى أن دياب يُفرمل العديد من القرارات وفقًا لحساباته الشخصية المرتبطة بعدم إغضاب الاميركيين من جهة، وبعض اطراف الحكومة من جهة اخرى كرئيس مجلس النواب نبيه بري.
ولفتت المصادر الى ان عون يعتبر ان هذه الحكومة فشلت في نيل رضى الشارع ولم تتمكن من الحصول على دعم الحراك الشعبي، وعلى الرغم من كونها حكومة "العهد" الاولى بشكل فعلي، الا انها استُنزفت بشكل قاسٍ بفعل الازمات المحيطة بالبلاد وخسرت ثقة جزء من الرأي العام الذي كان قد منحها فرصة للتغيير، ما يعني، وبحسب المصادر، أن حكومة دياب باتت تشكّل بالنسبة لعون عبئًا كبيرا عليه وليس الامر سوى انتظار شرارة تشعل فتيل القرار!
ورغم كل هذه الداوفع التي تجعل عون غير راضٍ عن أداء الحكومة وراغبٍ بتطييرها، فإن هنالك عدة اسباب تحمله، ومن خلفه التيار "الوطني الحر"، الى التريّث في اتخاذ هذا القرار، إذ ان عدم وجود البديل المستعد لتأليف حكومة فاعلة، تكون على مستوى الانقاذ الموعود، يعرقل هذه الخطوة، اي بمعنى آخر، غياب الشخصيات السنية ذات التمثيل الوازن والغطاء الاقليمي والدولي التي سترتضي "ركوب" هذا الموقع في ظل الظروف الحالية، لا سيما في السنوات المتبقية من عهد عون، حيث يحكم التيار "الوطني الحر" ممثلا برئيسه جبران باسيل قبضته على جميع مفاصل الدولة، وبالتالي يصبح معه أي إصلاح شبه مستحيل. بالاضافة الى ان عون يعتقد ان سقوط هذه الحكومة يعني الوقوع حكما في فراغ دستوري، حتى وإن نجحت القوى السياسية بتكليف شخصية لقيادة هذه المرحلة على المستوى الحكومي، سيتعذّر عليها التأليف.
اضف الى ذلك كله، فإن عدم التوافق بين عون وبرّي على المرحلة المقبلة يبدو عقبة اخرى، حيث انه وفي حال جرى الاتفاق على انهاء مدة صلاحية هذه الحكومة، سيبقى المسار السياسي عالقا ما بين التكليف والتأليف وسائر الخطوات التي يجب أن تُتّبع للعبور بالأزمة الراهنة.
وختمت المصادر ان عدم وضوح التوجّه الاميركي هو أيضا من ضمن الاسباب التي تقف خلف حيرة عون في اتخاذ قراره، إذ ان ذلك من شأنه ان يُنذر بأن اية حكومة جديدة ستكون خاضعة للتقلبات الاقليمية بالتوازي مع بدء الحوار الاميركي - الايراني، وبالتالي فإن فعالية الحكومة وشكلها وتوازناتها ستصبح مرتبطة بمسار هذه المفاوضات والتطورات الاقليمية. وبما أن المشهد الاقليمي لا يزال ضبابيا، فإنه وبنظر عون، اي استحضار لفكرة إسقاط الحكومة الحالية يصبح بلا جدوى!
قد يهمك ايضا:أجواء محتدمة سادت جلسة الحكومة اللبنانية وسجال بين المجذوب وصفير
"قانون قيصر" في كواليس الحكومة كما داخل أروقة المجلس النيابي
أرسل تعليقك