بيروت-لبنان اليوم
يعدّ إسقاط الطائرة المُسيَّرة الإسرائيلية للعدو الإسرائيلي فوق بلدة رامية الحدودية، نقطة تحول لافتة في المواجهة معه، إذ أُضيف الى هذه المواجهة الدائمة نقطة جديدة تتعلق بالعمل بعد اليوم على منع اختراق الأجواء اللبنانية، وبإحاطة العدو بالقوة وإعلامه بالنار، هذه الأجواء أصبحت محرمة عليه، استنادًا لمناورة يحددها "حزب الله" في الزمان والمكان والأسلوب، تبعًا لتقديره للوضع العسكري والتقني والاستعلامي وحتى الاستراتيجي.
ويبقى للقاعدة الأخيرة مع إسقاط المسيرة الإسرائيلية، نكهة خاصة، تحمل نقاطا مهمة عدة يجب التوقف عندها وهي:
- لقد تم إسقاط المسيرة مباشرة بعد دخولها الأجواء الحدودية اللبنانية، وبعد توقيت لا يتجاوز الثلاث دقائق كحد أقصى، مما يعني أن وحدات المراقبة الجوية والإطلاق المناسب لدى عناصر حزب الله تتمتع بجهوزية حساسة ومتقدمة، حيث تُعتبر هذه السرعة في كشف الهدف والنجاح بإسقاطه، لافتة ومدعاة للتعجب والتوقف عندها، وبخاصة أن تلك الوحدات هي بالمبدأ غير جاهزة بشكل علني، وهي مقيدة بقواعد وبروتوكولات القرار 1701، والقاضية بأن يكون عملها سريًا غير علني وغير ظاهر.
- كما يبدو، لم يتسنّ للعدو الاطلاع على نوع السلاح المستخدم، وهل هو سلاح دفاع جوي تقليدي أو متطور، خفيف أو متوسط، معروف أو جديد، أو هو سلاح مختلف كوسيلة إسقاط إلكترونية مثلًا، يشبه ما تم استخدامه في العراق من قبل الحشد الشعبي أو في الخليج الفارسي من قبل حرس الثورة الإسلامية، حيث تم إسقاط والتقاط أكثر من مسيرة اميركية متطورة. وطبعًا هذه التساؤلات ستضيف نقاطًا أخرى الى النقاط الغامضة أصلًا، والتي كانت تبحث عنها دائما "اسرائيل".
- ما أضافته عملية إسقاط المسيرة أيضًا إلى قواعد الاشتباك المذكورة، هو أنه لم يعد ممكنًا بعد اليوم تخفيض مستوى الرد من لبنان، على أي اعتداء أو على اختراق للسيادة، الأمر الذي خلق أيضًا حالة جديدة، تتمثل وبقوة، بثنائية عسكرية عمادها الجيش والمقاومة، مدعومة بحاضنة شعبية جارفة، جرَّت أو أجبرت من كان يعارضها أو يتحفظ عليها، من سياسيين -داخل السلطة أو خارجها- إلى استلحاق نفسه والاستفادة من فائض القوة والكرامة الذي خلقته هذه الحالة الخاصة مؤخرًا.
- الأهم أيضًا بعد العملية، أن لبنان اليوم، وبعد أن تبلورت بشكل واضح وعملي عناصر قواعد الاشتباك التي كان يجب أن تكون مفروضة منذ فترة طويلة، أصبح البلد القوي، الذي يجب أن
يَحسب من تسول له نفسه الاعتداء عليه او يستسهل اختراق سيادته الف حساب، وكل ذلك بفضل نقطة مهمة جدًا وهي الموقف الرسمي والشعبي الموحد بشكل شبه كامل، والذي يضاهي الموقف القوي لحزب الله عسكريًا بالرغم من أهميته ودوره، والذي دائمًا كان موجودًا ولكنه طالما احتاج إلى هذا الموقف الرسمي الداعم لموقفه العسكري، حيث كانت هذه هي المشكلة ونقطة الضعف التي يستغلها أعداء لبنان وأعداء حزب الله.
أخيرًا، يبقى الأهم من ذلك كله، أن قواعد الاشتباك الجديدة، والتي هندسها حزب الله بقدراته وبحِرَفيته في إدارة المواجهة بحذر وبقوة وبتماسك، وتبنتها السلطة الرسمية مجتمعة بشكل واضح وعلني وغير موارب كما كان يحدث في السابق، وفرضاها معًا (الدولة والمقاومة)، هي أنها (قواعد الاشتباك الجديدة) قرَّبت السلطة الرسمية من المقاومة، بعد أن كان هدف المعارضين داخليًا وخارجيًا عكس ذلك، وأهميتها أيضًا أنها وضعت الدولة اللبنانية في موقع المالكة لأوراق قوة غير بسيطة، من المفترض أن تستعملها في ادارة التفاوض على ترسيم الحدود البرية والبحرية واسترجاع حقوق لبنان من الثروة المهمة، فأصبحت معادلة الردع التي يملكها حزب الله سلاحًا فاعلًا أيضًا بيد الدولة اللبنانية.
قد يهمك ايضا:
"قيومجيان" يؤكد أن تأجيل زيارة جعجع للجبل سببه شخصي
"طالبان " ترد على قرار ترامب وتؤكد أنه سيندم قريبًا
أرسل تعليقك