بيروت - لبنان اليوم
الوضع في جنوب لبنان قفز إلى واجهة الاهتمام السياسي والأمني مع تطورات العدوان الاسرائيلي على غزة واغتيال قادة عسكريين من حركة «الجهاد الاسلامي»، ارتباطاً بمعادلة «وحدة الساحات» التي كرّستها «المقاومة» على مختلف الجبهات خلال العدوان السابق على المرابطين في المسجد الاقصى في شهر رمضان المبارك ومحاولة تدنيسه.
وتؤكد مصادر فلسطينية أنّ «الرد ّمن جنوب لبنان هذه المرة يختلف في حساباته وتوقيته بسبب جملة من التطورات المحلية والاقليمية، أبرزها عدم إحراج لبنان الرسمي المأزوم في خلافاته السياسية في كيفية التعامل مع أي توتير أمني، وعدم اثارة ضجّة في المواقف المعترضة، على ضوء التقارب السعودي – الإيراني ومحاولة عكسها ايجاباً في تفاهم أو تسوية تنهي الفراغ الرئاسي بعد طول أمده وتفاقم الانهيار الاقتصادي والأزمة المعيشية».
وتشير المصادر إلى «أنّ الحسابات الاهّم هذه المرّة تكمن في وجود هواجس حقيقية من محاولة استدراج المقاومة لشنّ حرب ضروس ضدّ لبنان بإيعاز ودعم دولي وغربي لعرقلة تطبيق بنود التقارب السعودي – الإيراني من جهة، والهروب من المأزق الاسرائيلي الداخلي إلى الخارج من جهة أخرى، وحرف الأنظار عن مسيرة الاعلام التي تنوي الجماعات الصهيونية المتطرّفة تنظيمها في 18 أيار الجاري، في ذكرى نكبة فلسطين ومحاولة تدنيس المسجد الأقصى».
وتضيف المصادر «لكن هذه الحسابات لا تلغي امكانية الردّ من الجنوب بإطلاق صواريخ مجهولة الهوية وفق السيناريو السابق، أي عدم تبنّي أي جهة المسؤولية عنها رسمياً، وذلك في اطار رسالة تؤكد الحفاظ على معادلة «وحدة الساحات» خاصة وأنّ قوى المقاومة اللبنانية منها والفلسطينية تملك المعطيات الكاملة لحدود الردّ وجغرافية مساحته وجبهته وتوقيته بما يتناسب مع حجم العدوان ليكون نوعاً من الردع».
وتقرأ المصادر في موقف نائب الأمين العام لـ»حزب الله» الشيخ نعيم قاسم بقوله «إننا نؤيد وندعم كلّ ما تقوم به الفصائل الفلسطينية والجهاد الإسلامي، ونحن إلى جانبهم من أجل الردّ والمواجهة… والإجرام الصهيوني هو مقدّمة من مقدّمات إنهيار هذا الكيان مع هذا التألقّ الذي يقوم به المقاومون في مواجهة الإحتلال»، مؤشّراً واضحاً على الخيارات المفتوحة لكيفية ترجمة هذا الدعم سواء بطريقة مباشرة بإطلاق صواريخ، بما يتلاءم مع معادلة وحدة الساحات، أو غير مباشرة بجعل العدو الاسرائيلي يعيش القلق ويقف على «إجر ونصّ» خشية فتح جبهة الجنوب».
ميدانياً، خيّمت حالة من الترقب الحذر على جانبي الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة في القطاعين الشرقي والغربي وسط استنفار كبير لقوات الاحتلال الإسرائيلي في النقاط القريبة من الحدود اللبنانية، انطلاقاً من محور تلة العباد، مروراً بتلال العديسة وبوابة فاطمة مقابل بلدة كفركلا، وصولاً حتى جسر الخرار مقابل سهل مرجعيون وغابت دوريات قوات الاحتلال الاسرائيلية اليومية المعتادة، في ظلّ تحركات محدودة في محيط المواقع المتاخمة لخط التماس، وخاصة في محيط مستعمرتي مسكاف عام والمطلة.
وتزامن ذلك مع استنفار إسرائيلي مماثل عند تخوم مزارع شبعا انطلاقاً من محور المجيدية وحتى بركة النقار خراج بلدة شبعا، وسجّلت تحركات كثيفة للدبابات الاسرائيلية داخل وفي محيط موقع رويسات العلم وبسطرة خراج كفرشوبا، بينما نشطت في الجانب اللبناني الدوريات المشتركة للجيش اللبناني وقوات اليونيفيل ورفعت من جاهزيتها بهدف الحفاظ على الأمن والاستقرار تحسّباً لأي طارئ.
وفي المخيمات الفلسطينية، واكب أبناؤها تصعيد العدوان الاسرائيلي وردّ المقاومة وذلك عبر شاشات التلفزة والقنوات الفضائية، وسط غضب عارم ترجم بإعلان هيئة العمل المشترك في لبنان الحداد العام فيها، وفي تنظيم أكثر من وقفة احتجاج واعتصامات دعت إلى أوسع تحرّكات لدعم المقاومة في فلسطين. وقال عضو المكتب السياسي لحركة «الجهاد الإسلامي» وممثّلها في لبنان إحسان عطايا: «لسنا مستعدّين كحركة لتلقّف وساطات تبحث معنا مسألة الردّ على العدو»، بينما اعتبر ممثل حركة «حماس» في لبنان احمد عبد الهادي «أنّ الردّ سيكون نوعين: الأول ناعم ولكنّه مؤثر (في اشارة الى تأخّر الردّ وارباك العدو) وهو ما جعل العدو يقف على رجل ونصف والثاني خشن ومُزلزل هو قادم ولن يتأخّر كثيراً».
قد يهمك ايضاً
أرسل تعليقك