يقترب موعد إجراء التصويت بشأن بقاء بريطانيا في الإتحاد الأوروبي، ولم يتبقَّ سوى ثمانية أيام، مع إحتمالية أن تصبح تركيـا عضواً في الإتحاد. وهو ما أدى إحتدام المناظرة، والزج في الحملة علناً بقضايا خلافية للعرق والدين والتسامح.
ويقول المؤيدون لخروج بريطانيـا من الإتحاد الأوروبي بأن السماح لتركيـا بالإنضمام الى الاتحاد، سوف يعرض المملكة المتحدة إلى موجة جديدة من هجرة المسلمين، لتصبح معها أكثر عرضة للإسلاميين المتطرفين. وتواجه تركيـا عراقيل كثيرة في سعيها نحو الحصول على العضوية، وهو ما يصعب من دخولها الى الإتحاد الأوروبي، والذي إن حدث فلن يكون قبل عدة سنوات إن لم تكن عقود.
وكانت المناظرة حول التصويت التي أحدثت شقاقاً داخل حزب المحافظين لرئيس الوزراء ديفيد كاميرون، قد لعبت دوراً كبيراً في تصاعد المخاوف، وركز هؤلاء المفضلون للبقاء في الإتحاد بمن فيهم السيد كاميرون على المخاطر الإقتصادية في حال التصويت بالإنفصال. بينما تطرق هؤلاء المؤيدون لمغادرة الإتحاد الأوروبي بمن فيهم أعضاء بارزون في حزب المحافظين على المخاطر الإجتماعية و الثقافية و الإقتصادية في إستمرار الهجرة من دول أخرى في الإتحاد الأوروبي للمواطنين الذين يحق لهم الإقامة و العمل في بريطانيا. ويعود أغلب المهاجرين الأوروبيين مؤخراً إلى بريطانيـا من بولندا و دول البليطق و إسبانيـا و كذلك اليونان.
ومن بين الحجج التي يستند إليها المؤيدون لمغادرة بريطانيـا التأكيد على العضوية الوشيكة لتركيـا في الإتحاد الأوروبي، والتي سوف تكون ثاني أكبر دولة في الإتحاد بعد ألمانيـا، وتعاني من الفقر. كما تفصل الحدود بينها وبين سورية، التي يوجد فيها تنظيم "داعش" الإرهابي المتسبب في تطرف الشباب البريطانيين، ودخولهم نفقاً مظلماً. وبالإضافة إلى ذلك، فإن تركيـا لديها مستويات أعلى من الإجرام والعصابات وإمتلاك السلاح.
وتأتي إقامة المناظرة مع وقوع الهجمات الإرهابية مثل تلك التي هدتها أورلندو Orlando في ولاية فلوريدا، لتزيد من المخاوف بشأن كل من التطرف الإسلامي وكراهية الإسلام. وكانت منظمة غير رسمية تؤيد مغادرة بريطانيـا للإتحاد الأوروبي قد أرسلت تغريدة مثيرة للجدل علي موقع التواصل الإجتماعي "تويتر" يوم الإثنين تحذر فيها من " التطرف الإسلامي "، داعية إلى خروج بريطانيا من الإتحاد قبل أن تتعرض لهجوم دموي على غرار "المذبحة الوحشية" التي وقعت في أورلاندو. إلا أن التغريدة تم حذفها، على إثر الإنتقادات الكثيرة التي واجهتها.
وبالنظر إلى معدل المواليد المرتفع جداً في تركيـا، فإنه من الممكن توقع وصول مليون مواطن إضافي إلي بريطانيـا من تركيـا وحدها في غضون ثماني سنوات، وفق ما تقول حملة التصويت لصالح مغادرة بريطانيا.
وقال تريفوريم فارون فيليبس، الرئيس السابق للجنة المساواة وحقوق الإنسان في بريطانيا بأن هذه الدعوة التي يتبناها حزب المغادرة تعتبر تحيزاً مباشراً، في حين قال وزير العدل لحكومة الظل عن حزب العمال المعارض تشارلز فالكونر بأن هذه الإدعاءات " خطيرة وتؤجج العنصرية ". أما زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي المعارض، فقد أوضح بأن حملة التصويت بالمغادرة تلعب على سياسة الإنقسام، وليس لها مكان في المجتمع البريطاني.
كما وجهت إيفيت كوبر وهي عضو البرلمان عن حزب العمل، ووزيرة الخارجية السابقة في حكومة الظل إتهامات إلي قيادات الحملة المؤيدة لمغادرة بريطانيا الإتحاد الأوروبي وهم وزير العدل مايكل غوف وعمدة لندن السابق بوريس جونسون بالكذب علي المصوتين، ووضع التماسك الإجتماعي في خطر مع التحذيرات المبالغ فيها بشأن الهجرة من تركيا، والتأكيدات بأن تركيا يمكن أن تكون عضواً كاملاً في الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2020
وأضافت السيدة كوبر بأن المناقشة كانت مخزية للغاية، لأن كلا الرجلين يدركان جيداً بأن تركيـا أمامها سنواتٍ عدة من أجل الإنضمام إلى الإتحاد الأوروبي. كما أن دول أعضاء أخرى سوف تعترض على إنضمام تركيا بما فيها الأعداء التاريخيون مثل قبرص و اليونان.
وإستبعد السيد كاميرون و نائبه جورج أوزبورن مستشار وزير المالية وجود تركيا داخل الإتحاد الأوروبي كدولة عضو إلا بعد عقود، حيث يتعارض التحول السلطوي للرئيس رجب طيب اردوغان حتي مع الحلفاء السابقين لتركيـا في أوروبـا. كما أشارت الحكومة الى أن بريطانيا لا تعد جزءاً من منطقة "شنغن" للسفر بدون تأشيرة، وبالتالي في حال تفعيل الإتفاق مع السيد اردوغان في سبيل المساعدة لوقف تدفق المهاجرين ومنح المواطنين الأتراك إمكانية السفر إلي دول "شنغن" من دون تاشيرة، فإن هذا الإتفاق لن يؤثر على بريطانيـا.
وأنكرت الحملة المؤيدة لخروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي هذه الإتهامات بالعنصرية، مشددة على ضرورة توضيح بريطانيـا لسياستها تجاه تركيـا، وما إذا كانت تقدم وعوداً بالإعتراض على العضوية التركية. ورداً على المقالة التي قالت بأن بريطانيـا تعيد النظر بشأن منح تركيا تأشيرة الإتحاد الأوروبي تقديراً لمجهوداتها في توطين وتنظيم هجرة السوريين، فقد أكدت الحكومة زيف ما نشر.
وكان زعيم حزب الإستقلال البريطاني نيغل فراغ قد قال في مناظرة تلفزيونية الإسبوع الماضي بأن النساء البريطانيات معرضات لخطر الإعتداء الجنسي من المهاجرين، في حال إتجهت نتيجة التصويت إلي بقاء بريطانيـا في الإتحاد الأوروبي. مشيراً إلى تقارير الإعتداءات الجنسية من قبل المهاجرين علي النساء في ألمانيـا خلال إحتفالات رأس السنة عام 2015 في كولونيـا Cologne.
وقال السيد غوف من جهته إن الإستفتاء المقرر إجراؤه في 23 من حزيران / يونيو يعد بمثابة فرصة أخيرة للبريطانيين من أجل قول كلمتهم ضد حرية تحرك الأتراك بالسفر من دون تأشيرة. أما السيد جونسون الذي تعرض لهجوم من رئيس الوزراء السابق عن حزب المحافظين جون ميجور، فقد قال بأنه لا يمانع في إنضمام تركيا إلى الإتحاد الأوروبي، شريطة مغادرة بريطانيـا.
أرسل تعليقك