بيروت - لبنان اليوم
فيما تتّجه الأنظار إلى موازنة 2022 المنشودة، والتي من المفترض مناقشتها في جلسة الحكومة الإثنين المقبل، وكشف مصدر رسمي، أنّ "مشروع الموازنة سيطبّق سعر صرف يتراوح بين 15 و20 ألف ليرة للدولار للنفقات التشغيلية". كيف سينعكس سعر الصرف المذكور على أسعار السلع والضرائب والرسوم؟ وما هو سيناريو الأسعار الذي ينتظر المواطن؟
"أي سعر غير سعر الصرف الحر سيكون له تبعات اجتماعية واقتصادية خطيرة على مستوى العرض والطلب"، وفق الخبير الاقتصادي، الدكتور بيار الخوري. ذلك أن تعدّد الأسعار قتل الاقتصاد اللبناني والمنتِجين، فرواتب هؤلاء اليوم منخفِضة بسبب تعدّد الأسعار. والتحرير الكامل لسعر الصرف، يجب أن يلحق الموازنة والجمارك ونظام الأسعار والأجور وتسديد الودائع.
حينها، يصل لكل فئة اجتماعية حقّها الحقيقي. بينما "أسعار الصرف 15000 و20000 ليرة، هي أسعار تم اختراعها وفقاً لمعادلة مجهولة، كما هي الحال مثلاً مع أسعار 8000 و3900 ليرة"، وفق الخوري. فسعر الصرف يخضع للعرض والطلب في أي سوق ولا يمكن اختراعه تلبية لمصالح معينة "فهذا ما نعيشه حالياً، لأن الأسعار غير الواقعية، تتناسب مع مصالح عدم تصحيح الأجور وعدم تسديد الودائع، إذ يتم اختراع أسعار لصالح جهات في الدولة وللقوى الاقتصادية الأقوى، ولا يمكن بناء موازنة مستدامة عليها".
لكن صندوق النقد الدولي لن يقبل بسعر الصرف الذي طرحته وزارة المال، فالدخول في هذه المعدلات سيؤدّي إلى فشل المفاوضات، أو أنّ "ما يقومون به من خلال طرحهم هذا السعر هو للمناورة السياسية فقط لا غير، فهم بارعون بذلك"، بحسب الخوري. لكن المؤكّد أنّ موازنة لا تقوم على أسعار حقيقية هي غير مقبولة، ولن توافق مؤسسة كصندوق النقد عليها.
وعن انعكاس أسعار الصرف المطروحة للموازنة على أسعار السلع، يورد الخوري أنّ "الأسعار سترتفع بالتأكيد، لكن القيّمين على هذه الموازنة يفاضلون ما بين ارتفاع الأسعار والاتجاه نحو التضخّم الجامح بسبب طبع العملة، وما بين رفع الدولار الجمركي وأن يأتوا من خلاله بليرات تسهم بتخفيف الطبع. أي أنّهم ينوون رفع الواردات الجمركية، أقلّه لتغطية الأجور، التي تشكّل المصدر الأساسي اليوم لطبع العملة. لكنّهم لم يأخذوا بعين الاعتبار تداعيات ما ينوون القيام به على الطلب الكلي، فبذلك تُحل مشكلة وتظهر مشكلة جديدة".
ولا يمكن لدولة غير منتِجة أن تزيد إنفاقها من الضرائب إنّما من زيادة الإنتاج، "فأي إجراء في هذا الاتّجاه الأول سينعكس كارثة على المواطنين وأصحاب الرساميل والمنتجين وغيرهم"، كما يقول الخوري.
ويفيد الخبير الاقتصادي، فادي قانصو في حديث له أنّ "هناك انخراطاً تاماً لبنود الموازنة مع متطلبات صندوق النقد الدولي، فمن أبرز شروطه تقليص حجم القطاع العام"، لافتاً إلى أنّ "شروط صندوق النقد المؤلمة تترجمها هذه الموازنة، من تقليص لحجم القطاع العام، وزيادة الضرائب، إصلاح قطاع الكهرباء وتحرير سعر الصرف، ورفع الدعم، وتحرير سعر الصرف يصبح تحصيلاً حاصلاً بعد الاتفاق مع صندوق النقد". لذلك، فإنّ هذه الموازنة تؤسّس لاتفاق مع صندوق النقد.
وإقرار هذه الموازنة، وفق قانصو، "سيترك ثقلاً كبيراً، وتخفيض سعر الصرف الحاصل الآن هو تمهيد للدخول إلى المفاوضات مع الصندوق، فمن غير الممكن التفاوض بوجود سعر صرف 35000 ليرة".
قد يهمك أيضًا:
صندوق النقد يخصص أكثر من 50 مليون دولار لمساعدة جنوب السودان
صندوق النقد يؤكّد أن إفلاسات ضخمة ستواجه العالم حال توقف الدعم حال
أرسل تعليقك