بيروت ـ لبنان اليوم
بعد إعلان الرئيس سعد الحريري عزوفه عن المشاركة في الانتخابات النيابية وتعليقه العمل السياسي لـ"تيار المستقبل" اقله على المستوى الانتخابي، لم تتوقف الاسئلة عند مختلف المكونات داخل البيت السني وخارجه حول كيفية تعاطي هذا المكون ومقاربة قواعده للانتخابات ومشاركته فيها نظرا الى حجم التأثير الذي يحدثه في نسبة المشاركة وتأمين الحواصل.
ومن الخطأ التعامل مع السنّة من باب هذا الاستحقاق فحسب، لأن ما أقدم عليه الحريري أحدث هزة سياسية في صفوف الطائفة وأربك الكثيرين، وهي خطوة لا يقدِم عليها زعماء كبار الا عند انهيار حضورهم السياسي والشعبي، أي بمعنى ان من يغادر حلبة السياسة يكون مكرهاً على اتخاذ مثل هذا القرار. وقلة هم الزعماء الذين يتساوون بحجم الحريري ويمسكون بالعدد الاكبر من طائفته ولهم حضور خارج مكونهم السياسي.
يغادر الحريري المسرح "من فوق" رغم الاثقال المحلية والخارجية التي سقطت وأسقطت على ظهره. وبعدما اعلن عزوفه سيكثر الحديث عما ستؤول اليه أمور القيادة داخل السنّة، مع ملاحظة ان دار الفتوى تعيش حالة من عدم القدرة على توضيح موقفها لابناء الطائفة وقول كلمتها في هذا الصدد. وتصدر اصوات عند نخب الطائفة في بيروت والمناطق تطلب من مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ان يجمع اركان الطائفة والمشرفين على كبريات جمعياتها ومؤسساتها الاجتماعية للوقوف عند المعطيات غير الايجابية التي يعيشها أهل السنّة اليوم، ولا سيما بعد قرار الحريري. ولا أحد يقلل بالطبع شأن الضغوط التي تحاصر دار الفتوى، فضلاً عن تأثير الخارج لعدم وضوح الرؤية النهائية التي سيتم التعامل معها.
في هذا الوقت يثار كلام عن بهاء الحريري وحركته في البلد وما يمكن ان يفعله في هذه البيئة، مع تردد معلومات لدى مراجع سياسية متابعة انه سيحضر الى بيروت قريبا من دون تحديد الموعد لضرورات أمنية. ولا يؤكد معاونوه هذا الامر سوى قولهم ان بهاء "لن يترك الساحة وسيكون الى جانب ابناء طائفته واللبنانيين". ولا يقدمون شروحاً اكثر سوى ان ممثله السياسي سيكون صافي كالو المخوّل باجراء الاتصالات السياسية والتواصل مع الافرقاء والناطق باسم بهاء. وتربط الرجلين علاقات وطيدة تمتد الى ما قبل ايام الحريري الأب. ويتردد ايضا ان كالو بدأ ترتيب مواعيد لبهاء حيث ربما ينزل في قصر والده في فقرا المسجل باسم السيدة نازك، مع ترجيح ان يتخذه مقرا له.
وفي بعض المعلومات ان بهاء قد يوجه رسالة الى اللبنانيين قبل 14 شباط المقبل ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري. وسيطل من بعدها في مقابلة تلفزيونية يرد فيها على كل الاسئلة والاستفسارات التي تهم الجميع. وعندما يقول إنه سيكون على الارض، فهذا يعني اولاً أنه لن يكون بعيدا من الدخول في خضم الانتخابات النيابية. ويقول لسان حاله إنه لن يترك الساحة الانتخابية السنية للطامحين الى وراثة مقاعد السنّة وأقلها تلك التي تشغلها كتلة "المستقبل". ولم يتضح بعد ما اذا كانت حركة "سوا للبنان" ستتعاون مع "حريريين" ليسوا منضوين رسيماً في "التيار الازرق". مع الاشارة الى ان وجوهاً نيابية في صفوف هذا الفريق لن تترك بسهولة ميدان الانتخابات وهي تتفرج على اسماء بديلة تحل مكانها. واذا كان هناك "مستقبليون حقيقيون" سيلتزمون قرار الحريري، فان نوابا او كوادر في صفوف "التيار الازرق" سيترشحون للانتخابات وهم لا يقدرون على الجلوس في مقاعد الاحتياط النيابي اربع سنوات من دون معرفة ما سيحصل من تبدلات سياسية في لبنان والاقليم طوال الدورة المقبلة مع عدم حسم كيف سيكون حال زعيم "المستقبل" وتياره.
اكثر من سؤال يدور حول حركة بهاء داخل الطائفة في حال حضر الى بيروت وقرر التواصل المباشر مع المسؤولين عن حركته في بيروت وصيدا وطرابلس ومناطق اخرى، وماذا لو قرر زيارة دار الفتوى، فكيف ستتعامل معه، مع التوقف عند تعاطي الاقطاب ورؤساء الاحزاب معه ايضا. واذا كان الرجل لا يلتقي بطبيعة الحال مع "حزب الله"، إلا انه لم يُعرف بعد كيف ستكون علاقته مع أول صديقين لشقيقه هما: الرئيس نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط. وعندما استقبله الاخير بعد استقالة سعد الحريري في تشرين الاول 2017 لم يناقشة زعيم المختارة في السياسة في لحظة ارتفع الحديث في البيئة السنية عن مبايعة بهاء ورفض العائلة لهذا الامر. واستكمل الجلسة معه النائب وائل ابو فاعور.
ويترقب كثيرون علاقة الابن الاكبر للحريري مع "القوات اللبنانية" وما اذا كان سيحصل تعاون بين الطرفين في الاستحقاق المقبل، ولا سيما بعد تعرض الدكتور سمير جعجع لانتكاسة في الايام الاخيرة مع "المستقبل" على ضوء تصريحه عن عزوف الحريري وتلقّيه سيلاً من الردود، الامر الذي يحاول مناوئوه المسيحيون الاستفادة منه، لكن "الحريريين" المعترضين على "القوات" لن تذهب اصواتهم في الدوائر المسيحية لمصلحة "التيار الوطني الحر". وقد يستفيد رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية من الكتلة السنية الحريرية الناخبة في دائرة الشمال الثالثة اكثر من منافسَيه جعجع وجبران باسيل.
ومن هنا لن تتوقف النقاشات في الشارع السني في ظل تكاثر الحديث عن ورثة الحريري للقول ان نظرية "اليتم" التي يتحدث عنها البعض يجب ألّا تكون لدى مكون قادر على غرس بذور جديدة في التربة اللبنانية السياسية ليتحمل مسؤولياته الوطنية.
قد يهمك ايضا:
الرئيس ميقاتي سيدعو لانعقاد جلسة لمجلس الوزراء الاثنين المقبل
ميقاتي يترأس اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة متابعة ملف معالجة النفايات الصلبة
أرسل تعليقك