بيروت ـ لبنان اليوم
يُجري الشركاء السابقون للرئيس سعد الحريري في توليفة النظام السياسي جردة حساب للخسائر والأرباح المترتبة على خروجه من المعترك السياسي والسباق الانتخابي، في حين يعتبر معارضو هذه التوليفة انّ انكفاء أحد أبرز اركانها يؤشّر إلى انهم أمام فرصة سانحة لإطلاق دينامية التغيير.
قرار الحريري بالانسحاب من السياسة والنيابة سيستمر بالتفاعل لوقت طويل، بل لعل غيابه سيكون الأكثر حضورا في مرحلة ما قبل الانتخابات وخلالها، ربطاً بانعكاسات عزوفه على التحالفات وخيارات الناخبين المؤيدين له في مناطق نفوذ تيار المستقبل «المعلق».
وربطاً بما كان يرمز اليه الحريري في الصيغة الطائفية والتوازنات السياسية، فإنّ احد أصدقائه يعتبر ان دور الرجل لم ينته بالكامل مع «عزوفه» على وتر الانسحاب، وإنما سيتخذ شكلا جديدا هو من إفرازات الغياب الذي له ديناميته أيضا.
بهذا المعنى، هناك من يعتبر انّ «ظل» الحريري باق في الساحة السياسية حتى إشعار آخر ولو انه كلاعب خرج منها ليجلس على دكة الاحتياط في انتظار لحظة مؤاتية للعودة قد تأتي وقد لا تأتي. و»طيف» الحريري سيحضر، كما يتوقع البعض، من خلال بعثرة حسابات الحلفاء والخصوم التي كانت مبنية على اساس وجوده في المعادلة الانتخابية. وكذلك سيتسرّب طيفه عبر سلوك جمهوره الذي يترقب الكثيرون وجهته المقبلة وسط شهية مفتوحة لاستقطابه في هذا الاتجاه او ذاك، علماً انّ ما بدر منه حتى الآن يوحي بأنه قد يتجه في غالبيته الى مقاطعة الانتخابات احتجاجاً على انكفاء زعيمه ما سيترك تأثيرا على النتائج، وقد يختار التصويت لشخصيات محددة بناء على كلمة سر حريرية مكتومة الصوت من تحت الطاولة.
صحيح انّ الحالة التنظيمية لتيار المستقبل ستختفي مع اعلان رئيسه عن تعليق العمل السياسي وبالتالي لن يكون لدى هذا التيار مرشحين رسميين يحملون لواءه، الّا انّ النواة الصلبة للكتلة الحريرية الناخبة والرافضة للأمر الواقع الجديد ستكون عاملا مؤثرا في عدد من الدوائر تبعاً للمنحى الذي ستتخذه، اقتراعا او مقاطعة، وهو ما سيتأثر به الآخرون حُكماً.
بعد صدمة العزوف، أبدت قواعد الحريري في رد فعلها الأولي والتلقائي تمسكها به وتعاطفها معه، رافضة فرضية انّ بالامكان تجييرها لحساب شخصيات سنية بديلة او لحساب القوات اللبنانية التي تتهمها البيئة المستقبلية بأنها كانت تسعى الى وراثة شعبية رئيس «المستقبل» وهو حَي سياسياً فكيف بعد انسحابه؟
هذا الموقف العاطفي الذي صدر تحت الصدمة سيكون قيد الاختبار في المرحلة المقبلة لتبيان مدة صلاحيته، وبالتالي فإن المحك الحقيقي الذي يواجه تلك القواعد يكمن في ما اذا كانت ستتحلى بنفس طويل ام انّ ولاءها للحريري سيبرد مع مرور الوقت وتسلل العروض البديلة التي ربما تتمكّن تباعاً من «قضم» التركة الحريرية، إنطلاقاً من قاعدة انّ «البعد جفا».
وقبل الوصول إلى استحقاق أيار، هناك من لا يستبعد أصلاً احتمال ان يدفع قرار الحريري «الدرامي»، الى مأزق انتخابي من نوع ان تتقلّص فرصة إجراء الانتخابات لاعتبارات ميثاقية وسياسية تتعلق بمصالح التركيبة التي كان رئيس «المستقبل» جزءاً منها، وان يتعذر في الوقت نفسه التمديد لمجلس النواب بفعل صعوبة تأمين الغطاء الداخلي الكافي لهذا الخيار وسط مراقبة المجتمع الدولي والخشية من فرض عقوبات على المنخرطين في التمديد، فنصبح أمام معادلة «لا انتخابات ولا تمديد» التي تساوي الفوضى.
ولكنّ الواثقين في حصول الانتخابات يؤكدون ان احداً في لبنان لن يتجرأ على تحمل مسؤولية تأجيلها تخوفاً من العواقب الوخيمة، محليا ودوليا. لذا، فإنها ستتم، في رأيهم، وفق الروزنامة المحددة بمَن ترشّح واقترع.
قد يهمك ايضا:
الرئيس ميقاتي سيدعو لانعقاد جلسة لمجلس الوزراء الاثنين المقبل
ميقاتي يترأس اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة متابعة ملف معالجة النفايات الصلبة
أرسل تعليقك