انطلقت يوم الاثنين في مدينة جدة (غرب السعودية) اجتماعات المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي على المستوى الوزاري للقمة العادية الثانية والثلاثين، وسط تطورات إيجابية، وتحديات متراكمة وعميقة التأثير، بحسب الجامعة العربية.
وذكر أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، في كلمته التي ألقاها نيابة عنه السفير حسام زكي، الأمين العام المساعد رئيس مكتب الأمين العام، أن الاجتماعات تنعقد «وسط تطورات إيجابية تشهدها المنطقة العربية، وفي ظل مستجدات متعلقة بإحدى أهم الأزمات العربية التي استعصت على الحل لأكثر من عقد من الزمن، وهي الأزمة السورية».
وشارك في الاجتماع وفد سوري برئاسة وزير الاقتصاد والتجارة محمد سامر خليل في أول مشاركة لسوريا في اجتماعات جامعة الدول العربية بعد قرار تعليق عضويتها قبل أكثر من 12 عاماً، كما تلقى الرئيس السوري بشار الأسد دعوة رسمية من الملك سلمان بن عبد العزيز للمشاركة في القمة العربية التي ستعقد في مدينة جدة، يوم الجمعة المقبل.
وأوضح أبو الغيط أن «وفود الحكومة السورية تستأنف مشاركتها في اجتماعات الجامعة العربية، تنفيذاً لقرار وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الأسبوع الماضي». متعهداً بأن تقوم «الأمانة العامة بالتنسيق مع الجانب السوري لإطلاعه على مستجدات العمل العربي في المجالين الاقتصادي والاجتماعي».
ويعتقد الأمين العام للجامعة العربية أن «هذه الأجواء من شأنها أن تدفعنا إلى تجديد العهد والعزيمة على تفعيل مبدأ التضامن العربي، الذي بدأ بالفعل يأخذ منحاه الجدير به، ويعكس على نحو عملي المساندة والمؤازرة بين الدول العربية، والمؤاخاة التي لطالما تطلعت إليها الشعوب العربية، لتحقيق التكامل الذي بنيت عليه جهود تأسيس جامعة الدول العربية».
وبالرغم من النبرة التفاؤلية في حديث أبو الغيط، فإنه حذر من الاندفاع كثيراً في هذا الاتجاه، في ظل الواقع العربي المرير، وقال: «الأجواء الإيجابية تلك لا ينبغي لها أن تدفعنا بعيداً عن الواقع الذي تشهده المنطقة العربية منذ سنين خلت، ألا وهو تراكم التحديات الخطيرة وتداخلها، التي ما زال يتعرض لها البنيان العربي وأركانه الأساسية. هذه التحديات شديدة التداخل وعميقة التأثير، وقد أفرزت موجة جديدة من موجات النزوح واللجوء في المنطقة العربية، وألقت بظلالها على مختلف جوانب الحياة، على نحو لم يزل يبث تهديدات خطيرة للأمن القومي العربي بمختلف أركانه الأمنية والاقتصادية والاجتماعية».
وأضاف أن «الواقع يستدعي بالإضافة إلى تكثيف الجهود لإيجاد حلول سياسية عربية مستدامة، تعزيز العمل العربي الاقتصادي والاجتماعي». داعياً المجتمعين إلى «تكثيف العمل لوضع خطط عمل قابلة للتنفيذ وذات أفق زمني واضح، من أجل تخفيف المعاناة عن الفئات الضعيفة في المجتمعات العربية، وتلك التي تواجه مصاعب لا طاقة لها بها». معبراً عن استعداد «جامعة الدول العربية لتيسير تلك الجهود وتقريب الخطى وتنسيق التحركات».
وبحسب الأمين العام، فإن جدول الأعمال يتناول الاتفاقات والاستراتيجيات العربية التي تم التوصل إليها بعد جهود مضنية، وأقرتها المجالس الوزارية. ومن أبرزها الاستراتيجية العربية للسياحة، والاستراتيجية العربية للاتصالات والمعلومات، المعروفة اختصاراً باسم «الأجندة الرقمية العربية»، والعقد العربي للأشخاص ذوي الإعاقة.
كما يبحث الاجتماع سبل تفعيل اتفاقيات النقل التي أبرمت في إطار المنظومة العربية، وهي كثيرة ومترابطة، وقد شكل النقل عائقاً أمام زيادة التجارة البينية العربية وازدهارها، وفقاً لأمين عام جامعة الدول العربية.
وحذر أحمد أبو الغيط كذلك من أن قضية الأمن الغذائي العربي تعد إحدى أهم الأولويات العربية وأكثرها إلحاحاً، مرجعاً ذلك إلى تناقص المخزون الغذائي على المستوى العالمي فضلاً عن ارتفاع الأسعار ومحدودية الموارد، واستمرار النمو السكاني.
من جانبه، رحّب محمد الجدعان وزير المالية السعودي بعودة سوريا قائلاً: «أنتهز هذه الفرصة أيضاً للترحيب بعودة الجمهورية العربية السورية إلى جامعة الدول العربية، متطلعاً للعمل مع الجميع لتحقيق ما نصبو إليه قيادات وشعوباً».
وأوضح الجدعان أنه نتجت عن الأزمات العالمية المتتالية تحديات تنموية واقتصادية مشتركة، أظهرت أهمية التكامل الاقتصادي بين الدول العربية، وضرورة تطوير نماذج اقتصادية ومالية مستدامة تساهم في تعزيز المرونة لمواجهة التحديات والمخاطر.
وأكد الجدعان ضرورة مضاعفة الجهود للعمل بشكل وثيق لضمان تنفيذ القرارات الصادرة عن القمة العربية السابقة في الجزائر، بما يعود بالنفع على البلدان العربية، وينعكس إيجابياً على شعوبها، معرباً عن الأمل بأن تكلل قمة جدة بالنجاح وتخرج بنتائج تساعد على دفع العمل العربي المشترك لتحقيق تطلعات قيادات الدول العربية وشعوبها.
فيما دعا محمد سامر خليل وزير الاقتصاد والتجارة السوري الدول العربية إلى المشاركة بالاستثمار في بلاده، خاصة في ظل وجود فرص مهمة وآفاق واعدة وقوانين جديدة جاذبة للاستثمار في قطاعات رابحة ومجدية اقتصادياً لجميع الأطراف، لافتاً إلى أهمية ودور منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، ليس في تأمين الاحتياجات الاستهلاكية للمواطنين فقط، بل في تأمين احتياجات الاستثمارات والمشروعات التي يتم تنفيذها من مواد أولية وسلع وسيطة وتجهيزات ضرورية. ولذلك، فإن التعاون المشترك يجب أن يشمل إزالة جميع القيود التعريفية وغير التعريفية التي تحد من فرص الاستفادة من منطقة التجارة الحرة الكبرى بالشكل الأمثل تعزيزاً لدورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بهذه المنطقة.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أرسل تعليقك