أقال مجلس النواب الليبي فتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار» الموازية الموالية له، وقرر إحالته للتحقيق، بينما أعلن السفير الأميركي ريتشارد نورلاند اتفاقه مع عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، على أن الأزمة السودانية تؤكد «الحاجة العاجلة» لعملية سياسية تيسرها الأمم المتحدة، وضرورة السيطرة على الأراضي والحدود الليبية.
وأعلن عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، في بيان مقتضب، أن أعضاء المجلس صوتوا اليوم (الثلاثاء) بالأغلبية خلال جلسته الرسمية بمقره في مدينة بنغازي (شرق)، على إيقاف باشاغا، وإحالته للتحقيق، وتكليف وزير ماليته أسامة حماد بتسيير مهام رئاسة الحكومة، بالإضافة إلى وزارة المالية؛ لكن بليحق لم يكشف عن تفاصيل أخرى حول نصاب الحضور أو التصويت، أو أسباب إيقاف باشاغا والتحقيق معه.
ولم يعلق باشاغا على الفور على هذا القرار الذي اتخذه المجلس في غياب رئيسه عقيلة صالح؛ لكنه استبقه بالإعلان بشكل مفاجئ عن تكليف نائبه علي القطراني بتسيير مهام حكومته غير المعترف بها دولياً، وتفويضه بكامل صلاحياته. وفي هذا السياق، أبلغ مستشار باشاغا، أحمد الروياتي، وكالة «أنباء العالم العربي» بأن خلافات حول توزيع أموال الموازنة العامة «هي السبب وراء تفويض باشاغا لنائبه علي القطراني بالقيام بمهام رئيس الحكومة»، وقال موضحاً: «باشاغا تعرَّض إلى ضغوط كبيرة من تيارات سياسية مختلفة حول تصريف الموازنة العامة للدولة»، مضيفاً: «ربما لأن باشاغا أحسن التصرف، وقام بالحفاظ على الأموال التي لا تتجاوز قيمتها 1.5 مليار دولار، ولأنه لم يتصرف فيها كما يريدون، فأحدثوا هذه الضجة والبلبلة... هم يريدونه أن يتصرف بطرق معينة تخدم مصالحهم الخاصة»، مشدداً على أنه «لم يصرف أي قرش من الموازنة العامة حتى الآن».
وأبلغ بليحق خلال انعقاد الجلسة التي ترأسها فوزي النويري، النائب الأول لصالح وعبد الهادي الصغير نائبه الثاني، أنها تتضمن إقالة باشاغا؛ لكنه رفض الخوض في مزيد من التفاصيل. كما أعلن بليحق تصويت مجلس النواب بالأغلبية على سحب قرار هيئة الرئاسة بشأن إعادة تشكيل إدارة المجلس الوطني للحريات العامة وحقوق الإنسان، واعتباره «كأنه لم يكن».
وكان النويري قد مهد الطريق لإقالة باشاغا من منصبه، بعدما أبلغ أعضاء مجلس النواب بإمكانية الانعقاد الأسبوعي للجلسات، دون الحاجة لدعوة من رئيس المجلس.
وتزامن ذلك مع دعوة رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، البرلمان، اليوم (الثلاثاء) إلى الاتفاق معه على تشكيل ما وصفها بـ«حكومة موحدة صغيرة» من أجل إجراء الانتخابات. واعتبر المشري قرار البرلمان بإيقاف باشاغا تم بطريقة «مريبة» بعد اعتماده تلك الحكومة «بصورة غير شفافة»، متهماً مجلس النواب بالاستمرار في «عبثه السياسي».
وقال المشري: «ندعو مجلس النواب إلى الالتفات إلى مصلحة الدولة العليا، بالاتفاق مع المجلس الأعلى للدولة، على خريطة طريق واضحة، تؤدي إلى الانتخابات في ظل حكومة موحدة صغيرة، لغرض إجراء الانتخابات وإنهاء المرحلة الانتقالية». كما حث رئيس مجلس الدولة البرلمان على الكف عن «إصدار القوانين والتشريعات التي لا تتطلبها المرحلة الحالية».
في غضون ذلك، قال عبد الله باتيلي، رئيس بعثة الأمم المتحدة، إنه جدد خلال اجتماعه مع سفراء وممثلي عدد من الدول الأفريقية المعتمدين في طرابلس، تأكيد أهمية التنسيق بين دول المنطقة لتعزيز الأمن، وشدد على دعم الأطراف الفاعلة في ليبيا لإجراء انتخابات حرة وسلمية وشاملة. مجدداً دعم البعثة الأممية لعملية المصالحة الوطنية على النحو الذي يضطلع به المجلس الرئاسي بمساندة من الاتحاد الأفريقي. وأوضح باتيلي أنه أطلع السفراء خلال الاجتماع على أنشطة البعثة الأممية، وتبادل معهم الآراء حول التحديات السياسية والأمنية التي تواجه البلاد والمنطقة.
كما جدد باتيلي لدى لقائه بوفد من وجهاء وناشطي المنطقة الجنوبية تأكيد دعم الأمم المتحدة المستمر والكامل لعملية مصالحة وطنية شاملة، وشدّد على حاجة ليبيا إلى تضميد جراح الماضي، والمضي قدماً نحو مستقبل سلمي؛ حيث يمكن لجميع الليبيين الاستفادة بشكل منصف ومتكافئ من موارد بلادهم الوفيرة.
وقال إنه استمع إلى تطلعات الوفد لعملية المصالحة الوطنية، ومطالبهم بإجراء انتخابات شاملة وحرة ونزيهة، يختار فيها الشعب الليبي قادته.
كما اعتبر باتيلي في تصريحات تلفزيونية اليوم (الثلاثاء) أن إجراء الانتخابات يفرض إشراك كافة أصحاب المصلحة، بمن في ذلك القادة الأمنيون، لافتاً إلى أنه لا يرى أي سبب يمنع إجراء الانتخابات المقبلة، التي قال إنها ستتم إذا توفرت الإرادة والرغبة لدى كافة الأطراف.
في سياق متصل، ناقش السفير والمبعوث الأميركي الخاص ريتشارد نورلاند، مساء الاثنين، مع الدبيبة، ما وصفه بمصلحة ليبيا المشتركة مع الولايات المتحدة، في تأمين وقف إطلاق النار في السودان؛ مشيراً إلى اتفاقهما أيضاً «على أن الأزمة هناك تؤكد الحاجة العاجلة إلى العملية السياسية الليبية التي تيسرها الأمم المتحدة، وضرورة السيطرة على الأراضي والحدود الليبية، من خلال مؤسسات أمنية موحدة، في ظل حكومة منتخبة ذات سيادة».
في شأن مختلف، رصد شهود عيان تحرك عناصر من «جهاز الردع»، بقيادة عبد الرؤوف كاره، على متن سيارات مسلحة إلى محيط مطار طرابلس، المغلق حالياً بسبب خضوعه لعملية صيانة، فيما بدا أنه تجديد للنزاع التقليدي للميليشيات المسلحة حول مناطق النفوذ والسيطرة في العاصمة. كما رصدت وسائل إعلام محلية تحرك رتل مسلح تابع لأسامة جويلي، آمر المنطقة العسكرية الغربية من مدينة الأصابعة، متجهاً نحو مدينة مزدة.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أرسل تعليقك