بيروت - لبنان اليوم
بكثير من الأمل تلقف أهالي ضحايا المرفأ صدور أول حكم قضائي عن محكمة العدل العليا البريطانية ضد شركة “سافارو” الإنكليزية في الدعوى المدنية التي رفعها مكتب الإدعاء في نقابة المحامين. عام ونصف مضى على انطلاق الدعوى المدنية لتنتهي بإصدار حكم بمسؤولية الشركة تجاه الضحايا الممثلين في هذه الدعوى. وعليه انطلقت المرحلة الثانية من المحاكمة، وهي مرحلة تحديد قيمة التعويض المستحق للضحايا.من حينه بدا وكأن ثمة قرار دولي بتحريك ملف جريمة العصر أو ما سمي بأكبر جريمة غير نووية تبدأ بتأليف لجنة تقضي الحقائق لوضع يدها على الملف. خبر يطمئن إلى حد ما أهالي ضحايا المرفأ ويضيء شمعة في درب الحقيقة التي بات من المؤكد أنها طُمرت إلى ما لا نهاية. لكن حتى على مستوى المسار ثمة عقبات وربما هوة دولية عميقة قد تكون دُفنت فيها الحقيقة سلفا.
طبعا هذه النتيجة ليست محسومة حتى اللحظة لأن الخطوة الأولى المتمثلة بتحقيق دولي في ملف المرفأ كان يجب أن يبدأ بعد أيام معدودة على وقع الإنفجار إلا أن المؤشرات الأولية التي صدرت أظهرت عدم وجود نية بذلك، تارة بحجة الخشية من تمييع الدعوى على غرار ما حصل في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري حيث استمرت المحاكمة أعواما، في حين أن الحقائق ظهرت في أقل من 6 أشهر لدى لجنة تقصي الحقائق. أما الحجة الثانية فكانت “أن هناك قضاء نزيها وقضاة يتمتعون بالكفاءة.ولم تخلُ التصاريح من إطلاق الوعود ومنها “أن الحقيقة ستظهر في خلال 5 أيام على أبعد تقدير”.
انتهت مهلة الخمسة أيام ودخلت الجريمة عامها الثالث “ولو اعتمدنا مسار تدويل الملف لكنا اليوم أمام الأجوبة التي يطرحها أهالي الضحايا كما الرأي العام اللبناني ، من فجر المرفأ ومن خبأ كميات نيترات الأمونيوم في العنبر رقم 12؟”. قناعة الرئيس السابق لمجلس شورى الدولة القاضي شكري صادر لم تتغير لا بل تأكدت أكثر فأكثر من خلال العراقيل التي وضعت أمأم قاضي التحقيق العدلي الأول فادي صوان قبل “قبعه” بقرار من محكمة التمييز، والقاضي طارق البيطار الذي يبدو أنه بات بدوره على قناعة أن سجادة التحقيق سُحبت من تحت أقدامه بعدما تم تجميد مسار التحقيقات التي كان يقوم بها من خلال عشرات دعاوى الرد وطلبات الرد.
وتوضيحا يشير القاضي صادر لـ”المركزية” بأن الكلام اليوم عن تدويل ملف جريمة المرفأ ليس دقيقا بالمعنى القانوني .” فمهام لجنة تقصي الحقائق يقتصر على تقييم دور القضاء في لبنان والأجهزة الأمنية ومعرفة مدى قدراتها على إجراء التحقيقات ودراسة وتحليل موقع الجريمة وهي تضم محققين من دول حيادية. ويلفت إلى أنه لمجرد أن تلحظ اللجنة عدد طلبات الرد والعراقيل الموضوعة في وجه المحقق العدلي ستتكون لديها فكرة بعجز القضاء اللبناني عن التحقيق في جريمة تفجير المرفأ . إلا أن الحقائق والأدلة التي ستجمعها لن تساهم في الإضاءة على الحقيقة لأن المسألة مرتبطة بتشكيل لجنة تحقيق دولية وهذه من مسؤولية مجلس الأمن .فهل يقدم على هذه الخطوة؟من الواضح أن أي كلام عن تعاون دولي في شأن الوصول إلى حقيقة من فجر مرفأ بيروت غير دقيق، وثمة أدلة كثيرة قد تتكشف مع مرور الزمن .من هنا يرجح صادر أن تقتصر مسالة التدويل على إرسال لجنة تقصي دولية.
في الدعوى المدنية التي أُقيمت ضد شركة “سافارو” في 2 آب 2021، تمكّن مكتب الإدعاء في نقابة المحامين من وقف عملية التصفية التي أطلقتها الشركة أوائل العام ٢٠٢١ للتنصل من مسؤوليتها وفي المرحلة الثانية من المحاكمات سيتم تحديد قيمة التعويضات .وفي السياق يقول القاضي صادر ” حتى الكلام عن التعويضات “مزحة” لأن القيمة الحقيقية للتعويضات في هذه الجريمة تراوح بين 7 و10 مليار دولار وأكبر شركة لا يتخطى رأسمالها الـ20 مليون دولار. فعن أي تعويضات يتكلمون، وماذا لو أعلنت شركة سافارو إفلاسها، من سيعوض على الأهالي؟”.
“العبرة من محاكمة سافارو هي معرفة صاحب ال2700 طن من نيترات الأمونيوم التي كانت تحملها الباخرة التابعة لشركة “سافارو” ومن أمر بتفريغها في مرفأ بيروت ومن اشترى البضاعة ومن وقع على طلب الإستلام؟ هذا هو التعويض المعنوي الذي سيكشف عن الحقيقة ويبرد قلوب أهالي الضحايا وليس التعويض المالي الوهمي”.نفهم من ذلك أن الحقيقة اختفت كما الصور على الأقمار الإصطناعية التابعة للدول العظمى ومنها فرنسا والولايات المتحدة وروسيا وإسرائيل المزروعة في الفضاء وقيل إنها لم تسجل شيئا من عملية التفجير عصر ذاك الرابع من آب 2020؟“هذا نصيب الضعفاء” يختم القاضي صادر.
قد يهمك ايضاً
أرسل تعليقك