وصف رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذكرى الـ29 لتفجير كنيسة سيدة النجاة بـ”اليوم المشؤوم” في تاريخ لبنان، مؤكدًا أنّ “القوات اللبنانية ستتوقف عند هذه الذكرى سنويا حتى بعد مرور 290 عاما، انطلاقا من معناها، ولو ان البعض يسأل ان كان احياؤها “بيحرز بعد”، باعتبار انها “جريمة كبيرة جداً، ومن الجرائم القليلة التي حصلت في هذا الحجم والشكل والنوعية في لبنان وقتل فيها أناس ابرياء، في فترة الصوم، كانوا يصلون في كنيسة، من قبل من كان يتوجّب عليه حمايتهم”.
وأضاف جعجع: من غير الممكن ان ننسى استشهاد 11 لبنانيا ما زال اهلهم يتألمون الى اليوم هم الباقون في ذاكرتهم وذاكرتنا معا، كما لا يغيب عنّا مآسي عشرات الجرحى والدمار الذي شهدته الكنيسة وجوارها. هذا الجانب مؤلم وقاسٍ، ولكن الجانب الاكثر ألما ان السلطة التي من واجبها حماية الناس والسعي الى كشف الحقيقة كانت اول من جهّل الفاعل وارسى التهمة على حزب “القوات” بغية التخلص منها. وبالتالي منذ اللحظة الاولى، سعت الاجهزة الامنية والقضائية، وهذا ما يحزن، الى رمي التهمة على “القوات” بدلا من السهر لتأمين سلامة البلد واستقراره”.
وتابع: “أتذكر حين كنت في مكتبي وسمعت صوت ذاك الانفجار، لم اعرف موقعه، قبل التواصل مع بعض المراجع التي ابلغتني انه حصل في كنيسة سيدة النجاة وان الوسائل الاعلامية بدأت بالنقل المباشر. التعليق الأول اتى من وزير الداخلية في حينها الذي، وقبل البدء بالتحقيقات ومعرفة المعطيات، أعلن ان “خلف هذه الجريمة اسرائيل ونفّذها عملاؤها في لبنان “ومفهومين من هني”، من ثم علت ابواق الممانعة، كما تعرفونها، مرددة هذا الكلام”.
كما كشف جعجع أنه “قبل هذه الحادثة بشهرين، طلب الرئيس الراحل الياس الهراوي بعد عودته من الشام، من شخص ما، ايصال رسالة لنا مفادها بأن النظام السوري “ناوي عليي” ويجب ان اغادر لبنان مع زوجتي. وهذه الواقعة مدوّنة في مذكرات الرئيس الهراوي”.ولفت الى أنّ “النظام الامني اللبناني – السوري، الذي كان آنذاك في عزّه، اتبّع سياسة “اختيار” السلطة للفاعل بدلا من القيام بالتحقيقات اللازمة للوصول الى المجرم الحقيقي، كما يحصل في كل الانظمة المماثلة التي، وللأسف، ما زالت “تعشعش” في بعض جوانب القضاء والامن اللبناني”.
وأكد رئيس “القوات” أنّ “القرار الظني في هذه الجريمة كان الأسوأ والأتفه في تاريخ القضاء اللبناني، اذ جاءت كل الوقائع مغلوطة لتثبيت التهمة على “القوات” من خلال استحضار شهود غير متواجدين في لبنان او تلفيق شهادات على لسان اخرين او الصاق وقائع حصلت في ايام الحرب في ظروف واماكن وتواريخ مختلفة”.
واستطرد قائلًا: “وهنا أتذكر واقعة، حين بدأت محاكمات تفجير الكنيسة، حاولت السلطة والنظام الامني اللبناني – السوري الضغط على اهالي الشهداء الـ11 لتقديم ادعاءات شخصية ضدي، الا ان الجميع رفض القيام بذلك، على خلفية ان حدس الناس لا يخطئ، رغم كل الوجع والألم والضغوط التي مارسها ذاك النظام عليهم، كما ان جميع اللبنانيين ادركوا حينها ان “القوات” لا علاقة لها بتفجير الكنيسة ووجهوا اصابع الاتهام نحو الفاعل الحقيقي. مع العلم، ان هذا الاخير سخّر، في الوقت نفسه، معظم الوسائل الاعلامية نحو هذا الاتجاه. انطلاقا من هنا، نؤكد انه “ما بصح الا الصحيح”، ولو ان الصحيح لم يصحَّ بعد، وسيأتي وقته ليثبت بالأرقام والدلائل من هو الفاعل ومن كلفت السلطة لتنفيذ هذه الجريمة”.
وإذ شدد جعجع على أن “الأسوأ من كل هذا التلفيق أنه نُفذ من قبل السلطة القائمة يومها للتخلص من “القوات” التي كانت تتحضّر في تلك المرحلة للقيام بالدور الذي تلعبه في الوقت الحاضر”، أشار الى أن “الجميع يعي اننا شاركنا في اتفاق الطائف ومباحثاته لوضعه قيد التنفيذ”.وأردف: “منذ البداية، تجلّت نيّة نظام الاسد وحلفائه اللبنانيين و”الزقيفه” الآخرين بعدم تطبيق اتفاق الطائف، سعيا منهم لايصالنا الى هذه الوضعية. اذ بعد محاولاتنا الحثيثة لأشهر، كما نعمل اليوم مع السلطة الحالية، تبين لنا ان الاستمرار على هذا النحو هو بمثابة المشاركة في الجريمة المرتكبة بحق لبنان، كما ظهر تباعا. من هنا قررنا الخروج الى صفوف المعارضة، رغم اننا “بُلّغنا” ان المعارضة غير ممكنة، فبدأنا باجراء الاتصالات ونظمنا اجتماعا سريا بين الرئيس الشهيد رفيق الحريري وبيني في حزيران 1992 بعد ان رأينا ان ما يحصل ليس تطبيقا لاتفاق الطائف”.
وتابع: “قررنا التحضير للعب الدور الذي عدنا ولعبناه اليوم، اي ان نكون رأس حربة في المعارضة الجدية الراغبة بقيام الدولة وتوقيف كل من يريد تغيير هوية لبنان ويفرض نظاما امنيا عسكريا استبداديا قامعا للحريات، الا انهم “استلقونا” وأوقفونا قبل استكمال التحضيرات، متخذين قرار حلّ حزب “القوات” ووضعنا في الاعتقال او تهجيرنا، ولكن ما حصل كان موقتا، ففي النهاية هم من تهجروا ونحن عدنا وبقينا وسنبقى. استهدفوا “القوات” لانها كانت تستعد للعب الدور الذي تلعبه في هذه المرحلة. من العام 2005 الى اليوم لم نر يوم خير في لبنان، اذ نفذوا جريمة بحجم جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والشهداء الـ17، فكان انفجارٌ هزَّ بيروت في وقت منعوا اي تحقيق جدي الى درجة “فركشوا” التحقيق الدولي حتى خرج بنتيجة دلّت على الفاعل ولكن لم تكن على قدر النتيجة المرجوة”.
جعجع الذي رأى ان البعض يحاول المقارنة بين تفجير كنيسة سيدة النجاة وتفجير مرفأ بيروت، أكد ارتباطهما من ناحية الوجع المشترك وسقوط ضحايا من المدنيين كما ان الفاعل واحد في مكان ما، باعتبار انه ينتمي الى الجبهة العريضة المسماة “الممانعة”، ولكن اشار الى ان الفرق الاساسي بينهما ان جريمة تفجير سيدة النجاة نُفذت عن سابق تصورٍ وتصميم بغية اتهام القوات بها اما جريمة “مرفأ بيروت” فمن المستبعد ان تكون كذلك”.
وفي هذا الإطار، شدد على اننا “بانتظار التحقيقات لتُثبت هذه النظرية او تسقطها ولكشف حقيقة انفجار مدمّر اودى بحياة المئات والاف الجرحى، فضلا عن الاضرار المادية”.
واوضح أن “في ما يتعلّق بجريمة “تفجير الكنيسة” اجريت التحقيقات لـ”تلبيسها” لفريق آخر، بينما في جريمة “تفجير المرفأ” يمنعون التحقيق في شتى الطرق، اذ عُيِّن المحقق العدلي الاول وأُجبِر على الاستقالة ليُعيَّن بعدها محققٌ آخر اصرّ على المتابعة ولم يتراجع رغم كل الضغوط ، فاتبعوا عندها سياسة العرقلة من خلال ضرب القضاء”.
ولفت جعجع الى ان “المعنيين والمسببين لهذه العرقلة هم ابناء المحور نفسه، محور الممانعة، فهذا اسلوبهم وهم منذ نشأتهم لا يريدون لا حقيقة ولا عدالة ولا شفافية بل يفضلون الغموض والظلام لأن “اللعيبة تبعن” خلف كل هذه الجرائم بشكل او بآخر”.واذ قدم التعازي من أهالي الشهداء ورفع الصلاة عن راحة أنفسهم، قال جعجع: “الله يعطينا العمر والجهد والقوة كي لا تبقى حقيقة تفجير الكنيسة ضائعة الى الآبد وسنثابر لكشف حقيقة من فجّر مرفأ بيروت حتى لا تلقى المصير نفسه”.
قد يهمك ايضاً
أرسل تعليقك