عناصر من الأمن الجزائري يتولون حراسة حافلة ركاب تنقل الرهائن المحررين
الجزائر ـ حسين بوصالح
أفادت مصادر أمنية جزائرية، الأحد، أن "العملية الإرهابية" التي نفذتها كتيبة "الموقعون بالدماء" على قاعدة الحياة النفطية( شرق الجزائر)، "شارك فيها 30 مسلحًا، من 7 جنسيات، بينهم 3 جزائريين فقط، فيما أُوكِل إلى الأمير (أبو البراء) الإشراف العام على التنفيذ". وبينما اعتبر الرئيس
الأميركي باراك أوباما، أن هذا "الاعتداء الإرهابي"، دليل على ضرورة مواصلة الحرب ضد "الجماعات الإسلامية المسلحة"، دان بشدة الهجوم على موقع الغاز في عين أميناس، قائلاً "أميركا كانت على اتصال دائم بالسلطات الجزائرية، واقترحت تقديم أية مساعدة بغرض التصدي لهذا الاعتداء".
وأوضحت مصادر أمنية جزائرية، أن "المسلحيّن اللذين سلما نفسيهما بعد هجوم قوات الجيش على قاعدة الحياة النفطية، كانا يرتديان أحزمة ناسفة، وفضلا تسليم نفسيهما، وكشفا أن المجموعة المسلحة تنتمي إلى (كتيبة الملثمين)، التي يتزعمها الإرهابي الخطير مختار بلمختار المكنى بـ(خالد أبو العباس)، والذي أطلق عليها اسم (الموقعون بالدماء) في كانون الأول/ ديسمبر الماضي".
ولفتت المصادر، إلى أن "العناصر التي نفذت الاعتداء تنتمي إلى 7 جنسيات، ولا يتواجد بها سوى 3 جزائريين من بينهم قائد العملية، المكنى (أبو البراء)، بينما اسمه الحقيقي عبد القادر درويش، وينحدر من حي تزقة الشعبي في بلدية تخمارت تبع ولاية تيارت غرب البلاد". وأفادت المصادر أن "أبو البراء" عُرِف بـ"سلوكه العدائي، المتطرف، وتنقل إلى وهران ثم مالي قبل 5 سنوات فرارًا من ملاحقات الأمن، حتى أصبح أحد مقربي بلمختار الملقب بالأعور".
من ناحيته، أكد أحد الموقوفين أن "المجموعة التي اعتدت على منشأة عين أميناس تتكون من 30 مسلحًا وهي مزيج من 7 جنسيات: 11 تونسي، و7 مصريين، و5 من مالي، و3 جزائريين، إلى جانب كنديين اثنين، ونيجري وموريتاني"، مشيرًا إلى أن "العملية تمّ التحضير لها قبل شهرين في نيجيريا تحت إشراف مباشر من مختار بلمختار الذي حدد مسؤوليات العملية، حيث منح الإشراف العام للقيادي (أبو البراء)، والعمليات الميدانية إلى النيجيري (عبد الرحمن)، والتنسيق إلى أحمد بن شنب".
وأضاف ذات المصدر أنه "تمّ تجنيد 30 مسلحًا، إلى جانب تخصيص 3 شاحنات، وعتاد حربي ثقيل تمثل في صواريخ وقاذفات لتنفيذ العملية، فيما رُسِمت خطة الوصول إلى عين اميناس، بالعبور من النيجر في اتجاه الحدود الليبية، حيث دخلت كتيبة (الموقعون بالدماء) إلى الجزائر".
وتطابقت اعترافات الموقوفين حول أهداف العملية المسلحة، مؤكدين "سعي الكتيبة إلى اختطاف أكبر عدد من الرهائن الأجانب، واحتجازهم في مواقع التنظيم المسلح في شمال مالي لاستخدامهم كورقة ضغط في وجه الدول الغربية التي شنت حربها على المنطقة، إضافة إلى حاجة التنظيم إلى المال بغرض التسليح، تحضيرًا للمرحلة المقبلة، مع إلحاق خسائر في منشأة الحياة النفطية، وهي أهداف فشلت الكتيبة في تحقيقها ميدانيًا".
يُشار إلى أن قوات الجيش الجزائري تمكنت من القضاء على 28 مسلحًا، وتوقيف 2 سلما نفسيهما بعدما اجتاحت قوات الجيش الخاصة منشأة الحياة، وأحكمت قبضتها على المنطقة.
وفي تعليقه على اعترافات الموقوفين، رأى الخبير الأمني محمد شفيق مصباح، أن "تركيبة الجماعات المسلحة في منطقة الساحل تدّعمت بشكل مخيف عقب سقوط نظام القذافي، وتعد إفرازات الربيع العربي، وانتشار تهريب الأسلحة عبر الحدود نحو شمال مالي"، لافتًا إلى أن "تنظيم القاعدة عرف تطورًا خلال السنوات الأخيرة بامتلاكه أسلحة متطورة ذُهِل الجيش الفرنسي منها في هجومه الأخير على الجماعات المسلحة".
وقال مصباح، إن "المزيج الذي يحظى به تنظيم القاعدة في منطقة الساحل، يؤكد حقيقة أنه تهديد صريح لكلّ هذه الدول التي ينحدر منها هؤلاء الإرهابيون"، لافتًا إلى أن "تمكن التنظيم من استقطاب وتجنيد هذه الأعداد الكبيرة يعود إلى خبرة قادته في شكل مختار بلمختار الذي أسس (كتيبة الملثمين) قبل 20 عامًا، وله علاقات واسعة في دول النيجر ومالي وليبيا". وأكد مصباح أن "قيام دولة طوارق في الصحراء الكبرى تمتد من ليبيا إلى موريتانيا مرورًا بالنيجر والجزائر ومالي يوضح وجود جنسيات مختلفة".
من ناحيته، أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما، الأحد، أن "مسؤولية هذه المأساة تقع على عاتق الإرهابيين الذين نفذوها، وأن الولايات المتحدة تدين أعمالهم بأقوى العبارات"، مضيفًا:"لقد كنا على اتصال دائم مع المسؤولين الجزائريين، ونحن مستعدون لتقديم أي مساعدة يحتاجونها عقب هذا الهجوم، وأن الولايات المتحدة سوف تواصل العمل عن كثب مع كل شركائها لمكافحة ظاهرة الإرهاب في المنطقة، التي أودت بحياة عدد كبير من الأبرياء، وأن الهجوم على الموقع الغازي في عين أميناس، تذكرة أخرى للتهديد الذي تشكله القاعدة والجماعات المتطرفة العنيفة الأخرى في شمال أفريقيا".
من جانبها، أجمعت دول غربية عدة على نجاح العملية العسكرية التي أقدمت عليها الجزائر لتحرير الرهائن والقضاء على المجموعة المسلحة، رغم أنها أبدت قلقها مع بداية الهجوم، مشيدة بالموقف الجزائري سياسيًا وعسكريًا، لإنهاء الجحيم الذي عاشه الرهائن منذ فجر الأربعاء الماضي، لتؤكد الجزائر خبرتها في التعامل مع الجماعات "الإرهابية"، مقدمة درسًا شافيًا لكل العالم، حيث أكدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون "أنه لا أحد يعرف أفضل من الجزائر شراسة الإرهابيين"، مشيرة إلى ضرورة تعمق التعاون الأميركي الجزائري في مكافحة ظاهرة الإرهاب، فيما قال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إن "الجزائر قدمت لكل العالم الجواب الشافي في طريقة مكافحة "الإرهاب"، وهو سؤال كان يطرح بشدة أمام خبراء الأمن في العالم، مضيفًا أن "الظاهرة لا يمكن معالجتها إلا بالطريقة الجزائرية".
من جانبه، أكد مدير المركز الفرنسي للبحث في الاستعلامات الخبير إيريك دينيسي، في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية، السبت، أن الهجوم الذي نفّذته القوات الخاصة لتحرير الرهائن كان "ضروريا ولا مفر منه"، مشيرًا إلى أن العملية أعطت ثمارها، وأنه لا يمكن تفادي الهجوم حتى، وإن كان بالإمكان اتخاذ قرار التفاوض، حيث فشل الإرهابيون في محاولتهم بفضل التدخل السريع للوحدات الخاصة.
فيما أشاد الرهائن المحررون من مختلف الجنسيات بالدور الكبير الذي لعبته القوات الخاصة للجيش، مؤكدين أن "الجيش تلافى مجزرة حقيقية، في وقت لم تكن المجموعة الإرهابية تنتظر هذه الخطوة التي أحبطت كلّ خططها وحساباتها".
يُذكر حسب بيان وزارة الداخلية الجزائرية، أن الهجوم الذي شنته القوات الخاصة للجيش الجزائري، الخميس، قد أسفر عن تحرير 685 عاملاً جزائريًا و 107 عاملاً أجنبيًا، الذين كانوا رهائن محتجزين من طرف عناصر كتيبة "الموقعين بالدماء"، التي يتزعمها مختار بلمختار، في الموقع الغازي لتيقنتورين الواقعة على مسافة 40 كم من عين أميناس في ولاية إيليزي، بالإضافة إلى القضاء على 32 إرهابيًا ومقتل 23 شخصًا.
أرسل تعليقك