حرفيون في صحراء المماليك غرب العاصمة المصرية يعيدون الحياة إلى مدينة الموتى
آخر تحديث GMT18:19:39
 لبنان اليوم -

الشوارع ضيقة ومتعرجة ومتداخلة ولا توجد لافتات إرشادية

حرفيون في صحراء المماليك غرب العاصمة المصرية يعيدون الحياة إلى "مدينة الموتى"

 لبنان اليوم -

 لبنان اليوم - حرفيون في صحراء المماليك غرب العاصمة المصرية يعيدون الحياة إلى "مدينة الموتى"

حرفيون في صحراء المماليك
القاهرة-لبنان اليوم

لكل منطقة في القاهرة حكاية، ولكل مبنى تاريخ، وهنا في صحراء المماليك، غرب العاصمة المصرية، متحف مفتوح، رغم ما تبدو عليه المنطقة من أنها مجرد مقابر قديمة.في قلب هذه المنطقة توجد مجموعة السلطان قايتباي، التي تضم مدرسة ومسجدا وسبيلا وكتابا وضريحا ومئذنة، أنشأها السلطان المملوكي الأشرف قايتباي سنة (877-879 هـ).الشوارع ضيقة ومتعرجة ومتداخلة. لا توجد لافتات إرشادية، وتختفي ملامح المنازل داخل المقابر. لجأنا إلى شاب، يجر عربة يبيع عليها أسطوانات بوتاجاز، وسألناه: من أين نذهب إلى مسجد قايتباي؟ استغرب من نطق "القاف" ونطقها هو بـ"الألف": "آيتباي!! على طول (إلى الأمام) يمين في شمال هتلاقي عمارتين أدخل ما بينهم هتلاقي نفسك أدام (أمام) الجامع"، قالها هكذا بالعامية المصرية، قبل أن يضحك: "دا مش أي جامع دا مرسوم على الجنيه".

عمر المماليك المنطقة نهاية القرن الرابع عشر الميلادي، بإنشاء المساجد وألحقوا بها مدارس والخانقاوات (المكان الذي ينقطع فيه المتصوف للعبادة)، ومدافن لهم، وجميعها لها طابع معماري متميز، تظهر فيها دقة الصناعة وجمالها. وتعد مئذنة مسجد قايتباي أجمل مئذنة بين المساجد المملوكية. ونظرا لبراعة تصميم المسجد اختير ليوضع على العملة النقدية المصرية فئة الجنيه.وتميزت المجموعة ببراعة التصميم، والتكوين المعماري والتشكيل الزخرفي ومهارة التنفيذ، ما جعلها قبلة للباحثين والدارسين والمهتمين بالعمارة.ومن بين هؤلاء جاءت المعمارية البولندية أجنيشكا دوبروفولسكا، مديرة مكتب أركينوس للعمارة، والتي أظهرت اهتماما خاصة بمجموعة قايتباي، وسعت بالتعاون مع وزارة الآثار المصرية والاتحاد الأوروبي إلى إعادة تطوير المجموعة، معتمدة على نظرية في التطوير، بأنه لا يمكن تطوير أي أثر دون البشر من حوله، تقول أجنيشكا: "وجدت الناس هنا لديهم مهارات يدوية عالية، فقلت لماذا لا يرتبط الترميم بهم بشكل مباشر، فنحن في الأساس نبنى الإنسان قبل الحجر".وتضيف المعمارية و المرممة البولندية: "استطعنا أن نقيم مشروعات تنموية وثقافية وفنية، لدعم أهالي الحي وذلك من خلال الجمعية الأهلية التي أسسناها، تحت اسم السلطان".

تطوير الحي

على المقهى المجاور للمسجد يجلس أحمد (أحد سكان المنطقة) يدخن الشيشة رغم قرارات الحكومة المصرية بحظرها ضمن الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا المستجد. يقول أحمد إن المنطقة بالفعل تغيرت للأحسن، لكنه يأمل في أن يطال التطوير كل المنطقة وليس المنطقة المحيطة بالمسجد.ويعمل الاتحاد الأوروبي بإشراف من وزارة الأثار المصرية على عدة مشروعات لتطوير المنطقة منذ 2014. وبحسب الموقع الرسمي للاتحاد الأوروبي، موّل الاتحاد حتى 2018 ثلاثة مشاريع رئيسية في المنطقة بإجمالي منح بلغت 1.3 مليون يورو.
ولفت تقرير على موقع الاتحاد إلى أن المشاريع هدفت في الأساس إلى الحفاظ على المعالم المملوكية الرئيسية كمحرك للتنمية الاجتماعية والاقتصادية للسكان المحليين.يشير أحمد إلى سور تابع لمجمع قايتباي، ويقول "هنا كانت أكوام كبيرة من القمامة، الآن اختفت"، وتمر سيارة تابعة لهيئة نظافة وتجميل القاهرة لرفع هذه القمامة تأتي مرة وأحيانا مرتين.وأعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية عبر موقعها بدء العمل في مشروع لتطوير مجمع السلطان قايتباي في 2018، بالتعاون مع مكتب أركينوس للعمارة وبتمويل من الاتحاد الأوروبي، وبمشاركة من مؤسسة "سلطان".
ولم تكشف الوزارة تفاصيل المشروع، غير أن الاتحاد الأوروبي أكد أن هذا المشروع يأتي ضمن مشروع تطوير المنطقة التي بدأها الاتحاد الأوروبي، وأنها المرحلة الثالثة و"الأكثر أهمية في عملية الترميم والصيانة" في المنطقة، وكان من المخطط لها أن تنتهي في أغسطس/ آب 2020، غير أن العمل تعطل بسبب فيروس كورونا أجلت الانتهاء من المشروع.وتتولى مؤسسة "سلطان"، ومكتب أركينوس إدارة مجموعة من المشروعات التنموية في المنطقة، كورش لصناعة الزجاج، والجلود، والحليّ، وجميع الأيدي العاملة فيها من شباب ونساء المنطقة.

صناعة الزجاج

يعمل خالد علي، في صناعة الزجاج منذ 45 سنة في نفس المهنة، يقول إنه واحد من الصنايعية القليلين الموجودين في مصر حاليا، لافتا إلى أنه ورث المهنة عن آبائه، وتمكن من تعليمها لأبنيه (أحمد ومحمد) اللذين يعملان معه.ويقول إن مهنته صعبة وشاقة، وموهبة في الوقت نفسه، ويشير إلى أنه "على مستوى مصر لا يوجد أكثر من 10 صنايعية فقط".وورشة خالد عبارة عن غرفة كبيرة لا تتجاوز مساحتها 20 مترا مربعا، وبها فرنيين حجريين وملحق بالورشة غرفة ثانية عبارة عن معرض للمنتجات.

يقول أبو أحمد إن منتجاته تصدر إلى معظم دول العالم، "في الخارج يقدرون صنعتنا وما نقوم به"، ويشير إلى صور معلقة على حائط الورشة، وهي شهادات موقعة من الاتحاد الأوروبي، وتقارير من صحف أجنبية حول عمله، كدليل على أن عمله وصل إلى العالمية، وأنه يقوم بتصدير إنتاجه إلى معظم دول العالم.ولا يخشى خالد من التطور التكنولوجي، مشددا على أن مهنته لا يمكن أن تقوم بها آلة لأنها مهنة إبداع، ويؤكد خالد بفخر: "لم تستطع الصين حتى الآن تقليد ما نقوم به".في ركن من ورشة خالد وعاء كبير به عبوات زجاجية فارغة، يشير خالد إليها ويؤكد أنه يعتمد في صنعته على مخلفات الزجاج، لافتا إلى أن لذلك أهمية بيئية واقتصادية كبرى.ويوضح خالد: "زمان كنا نشعل هذه الأفران بالأخشاب، الآن نستخدم الغاز. نقوم بإشعال الفرن لمدة ساعة ونصف قبل أن نبدأ العمل".
ويتابع: "بالطبع هذا زاد من تكلفة الصناعة لكنه وفر في الوقت".

ويقول خالد إنه يلقي بالزجاج في الفرن لمدة نصف ساعة، وعندما يتحول الزجاج إلى عجين يبدأ في تشكيله حسب التصميم الذي يريده، معتمدا على 4 مواسير حديدية.

صناعة الحلي

بالقرب من ورشة صناعة الزجاج، تقع مشكاة، وهي ورشة لصناعة الحلي والجلد، وقبل أشهر تم إطلاق اسم مشكاة كعلامة تجارية جديدة للحلي والحرف اليدوية.

داخل الورشة تجلس نهاد (21 سنة) تصنع حلق من النحاس، وإلى جوارها عايدة (40 سنة) تعمل في شنطة من الجلد، والاثنتان من سكان المنطقة.

تقول هبة النجار مصممة الحلي ومديرة إنتاج "مشكاة":
المشروع تعمل فيه حوالي 80 سيدة من أهالي المنطقة، لافته إلى أنه في البداية لم يكن هناك إقبال على المشروع من قبل النساء، ثم أصبح هناك إقبال كثير على المشروع.
وتستلهم "مشكاة" تصميماتها من أنماط الرسومات الهندسية والنباتية الموجودة في المباني المعمارية المملوكية المحيطة.

وتضيف هبة النجار، أنها لاحظت تغييرا كبيرا على النساء اللاتي عملن معها في المشروع.

ولفتت إلى أن النساء يعملن بنظام "القطعة/ الإنتاج"، مشددة على أنه يتم دفع ثمن القطعة التي تنتجها كل سيدة، سواء تم بيعها أو لا.

وتؤكد نهاد، التي تعمل في المشروع منذ أكثر من عام، أن المشروع كان له دور كبير في إحداث تغيير في حياتها. وتشير إلى أنها في البداية قامت إدارة المشروع بتدريب مجموعة من النساء والفتيات من سكان الحي، ثم سمحت لهن بالعمل، وعرض أعمالهن في غاليري بالقرب من مسجد قايتباي. تضيف نهاد: "صحيح هي مهنة صعبة، لكنها مهنة تصنع الجمال".

وتشير عايدة التي تعمل في صناعة الجلود، إلى أن العمل في المشروع ساعدها كثيرا على إحداث تغيير للأفضل في حياتها، وتضيف: "الآن أستطيع العمل سواء مع مشكاة أو بشكل خاص"، وتتمكن عايدة من الحصول على راتب شهري يقارب من 100 دولار، لكن هذا يتعلق في النهاية بكمية ما تنتجه.
ويعرض في الغاليري التابع لمشكاة، منتجات متعددة مثل سلاسل وحلقان وأساور، وكذلك منتجات جلدية، شنط نسائية ومحافظ نقود، وحافظات نظارات، بالإضافة إلى المذكرات والنوتات الجلدية. ويقول عمرو، المسؤول في الجاليري إن منتجاتهم متوفرة بألوان متعددة، وأنه يمكن اختيار تصميم معين وتقوم مشكاة بتنفيذه، لافتا إلى أن جميع منتجاتهم موجودة على صفحة خاصة بهم على "فيسبوك"، وتقدم المشكاة خدمة توصيل المنتجات إلى المنازل.
قد يهمك ايضا

65 لوحة فنية تغادر قصر باكنغهام في بريطانيا بسبب الصيانة

 

 

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرفيون في صحراء المماليك غرب العاصمة المصرية يعيدون الحياة إلى مدينة الموتى حرفيون في صحراء المماليك غرب العاصمة المصرية يعيدون الحياة إلى مدينة الموتى



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:23 2022 الثلاثاء ,17 أيار / مايو

توبة يتصدر ترند تويتر بعد عرض الحلقة 26

GMT 15:53 2024 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

بحث جديد يكشف العمر الافتراضي لبطارية "تسلا"

GMT 12:55 2021 الإثنين ,02 آب / أغسطس

وضعية للهاتف قد تدل على خيانة شريك الحياة

GMT 16:06 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

دكتوراه لراني شكرون بدرجة جيد جدا من جامعة الجنان
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon