المسحراتي أيقونة رمضان ورمزه الفـريد عبر الزمن الطويل
آخر تحديث GMT19:34:03
 لبنان اليوم -

قرون طويلة مضت والمسحراتي ينادي في طرقات المسلمين

"المسحراتي" أيقونة رمضان ورمزه الفـريد عبر الزمن الطويل

 لبنان اليوم -

 لبنان اليوم - "المسحراتي" أيقونة رمضان ورمزه الفـريد عبر الزمن الطويل

"المسحراتي"
جدة – العرب اليوم

مضت قرون طويلة ، وهو ينادي في طرقات المسلمين "يا عباد الله وحدوا الله.. اصحَ يا نايم وحد الرزاق".

إنه "المسحراتي"، أيقونة رمضان ورمزه الفريد عبر الزمن الطويل.

تعددت وسائل وأساليب تنبيه الصائمين وإيقاظهم من عصر إلى عصر، وفي العصر الحديث، أصبح لا يوقظ نيامًا، بعد أن أصبح الناس يسهرون لقرب الصباح، ولكنه أصبح بمثابة مسحراتي للذاكرة، يوقظها من العام للعام، ليعيد إليها عبق التراث الذي بدأ يتلاشى خلف زخم التقنيات الحديثة.

ففي العهد النبوي الشريف، لم يكن الناس يعرفون المسحراتي بشكله الفلكلوري الأثير، بل كانوا يعرفون وقت السحور بأذان بلال، ويعرفون الإمساك بأذان ابن أم مكتوم، ومع اتساع رقعة الدولة الإسلامية وتعدد الولايات بدأت تظهر وسائل أخرى للسحور، فظهرت وظيفة المسحراتي في العصر العباسي، حيث يعتبر عتبة بن إسحاق والي مصر أول من طاف شوارع القاهرة ليلًا في رمضان لإيقاظ أهلها لتناول طعام السحور عام 238هـ، وكان يتحمل مشقة السير من مدينة العسكر إلى الفسطاط مناديا الناس "عباد الله تسحروا فإن في السحور بركة".

وفي العصر الفاطمي أصدر الحاكم بأمر الله أمرا بأن ينام الناس مبكرين بعد صلاة التراويح، بينما كلف الجنود بالمرور على البيوت يدقون الأبواب ليوقظوا النائمين للسحور.

ومع مرور السنين عين أولو الأمر رجلا للقيام بمهمة المسحراتي كان ينادي "يا أهل الله قوموا تسحروا"، ويدق على أبواب البيوت بعصا كان يحملها في يده، فيما تطورت مع الأيام إلى طبلة يدق عليها دقات منتظمة.

وعلى امتداد العالم الإسلامي اتخذ المسحرون أشكالا مختلفة، ففي عمان يوقظ المسحراتي النائمين على الطبلة، وفي الكويت يقوم المسحراتي ومعه أولاده بترديد بعض الأدعية وهم يردون عليه، وفي اليمن يدق أحد الأهالي بالعصا على باب البيت وهو ينادي على أهله قائلا: "قوموا كلوا"، وفي السودان يطرق المسحراتي البيوت ومعه طفل صغير يحمل فانوسا ودفترا به أسماء أصحاب البيوت، حيث ينادي عليهم بأسمائهم قائلا: "يا عباد الله وحّدوا الدايم.. رمضان كريم".

أما في سوريا ولبنان وفلسطين فكان المسحراتي يوقظ النائمين بإطلاق الصفارة، وقبل رمضان يطوف على البيوت ويكتب على باب كل بيت أسماء أفراده حتى يناديهم بأسمائهم أثناء التسحير، وفي الأيام العشرة الأخيرة من رمضان التي يصنع فيها الناس الكعك يقول المسحراتي: "جوعوا تصحوا حديث عن سيد السادات.. له العيان بينة والتجربة إثبات.. إن كنت تسمع نصيحتي والنصيحة تفيد.. قلّل من الأكل ما أمكن بدون ترديد.. وأكل الكعك بعد الصيام يتعب الصحة يوم العيد، يسبب الضرر ويزيد".

وفي المغرب العربي يقوم المسحراتي بدق الباب بعصاه ليوقظ النائمين.. وفي مصر اعتاد الصائمون على صوت المسحراتي ودقاته على طبلة صغيرة يمسكها بيده، بينما ينادي الناس: "اصح يا نايم وحد الدايم.. استعن للصوم خير من النوم.. يا نايم اصح.. وحد الرزاق.. رمضان كريم".

بينما عمدت الدولة في مصر منذ العصر المملوكي إلى إيقاظ الناس للسحور عن طريق مدفع الإفطار، والذي كان ينطلق أيضا قبيل آذان الفجر ليعلم الناس بالإمساك عن الطعام والشراب.

وقد استمر المدفع يعمل بالذخيرة الحيَّة حتى عام 1859م ميلادية، ولكن امتداد العمران حول مكان المدفع فوق هضبة المقطم، جعل المسؤولون يلجأون إلى ذخيرة صوتية فقط، ومازال المدفع يستخدم في مصر كنوع من الفلكلور حتى عصرنا الحالي، والذي تلاشت فيه مهنة المسحراتي، أمام زحف التقنيات المختلفة التي عددت وسائل التسحير والاستيقاظ دون الحاجة إلى منادٍ في الطرقات، لم يعد صوته يصل لأحد وسط ضجيج الحياة العصرية الحديثة.

فقد أثّرت وسائل الإعلام الحديثة، والسهرات التلفزيونية التي تمتد طوال الليل، وحتى وقت السحور، سلبا على مهنة المسحراتي، والتي تحولت من مهمة مطلوبة تفيد الناس، إلى مظهر فلكلوري يعد من أهم رموز الشهر الفضيل، بعد أن دخل في منافسة غير متكافئة مع أجهزة الإعلام المتطورة، التي ألغت دوره تماما، وحولته إلى فقرة إذاعية أو تليفزيونية تذكر الناس بتراثهم العريق.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المسحراتي أيقونة رمضان ورمزه الفـريد عبر الزمن الطويل المسحراتي أيقونة رمضان ورمزه الفـريد عبر الزمن الطويل



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان - لبنان اليوم

GMT 07:17 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
 لبنان اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
 لبنان اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
 لبنان اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 08:54 2022 الخميس ,02 حزيران / يونيو

جينيسيس تكشف عن G70" Shooting Brake" رسمياً

GMT 19:19 2021 الجمعة ,17 كانون الأول / ديسمبر

موضة حقائب بدرجات اللون البني الدافئة

GMT 21:00 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أملاح يلتحق بمعسكر المنتخب ويعرض إصابته على الطاقم الطبي

GMT 21:13 2023 الخميس ,13 إبريل / نيسان

موضة الأحذية في فصل ربيع 2023

GMT 18:07 2022 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

ساعات أنيقة باللون الأزرق الداكن

GMT 21:12 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

آخر صيحات الصيف للنظارات الشمسية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon