بغداد - العراق اليوم
عمل جبار لكاتب مسرحي أثار الجدل منذ أن ظهر الى الساحة الفنية أطلق عليه د. صميم حسب الله يحيى عنوان (نبوءة الدم وخرافة اليقين)، بمثابة تحليل في قراءته لمسرحية ماكبث بعيداً عن الدراسة الاكاديمية، مدفوعاً بها بعد أن أثار تساؤله تساؤل آخر للمترجم والناقد صالح نيازي عن مدى ضرورة إعادة ترجمة ماكبث، التي تتوفر لها عدة ترجمات في المكتبات العربية قائلاً:" إن شكسبير استخدم عدة تقنيات في أعماله المسرحية مثل توظيف الساحرات والأشباح والحيوانات الخرافية كما في ماكبث وهاملت.
فقد وظّف الساحرات مثلاً في ماكبث لتكون نبوءة لرواية القصة القادمة من المستقبل وما سيطرأ على ذلك من تغيير لمسار الأحداث" مفندا لرؤية بعض المترجمين حول مشهد الساحرات بانه لايمت للنص بصلة :" مشهد الساحرات ليس دخيلاً على النص بل هو جوهر النبوءة فلولاه لما كان لمكبث هذا التأثير"
من وجهة نظر د. صميم إن نصوص مكبث مستحيلة الحل حيث وضع شكسبير العقدة في المنشارمن خلال المشكلات المقترحة : " قاتل مكبث لا يمكن أن لا تلده امرأة، وكيف ستزحف أشجار الغابة على قلعته؟!. مقترحات مستحيلة التحقق يترك شكسبير حلها لآخر مشاهد المسرحية، فيوجد ولادة قيصرية لمن لا تلده امرأة ويجد حيلة عسكرية تفسر زحف الغابة على مكبث " مؤكداً على إنها نبوءة يتمسك بها مكبث بغية الوصول للسلطة معبراً عن عقدته الداخلية (مكبث العظيم) التي جعلت منه قاتلاً متسلسلاً بدءاَ بالملك دانكان وثم الرفيق بانكو، الذي أصيب بنبوءة هو الآخر بكونه لن يصبح ملكاً ولكن سيورث ابناءه الملكية، ما ولد لدى ماكبث صراعاً لعدم قدرته على توريث الحكم مستنكرا بوصفه (هل تاجه عاقر أم صولاجنه عقيم؟! )، " إشارة من شكسبير بأن مكبث أشبه بكلكماش في بحثه عن الخلود".
في محور آخر تلعب المرأة دوراً ساحراً في هذا العمل بدءاً بالساحرات، وانتهاءً بدور الليدي مكبث في تحريض ماكبث على القتل في سبيل اعتلاء العرش. فقد استخدم هنا شكسبير تقنية الشبح التي تحمل نبوءة مرتبطة بكون الملك عصي على القتل. إضافة الى تمرد بواب القصر على العادات والتقاليد المتعارف عليها .
في هذه المسرحية اعتمد شكسبيرعلى تعدد وتداخل الأصوات في الشخصية إذ بدا مكبث بصوت مختلف عن صوته حين اكتشف نبوءة حولته لصوت شعور الذنب الذي انتابه وهو في طريق الوصول للسلطة حيث لايمكن التراجع والعودة منه، ما يعكس وحشية الشخصية العسكرية وغريزتها في الاستحواذ على الحكم.
ويختتم حديثه بأنه ليس بصدد المقارنة بين ترجمتين ولكن يعد ترجمة الأستاذ جبرا إبراهيم جبرا هي الأقرب للعمل المسرحي، بينما ترجمة صلاح نيازي ذات القدرات الأدبية المرموقة تقترب من الأدب، إذ أن النص المسرحي بحاجة الى الحس الدرامي الذي قد لا يخدم النص الأدبي.
عمل مسرحي تراجيدي من أعمال شكسبير المأساوية الخمسة العظام، يحاكي الواقع السياسي والاجتماعي للحقبات الزمنية التي عاشها، مرفقاً لها إضافاته المتميزة واستعارته لأحداث حقبات أخرى. فكان ولايزال مسرحاً عالمياً ممتدا الى زمن عصرنا هذا.
أما فيما يخص ترجمة صلاح نيازي فيقول أسامة زيد :" يرتكز صلاح في رؤيته على تقنية الترجمة المرتبطة بالدقة والفرادة والإتقان، فان عالم الترجمة ينقسم لنوعيها الكلاسيكي الذي كان ينص على اعتماد النقل الحرفي المعنوي الدلالي للنص، والحديثة التي واكبت تطور العلوم و توظيف التقنيات الحديثة في التاليف الادبي الروائي والشعري" يعتبر صلاح أن الترجمة التي تتقمص النص ليست بترجمة، و على المترجم أن يتعمق في شخصية المؤلف ويكون ناقداً وليس ناقلاً فحسب وإلا أصبح عالم أثار يجمع الكيان ولا ينحته، وأن كل ترجمة لاتقترب من روح النص هي ترجمة جامدة أشبه ماتكون بالفاكهة المجففة، في حين ترجمة جبرا انطباعية ارتكز فيها على انطباعه ومفهومه عن النص دون الاعتناء بالأساليب الأدبية المطلوبة، و كان أقرب في ترجمته الى نقل عمل مسرحي يخدم وظائف المسرح أكثر مما يصب في منهجية الأدب.
قد يهمك ايضا
كاتب مسرحي ينفي ما نشره "ويكيليكس" عن تورطه في تعذيب ناشط حقوقي سوداني
مُؤرِّخ مسرحي يكتشف المنزل الذي كتب فيه شكسبير "روميو وجولييت"
أرسل تعليقك