الكتابة حرفة على حافة الانقراض دون أن تتهاوى على الإطلاق
آخر تحديث GMT13:31:01
 لبنان اليوم -

من ألواح الطين إلى الهواتف الذكية الحديثة

الكتابة حرفة على حافة الانقراض دون أن تتهاوى على الإطلاق

 لبنان اليوم -

 لبنان اليوم - الكتابة حرفة على حافة الانقراض دون أن تتهاوى على الإطلاق

الكتابة على الجدران
لندن - العرب اليوم

من الكتابة على الجدران كما قيل لنا، سواء كانت مطبعة يوهانس غوتنبرغ في القرن الخامس عشر، أو اختراع الآلة الكاتبة قبل ثلاثة قرون، أو رموز الهواتف الذكية الحديثة، ظلت حرفة الكتابة بلا توقف قط على حافة الانقراض من دون أن تتهاوى على الإطلاق.

يقول أدريان إدوارد، أمين المكتبة البريطانية الذي أشرف على معرض بعنوان «الكتابة: ضع علامتك الخاصة»، والذي يستمر حتى 27 أغسطس (آب) المقبل: «لم تكن الكتابة من الأمور الثابتة على مر العصور. إن العلامات التي نضعها على الأوراق تتغير وتتطور على الدوام وبأساليب تتفق مع احتياجاتنا المعاصرة. وأعتقد أن الكتابة سوف تظل موجودة لفترة من الوقت».

وفي ظل وجود 120 مجسما تمثل 44 نظاما من نظم الكتابة عبر 5 آلاف عام، فإن معرض «الكتابة: ضع علامتك الخاصة» يدور حول ماضي وحاضر ومستقبل الكتابة. ويعرض لوحا كتابيا من بلاد ما بين النهرين تبدو عليه محاولات الكتابة المسمارية الأولى، ومعلما أثريا مصريا قديما مغطى بالكتابة الهيروغليفية والحبر الملون، وريشة الشاعر الفريد لورد تينيسون بها قليل من التلف الواضح.

ويشير النطاق الكبير للمعرض إلى أن الكتابة لن تتلاشى عن عالمنا إلى أي مكان قريبا، حتى مع التقنيات الحديثة التي تعيد تعريف معنى ومغزى الكتابة، وماذا تعني الكتابة بالضبط؟ من ناحية، الكتابة بالأساس هي طريقة من طرق التفكير. ومن قبيل الخطأ تعريف الكتابة بأنها فعل رسم الحروف والكلمات على الورق، نظرا لأن الأمر يتعلق في نهايته بمفهوم وتصور الأفكار ونقلها إلى القراء.

اقرأ أيضا:

الأبحاث الطبية تزف إليك أن النميمة مفيدة لصحتك!

وبكل تأكيد، فإن جون ميلتون صاحب «الفردوس المفقود» وبعد أن فقد بصره، شرع في إملاء بقية الكتاب على بناته، وظل يعتبر من الكتاب والمؤلفين على الرغم من أن ريشته الخاصة لم تلمس صفحة من الصفحات بعد كفاف بصره. ويصدق الأمر نفسه على جان دومينيك بوبي، الذي عانى من «متلازمة المنحبس»، ولكنه واصل كتابة «قناع الغوص والفراشة» عن طريق الإيماء بعينيه عندما كانت مساعدته تقرأ له الأحرف الأبجدية.

ويقول نيك بروستروم، مدير معهد مستقبل البشرية التابع لجامعة أكسفورد: «في الماضي، كان الموسرون يستعينون بالكتبة لأداء مهام الكتابة بالنيابة عنهم. وهو لا يختلف كثيرا اليوم عن استخدام نظام التعرف على الأصوات والنطق بتقنية الذكاء الاصطناعي»، حيث يمكن لأشكال الكتابة الحديثة أن تبعث على الروع من حيث سرعتها وعدم اكتراثها الواضح، ولكن الأمر الأكثر إزعاجا بشأن الإصدارات الكتابية الحديثة - مثل صياغة الرسائل على عجل باستخدام العبارات المستكملة آليا والصور المتحركة ذاتيا على الهواتف الذكية - هو تغافلها الواضح عن العناية الواجبة. ويتساءل فيديو من فيديوهات المعرض كيف يمكننا تمني «عيد الميلاد السعيد» لشخص نعرفه عبر العقود الماضية وحتى المستقبل المنظور؟ وبالفعل، وفي أيامنا الحاضرة، كثير منا يرون عبارة «عيد ميلاد سعيد» بكاملها أو مختصرة للغاية عبر تطبيقات «فيسبوك» أو «واتساب» ومن ثم لا يلقون إليها بالا أو اهتماما.

ويقول عالم المستقبليات ريتشارد واتسون، مؤلف كتاب «ملفات المستقبل: التاريخ الموجز للخمسين عاما المقبلة»، والمحاضر لدى إمبريال كوليدج في لندن، إن «الإشارات الحيوية لا تبشر بخير. إننا لم نعد نكتب كما كنا من قبل. بل إننا نطبع حروفا فقط. ونحن ننطلق عبر طاقة من طاقات الوعي ليس أكثر. والكتابة باليد على الورق تختلف كثيرا عن الطباعة على الماكينات أو تحرير النصوص على الشاشات. إنها عملية بطيئة، وعميقة، وأكثر تأثيرا وحقيقية».

وإحقاقا للحق، رغم كل شيء، حتى كتابة التعليقات على «إنستغرام» أو «سناب شات» تستلزم قدرا من التحكم والتعقل. ويكمن الفارق في أن هذه القرارات لها حدود معينة: فهناك مساحة محددة من الأحرف، ومع استخدام الرموز، فهناك عدد محدد من الرموز المتاحة كذلك. والحروف الأبجدية عبر التاريخ، من الحضارة الفينيقية إلى الرومانية، قد تقلبت وفق ما سمحوا للمتكلمين بنقله. والرموز، بهذا المعنى، لا يمكن اعتبارها من الأشياء المستحدثة الجديدة.

ويقول أدريان إدوارد: «هناك شيء دوري يجري هنا، أليس كذلك. انظر إلى اللغة الهيروغليفية في بداية المعرض - الهيروغليفية المصرية والماوية - ثم انظر إلى الرموز التعبيرية الهاتفية الحديثة، فسوف ترى أمرا مماثلا للغاية بينهم: تلك هي نظم الكتابة التي لا يمكنك استخدامها في التعبير عن كل شيء تريده».

الكتابة الأدبية يسهل وضعها في قالب رومانتيكي، لكن الكلمة المكتوبة في حد ذاتها لها استخداماتها الدنيوية الأخرى كذلك. ويعتبر اللوح المسماري لبلاد ما بين النهرين، الذي يوضح كمية الشعير المدفوعة لعمال المزارع وكيف أنها غير كافية بحال، هو من أبلغ الأمثلة على ذلك. إن ماهية الكتابة تتبدى فيما نصنعه من خلالها.

ومن شأن الكتابة أن توفر الصلة العاطفية بالماضي. ومن أكثر المعروضات تأثيرا في النفوس هو الفرض المدرسي لتلميذ مصري من القرن الثاني الميلادي والمكتوب على لوح كتابة شمعي. وكان المعلم قد كتب سطرين باللغة اليونانية، غير أن التلميذ لم ينجح في نسخهما مرة أخرى بنفسه. لقد نسي التلميذ الحرف الأول، ثم لم يتمكن من استكمال الجملة لأن المساحة لم تكف، حيث إن التراجع البطيء للكتابة اليدوية في عصرنا الحاضر يبدو مثل قطع الصلة تماما بالروابط التاريخية. إن الكتابة اليدوية تربطنا تاريخيا بشعوب بلاد ما بين النهرين، وبالشاعر الإنجليزي القديم جيفري تشوسر، وبذلك التلميذ المصري المتعثر في الإملاء. ألغت فنلندا، على سبيل المثال، متطلبات الكتابة اليدوية من المدارس لصالح دروس الطباعة السريعة. وفي الولايات المتحدة، في عام 2010 تحديدا، استبعدت المعايير الأساسية المشتركة متطلبات كتابة المقالات في المدارس الابتدائية، ولم تعد أغلب الولايات الأميركية تشترط على الطلاب تعلمها. (ومع ذلك، هناك أدلة على العودة إلى كتابة المقالات في بعض الحالات).

وهل سوف تستمر الدورة التاريخية للكتابة المشكوك فيها قبل أن تثبت نفسها مرة أخرى؟ من ناحية، علينا التحلي بالإيمان: لقد أعيد إحياء الكتابة مرارا وتكرارا. ومن ناحية أخرى، تتقدم التكنولوجيا بخطوات سريعة لم يسبق لها مثيل. هل سوف يكون مستقبل التعبيرات المكتوبة شديد البساطة - كمثل العبارات آلية الاستكمال أو الرموز التعبيرية أو الصور المتحركة - لدرجة انعدام الفكر النقدي على الإطلاق؟، ويقول نيك بروستروم: «إنني لا أتوقع اندثار الكتابة بكل تأكيد. ليس ضمن الفترة الزمنية المتبقية قبل أن يتفوق الذكاء الآلي على نظيره البشري في يوم من الأيام».

قد يهمك أيضا:

زوي ديشانيل تهاجم مُتصيِّدي النساء على الإنترنت

تعرفي على أسباب حب الرجل للمرأة القوية في الفراش

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكتابة حرفة على حافة الانقراض دون أن تتهاوى على الإطلاق الكتابة حرفة على حافة الانقراض دون أن تتهاوى على الإطلاق



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 11:49 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 لبنان اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 14:56 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"واتساب" يُعلن عن ميزة تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
 لبنان اليوم - "واتساب" يُعلن عن ميزة تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص

GMT 09:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:05 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:48 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

أبرز العطور التي قدمتها دور الأزياء العالمية

GMT 15:27 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

علي ليو يتوج بلقب "عراق آيدول" الموسم الأول

GMT 11:57 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

برومو ”الاسكندراني” يتخطى الـ 5 ملايين بعد ساعات من عرضه

GMT 16:26 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:28 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لاستغلال زوايا المنزل وتحويلها لبقعة آسرة وأنيقة

GMT 09:37 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

طرق تنظيم وقت الأطفال بين الدراسة والمرح

GMT 14:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

متوسط أسعار الذهب في أسواق المال في اليمن الجمعة

GMT 19:03 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منى عبد الوهاب تعود بفيلم جديد مع محمد حفظي

GMT 17:45 2021 الخميس ,21 تشرين الأول / أكتوبر

الكاظمي يؤكد العمل على حماية المتظاهرين بالدستور

GMT 08:32 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي علي نصائح للتعامل مع الطفل العنيد

GMT 11:05 2014 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لرئيسهم العاشر بطولته في "قديم الكلام"!
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon