كلمات عليك الابتعاد عنها في اللغة العربية بسبب تطور استخدامها
آخر تحديث GMT18:19:39
 لبنان اليوم -

تحمل في سياقها الحديث معنى مناقضًا لها في القدم

كلمات عليك الابتعاد عنها في اللغة العربية بسبب تطور استخدامها

 لبنان اليوم -

 لبنان اليوم - كلمات عليك الابتعاد عنها في اللغة العربية بسبب تطور استخدامها

اللغة العربي
القاهرة - العرب اليوم

تطور استخدام الكلمات العربية، تطورا جذريا، وصل في بعض الأحيان أن تحمل الكلمة، بسياقها الحديث، معنى مناقضاً لها، في سياقها القديم. أو أن تشير الكلمة إلى فعل صار في الاستعمال الحديث فعلاً آخر. وهو من باب التطور الحضاري واللغوي الذي يثري اللغة ويجددها، خاصة إذا ما كان محافظاً على بنيتها النحوية، في المقام الأول.

وعلى الرغم مما يمكن أن تعنيه كلمات ذات محتوى ديني، مثلا، إلا أن أصولها في الاستعمال كانت تعود إلى سياقات مختلفة كليا، فتغيّر معناها تغيراً تاماً ولم يعد من الممكن استخدامها في الإطار السابق، بعد المعنى الممنوح لها، لاحقاً.

وتأتي كلمة الكُفر العربية الدينية الإسلامية، وتعني ما تعني الآن، كما هو معروف وثابت، ومنها الكُفّار، وتعود كلمة الكفر في أصولها إلى (التغطية) يقول (تاج العروس) مضيفاً أن الكافر ذو كفر، أي ذو تغطية لقلبه بكفره. ولهذا كانت كلمة (الكافر) تقال لأي لابس سلاح، لأنه (يتغطى) بسلاحه.

  أقرأ أيضا :

جامعة الباحة تؤسس وحدة تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها

وكان العرب يطلقون اسم الكافر على الليل المظلم، لأن الليل "يستر بظلمته كل شيء" أي يغطي، يوضح (التاج). ولهذا كان يستعمل: "كَفر الليلُ الشيءَ، وكفرَ عليه، (تعني) غطَّاه" وكان البحر نفسه يسمى الكافر لأنه يستر ما فيه، أي يغطيه ويخفيه. ومن هنا، كان يشار للفلاح الزارع، باسم الكافر، ذلك أنه يغطي البذور في التربة، والكُفّار هم الزرَّاع. ولم يعد من الممكن، إطلاق اسم الكُفّار على الفلاحين الزرّاع، لأنهم فقط يسترون البذور بالتربة، بعدما صار معنى الكلمة باستعمالها الديني المستند أصلا إلى معناها الأصلي استناداً تاماً، يشير إلى ما تعنيه كلمة الكفر والكفار.
وككلمة الكفر والكفّار، تأتي كلمة التجديف والمجدّفين، فالمعنى الأصلي للتجديف، هو القطع وكانت تقال للطائر المستعد للطيران فيجدف بجناحيه، يرميهما خلفاً كما لو أنه يقطعهما، ولهذا كان يقال شاة جَدفاء، أي قُطِع من أذنها شيءٌ. وينقل مرتضى الزبيدي عن الأصمعي، أن التجديف الكفر بالنِّعَم، ويقال منه جدَّف تجديفاً. ثم يأتي التجديف بمعنى التضييق: مجدَّف عليه، أي مضيّق.

الملاّح يجدِّف وكذلك الرياضي
وينتقل الفعل إلى السفينة، فيجدف الملاح بها، ويجدف الرجل في مشيته، يسرع، والمرأة تمشي مشية معينة. ويشار إلى أن التجديف، من الكلمات العربية النادرة التي تستعمل في معنييها، الديني، والأصلي، معاً، دونما اضطراب، على العكس من كلمة الكفار مثلا، التي من غير الممكن أن يستعمل معناها القديم الآن. فالرياضي، يجدّف، وفلانٌ يجدّف، لو قال كلاماً مذموماً ضد الدِّين. لكن لا يمكن القول للفلاحين، إنهم (كُفّار) مطلقاً. لقد انتهى المعنى القديم للكلمة، وحل مكانه معنى مشتق من بنيته الدلالية الأصلية.

أما بالنسبة لكلمات لا تحمل مضموناً دينياً، فهناك الكثير منها التي كانت في مكان، وصار معناها في مكان آخر. تقوم مذيعة التلفزيون وتعلن عن بث (الحَلَقَة) كذا من المسلسل الفلاني، فيما (حَلَقَة) هي جمع للذين يقومون بفعل الحلاقة، حلاقة الشَّعر، وحَلَقة جمع حالق. ويؤكد ابن السكيت، يعقوب بن إسحاق، (186-244) للهجرة، في (إصلاح المنطق) بالنقل: "ليس في الكلام حَلَقة إلا جمع حالق، تقول هؤلاء القوم حَلَقةٌ للذين يحلقون الشَّعر".

يلعب الطفل.. سال لعابه!
ويقال الآن، مثلاً، إن قوى الأمن أخلت المكان، أو أن المستأجر يقول أخليت البيت، وفلان أخليت ذمتي، فيما "أخليتُ المكانَ، إذا صادفته خالياً" يقول ابن السكيت الذي يدلّنا على استعمال قديم لفعل "يلعب" هو الآخر، فيقول: وقد لعب الغلامُ، يلعب، إذا سال لعابه! فيما يتم استعمال اللعب، وبذات الجملة، حاليا، بمعنى اللعب الشائع، بدون أي ارتباط باللعاب الذي يسيل من الفم. أي من الممكن أن يلعب الطفل، دون أن يسيل لعابه، بالضرورة.

ولعل كلمة الكتابة لها نصيب من تغير المعنى، فالكَتْبُ، يتضمن معنى الربط وجمع طرفي أي شيئين ببعضهما البعض، فكان يقال "كَتَبْتُ البغلة، إذا قاربتُ بين شفريها بحلْقة" أي جمعهما. ومنه معنى الكتابة الحالي الذي يفترض معنى الربط والجمع، إنما لا يمكن القول حالياً، كتبتُ البغلة بالاستعمال القديم، مطلقاً، لأن كتبتُ الآن تعني الكتابة، حصراً.

أضفت فلاناً.. في بيتي!
ويقول الآن، جماعة وسائل التواصل الاجتماعي، أضفتُ فلاناً إلى قائمة الأصدقاء، وهو استعمال يلتقي مع كل معاني الإضافة المعروفة والصحيحة. إلا أن ابن السكيت، يخبرنا أنك لو قلتَ "أضفتُ الرجلَ" أي أنه نزل عليك، ضَيفاً. فيما نستعمل اليوم فعل أضفتُ بمعنى زيادة الشيء بالشيء، ولو استقبلنا أحداً في بيوتنا، نقول "استضفناه" لا أضفناه، لأن الأخيرة بات معناها محدداً بمعنى إضافة الشيء إلى الشيء، فقط.

وكان العرب، مثلاً، يستعملون الكلمة بالمعنى ونقيضه، فيقولون "أخفيتُ الشيءَ، إذا كتمته" لكنهم يقولون: "خفيته، إذا أظهرته" ويضيف ابن السكيت: "فهذا المعروف من كلام العرب" مضيفا بالنقل: "ويقال أخفيته في معنى خفيته، إذا أظهرته". وهي مما لا يمكن العمل به الآن في اللغة المعاصرة نظراً لما ينطوي عليه الأمر من "مخاطرة" دلالية مفزعة، فإذا قال الشخص الآن "أخفيت الأمر عن فلان" فهذا يعني حصرياً، أنه لم يطلعه عليه.

وتنقلب معاني الكلمات إلى عكسها أحياناً، من مثل كلمة (الغابر) التي تعني (الباقي) ولهذا كانت البقية من اللبن التي تبقى في الضرع، تسمى (الغبْر). فيما تستعمل الآن كلمة (الغابر) بمعنى الماضي، ويقال "الغابر من الأيام" أي الفائتة، بينما الغابر ما بقي، لا ما رحل وانقضى.

ومن الكلمات العربية المعاصرة التي "طلَّقت" أصلها الاستعمالي القديم، النعش والإنعاش، فالنعش الرفع، ولهذا سمي النعش نعشاً، لأنه يرفع أو لارتفاعه. ويقال الآن مشروب منعش" أو "غرفة الإنعاش" فكيف لغرفة "الإنعاش" الطبية أن تأتي من ذات المكان الذي جاء منه "النعش" المرتبط بالموت؟

المحسوس هو المقتول؟
العرب كانت تقول دعاء "نعشه الله" بمعنى رفعه الله، لكن ابن السكيت يؤكد: "لا يقال أنعشه الله" وهي التي ترد حاليا وتكمن خلف الإنعاش والمنعش، وليس من الممكن تجاوز الاستعمال العصري للكلمة الآن. لكن على خلاف ما قاله ابن السكيت، يؤكد (القاموس المحيط) بأنه من الممكن القول "أنعشه الله" مشيراً إلى مصدر ما يستعمله الناس الآن في كلمة أنعش، فيوضح: "وانتعش العاثرُ، انتهض من عثرته" مضيفاً وناقضاً ما ورد في (إصلاح المنطق): "نعّشه تنعيشاً، قال له أنعشك الله".

ومن الجدير بالذكر أن الكلمات التي أصبحت حاملة معناها الديني، وحسب، منقطعة عن أصلها الاستعمالي القديم، كثيرة، ومنها اللعنُ، الذي يعني الطرد والإبعاد، يقول تاج العروس: "لعنه لعناً، طرده وأبعده عن الخير".

ويقول ابن سيده، علي بن إسماعيل، المتوفى سنة 453 للهجرة، في (المحكم والمحيط الأعظم): "لعنه، طرده". وفي (القاموس المحيط) لعنه، طرده، ومثال الكلمات العربية التي تغيّرت معانيها القديمة، وحلت مكانها معان أخرى، كثيرة، منها كلمة المحسوس التي نستعملها الآن في الشعور والإدراك، ولا يمكن لنا استعمالها إلا بمعناها الحالي، فيما "المحسوس هو المقتول، من حسَّه إذا قتله" حسب ما ورد في كتاب (ذيل فصيح ثعلب) لموفق الدين بن الحافظ البغدادي النحوي 555-629 للهجرة.

وقد يهمك أيضاً :

انطلاق ندوة الجهود السعودية في إعداد مواد تعليم "العربية" لغةً ثانية

"اللَّحْن" كلمة السر في المبارزات الخطابية بين اللغويين العرب

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كلمات عليك الابتعاد عنها في اللغة العربية بسبب تطور استخدامها كلمات عليك الابتعاد عنها في اللغة العربية بسبب تطور استخدامها



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 11:49 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 لبنان اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 14:56 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"واتساب" يُعلن عن ميزة تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
 لبنان اليوم - "واتساب" يُعلن عن ميزة تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:23 2022 الثلاثاء ,17 أيار / مايو

توبة يتصدر ترند تويتر بعد عرض الحلقة 26

GMT 15:53 2024 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

بحث جديد يكشف العمر الافتراضي لبطارية "تسلا"

GMT 12:55 2021 الإثنين ,02 آب / أغسطس

وضعية للهاتف قد تدل على خيانة شريك الحياة

GMT 16:06 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

دكتوراه لراني شكرون بدرجة جيد جدا من جامعة الجنان

GMT 15:41 2023 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الهيئة الملكية لمحافظة العلا تدشن رسمياً إذاعة "العلا FM"

GMT 19:58 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

كارينيو يتخطى الانتقادات ويحصل على لقب الأفضل

GMT 17:21 2018 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

انتهاء تصوير فيلم "دفع رباعي" استعدادًا لعرضه منتصف العام

GMT 03:27 2019 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

سمية الخشاب بلوك مميز في أحدث جلسة تصوير

GMT 14:28 2020 الثلاثاء ,18 شباط / فبراير

أوجعتنا الحرب يا صديقي !

GMT 18:26 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

الحكم بسجن لوكاس هيرنانديز 6 أشهر بسبب "ضرب" زوجته
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon