افتتحت السفيرة الايطالية نيكوليتا بومباردييري ووزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى ورشة عمل مخصصة للبعثات الاثرية الايطالية اللبنانية العاملة في لبنان في السنوات الاخيرة، في قاعة المؤتمرات في الجامعة اللبنانية في الحدت، في حضور ممثل رئيس الجامعة اللبنانية البروفسور فؤاد ايوب، عميد كلية الاداب محمد رباح، المدير العام للآثار سركيس الخوري واساتذة وطلاب قسم الاثار في ايطاليا وفي الجامعة اللبنانية.
رباح
بعد النشيدين الوطنيين اللبناني والايطالي ونشيد الجامعة، القى العميد رباح كلمة الجامعة، لفت فيها الى أن "العلاقة بين لبنان وايطاليا علاقة وطيدة على مختلف المستويات الديبلوماسية والعلمية، والعلاقة بين الجامعة اللبنانية والجامعات الايطالية ايضا وطيدة، والتعاون مع بعثات الاثار في لبنان قائم ومستمر منذ سنوات عدة، واثمر هذا التعاون حتى تاريخه اربعة مشاريع اثرية:
- المشروع الاول، مشروع الخريب الاثري (KAP) الذي يعزز التعاون بين المجلس الوطني الايطالي للابحاث والمديرية العامة للاثار والجامعة اللبنانية. وهو برنامج بحثي متعدد التخصصات يجمع بين علم الاثار وعلم الاركيومتري وعلم النقوش والدراسة التاريخية لتسليط الضوء على منطفة محورية في بلاد الشام في العصور القديمة. وقد ادى عمل البعثة الاثرية الى زيادة وعي الناس بالانشطة المتعلقة بالمشروع، وتقريب السكان المحليين من ماضيهم. ويمثل التعاون بين السكان المحليين والهيئات التي تمثلهم والبعثة الايطالية اللبنانية فرصة مهمة لاشراك المجتمع المحلي في اكتشاف قيمة التاريخ من خلال اعتماد شكل جديد من اشكال الحوار، يمكن ان ينظر اليه على انه مثال على التقاليد الراسخة بين الثقافات الفينيقية.
- اما المشروع الثاني، لبنان الشمالي (NoLeP North Lebanon Project) ويهدف الى البحث عن الثروة التاريخية ضمن قطاع من المناطق الساحلية الداخلية اللبنانية، في منطقتي الكورة وزغرتا اللتين كانتا منسيتين من قبل معظم الجهات المنظمة لمشاريع التنقيب عن الاثار. من هنا، تم تطوير مشروع لبنان الشمالي، بهدف سد هذه الثغرة عبر اجراء مسح اثري لمنطقتي الكورة وزغرتا، وتحقيق استطلاع كامل للمنطقة الاثرية المحلية بغية حماية التراث الثقافي وتعزيزه والاسهام، تاليا بالتعاون المباشر مع السكان المحليين الى تحقيق التنمية المستدامة.
- والمشروع الثالث، يتم بواسطة تعاون دولي لانجاز البحث الاثري وحماية التراث الثقافي، وتدعيم التنمية السياحية المستدامة للتراث وتعزيز الاصول الثقافية في منطقة شرق جنوب صور. ويتمحور المشروع حول التعاون بين الجامعة اللبنانية وجامعة سابينزا في روما، ويخطط المشروع للافادة من هذا المشهد الثقافي الفريد الذي خلقه تفاعل الانسان والطبيعة على مر العصور، من خلال تعزيز التنمية السياحية المستدامة في هذه المنطقة وفقا لافضل الممارسات الحالية في ادارة موارد التراث الثقافي، وعبر العمل على انشاء متحف بيئي والتعاون الفاعل مع المجتمع المحلي.
- والمشروع الرابع، في ام العمد وهو مشروع تعاوني مع جامعة (SASSARI) وهو موقع اثري من العصر الهلنستي بالقرب من بلدة الناقورة في الجنوب، يعود تاريخه الى القرن الثاني قبل الميلاد ويمثل اخر ثقافة فنيقية تحت حكم الاغريق".
واكد رباح ان "هذه المشاريع تسهم في تدريب الطلاب على الاعمال الميدانية على اختلافها، كما تسهم في كشف الماضي واعادة انتاج تاريخ المناطق وفقا للمعطيات المكتشفة"، لافتا الى ان "فرص التعاون بين الجامعة اللبنانية والبعثات الايطالية للاثار في لبنان ممكنة دائما من اجل تطوير هذه العلاقات وضمان استمراريتها وتفعليها لما فيه خير البلدين، وابوابنا مفتوحة امام كل مبادرة في هذا الخصوص".
وختم: "من موقعنا، نقدر الجهود المبذولة وننوه بكل ما يقوم به الايطاليون من اعمال وابحاث ودورات تدريبية من اجل دفع مسيرة العمل الأثري الى الامام بشكل يسهم في حماية هذا القطاع في لبنان ويحافظ على التراث بكل ما يتضمنه من ارث ثمين ويؤدي دورا في التنمية المستدامة، متمنين للقيمين على هذه المشاريع النجاح والتوفيق المستمرين. كما نشكر اساتذة وطلاب قسم الاثار في الجامعة اللبنانية على تعاونهم وجهودهم في تحقيق الغاية من هذه المشاريع، وكل الشكر الى مديرية الاثار ممثلة بسعادة المدير العام المتعاون دائما والشريك الفعلي للجامعة على الجهد الذي يبذله في سبيل انجاح كل المشاريع التي تطال المواقع الأثرية في لبنان".
بومباردييري
وقالت السفيرة بومباردييري: "اتوجه بالشكر والترحيب بوزير الثقافة الذي يشرفنا في حضوره معنا اليوم ونحن نتطلع الى الاستماع الى كلمته. كما اود ان اعبر عن امتناني للبروفسور رباح لكلماته وللتعاون معنا في تنظيم هذه الورشة. وهذا دليل على الدور المهم الذي تضطلع به الجامعة اللبنانية في اطار العلاقات الثقافية التاريخية الوثيقة بين لبنان وايطاليا. اود ايضا ان اتوجه بالشكر الى المدير العام للاثار سركيس الخوري ليس فقط لانه شريك معنا اليوم في رحلتنا في عالم الآثار، لا بل لانه شخص يمكن الاعتماد عليه وشريك في خلال السنين في الالتزام في اطار التعاون الوثيق والمكثف في المحال الاثري والثقافي".
اضافت: "اما بالنسبة للندوة المنعقدة اليوم، ولماذا نحن هنا؟ في الواقع لقد أردت مع مديرة المعهد الثقافي الايطالي تنظيم هذه المبادرة بهدف واحد فقط بسيط جدا هو ان نعرض لجمهور اكبر عمل البعثات الاثرية الايطالية واللبنانية الخمس في لبنان وان نتشارك معهم خبرتهم وتجربتهم. وبسبب وباء كورونا لم نتمكن من فعل ذلك من قبل. وكان من الصعب جدا ايضا تنظيم واعادة برمجة نشاطات هذه البعثات من اجل ان نتقدم في انجاز المشاريع. واود ان اعبر عن خالص امتناني لهذه البعثات ولعالمي الاثار الايطاليين واللبنانيين وللفرق التي تعمل معهم بما في ذلك الطلاب الشباب في الجامعة اللبنانية. واشكركم على التزامكم وعلى عزمكم في المضي قدما في ما تفعلونه وفي تخطي الصعوبات".
اضافت: "شكرا ايضا للشراكة التي انشئت بين الخبراء اللبنانيين والايطاليين وذلك لتناغم الهدف واصبحت هذه الشراكة صداقة ونحن نفخر بذلك. وهذا موجز لعمل البعثات الاثرية الايطالية اللبنانية المشتركة والذي شمل: مشروع الخرايب الاثري، المشروع الاثري المتعدد التخصصات في معاصر الشوف - قلعة الحصن، مشروع شمال لبنان، المشروع الاثري اللبناني الايطالي في منطقة صور وبعثة ام العمد في الناقورة".
وتابعت: "تعتمد العمليات والانشطة البحثية وهذه البعثات الاثرية على مساهمة تمويلية من وزارة الخارجية الايطالية. وفي الوقت نفسه، يندرج الوجود الايطالي في القطاع الاثري في لبنان ايضا، ضمن الالتزام الاوسع والاشمل لايطاليا في لبنان منذ سنوات عديدة. ومن خلال التعاون الايطالي في لبنان اصبحت ايطاليا شريكا مهما جدا ورئيسيا في برنامج التراث الثقافي والتنمية الحضرية، اذ خصصت مبلغ 12 مليون يورو من بينهم عشرة على شكل قروض وهبتين بالتعاون مع المديرية العامة للاثار. واتوجه بالشكر هنا للسيد سركيس الخوري وقد عملنا في هذا القطاع لسنوات عدة وما زلنا نعمل وقد قمنا بترميم مواقع اثرية وابنية تاريخية، ونحن اليوم سلمنا او في صدد تسليمها للسلطات اللبنانية، كسرايا بعلبك وترميم الاعمدة الستة في معبد جوبيتر وترميم موقع بعلبك الاثري الموقع الاثري الروماني في صور وقلعة شمع وقلعة صيدا".
واردفت: "لا يجب ان ننسى المساهمة الايطالية ولاسيما المساعدة التقنية التي نتج عنها مشاريع ترميمية كبيرة جدا ومهمة جدا كمدفن صور واعادة تاهيل الطابق السفلي في متحف بيروت. فالمحافظة على الماضي مهمة جدا بالنسبة الينا وهذا ليس فقط فرضا واجبا علينا تجاه ما ورثناه عن اجدادنا انه معبر للتنمية، ويتعلق الامر ايضا بتسليط الضوء على القدرات السياحية والاقتصادية في مكان معين لدعم التنمية الاقتصادية المحلية من خلال تحسين جودة الحياة والاسهام في ازدهار المجتمعات المحلية".
وختمت: "تود ايطاليا ان تؤكد من خلال ورشة العمل هذه، انه على الرغم من الاوقات العصيبة التي يمر بها لبنان لا يمكن ان ننسى او نهمل الثقافة، لان الارث الثقافي هو هوية كل بلد وكلما كان التراث الثقافي غنيا في بلد كلما كان البلد اقوى واغنى وكان شعبه اكثر عزما".
المرتضى
وقال الوزير المرتضى في كلمته: "يطيب لي أن نلتقي اليوم حول التعاون الإيطالي - اللبناني عامة، وخصوصا نشاطات البعثات الأثرية اللبنانية - الإيطالية المشتركة العاملة في لبنان".
اضاف: "إن وزارة الثقافة اللبنانية تتطلع باهتمام كبير إلى ما تنجزه هذه البعثات الإيطالية المتخصصة بالتعاون مع وزارة الثقافة في حفريات التنقيب، في غير موقع على الأراضي اللبنانية، أذكر منها موقع الخرايب في الجنوب وقلعة الحصن في معاصر الشوف، وأم العمد في الناقورة، وحفريات الكورة وسواها الكثير من الحفريات الأثرية. هذا التعاون وتبادل الخبرات يشكل إسهاما رائعا في استكشاف المخزون الأثري المدفون تحت التراب اللبناني منذ أقدم العصور وتتالي الحضارات"، معتبرا ان "التعاون الخلاق بين إيطاليا ولبنان ضارب في الزمان وعلى أكثر من صعيد، والتعاون في مجال الحفريات الأثرية على وجه التحديد يظهر للعيان أكثر فأكثر تلك العلاقة التاريخية".
وتابع: "ومن الأدلة الساطعة على عمق تلك العلاقة اللبنانية الإيطالية ما تختزنه مدينة بعلبك من موروث اثري عالمي، وما ترمز اليه معالم مدرسة الحقوق الرومانية في بيروت والتي تأسست أواخر القرن الثاني وكان من أبرز مدرسيها كبار القانونيين Papinien وUlpien وبلغت ذروة شهرتها زمن الأمبراطور Justinien. كما يذكرنا التاريخ بعلاقات التعاون التي نشأت بين بلدينا زمن الأمير فخر الدين والتبادل التجاري والتأثر المعماري والثقافي. وفي العام 2008، حصل تفعيل إتفاق التعاون الثقافي - العلمي والتقني بين إيطاليا ولبنان المتعلق بالتعاون بين الجامعات والتبادل الأكاديمي وتقديم المنح التعليمية والتعاون الثقافي في المسرح والسينما والموسيقى والآداب والتنقيب عن الآثار".
وتوجه المرتضى الى السفيرة الايطالية قائلا: "إنني في هذه المناسبة أحيي الجهود التي تبذلها سفارتكم في بيروت، كذلك إسهامات وكالة التنمية الإيطالية وجامعاتكم والبعثة الأثرية التي تعمل في لبنان بالتعاون مع وزارة الثقافة، كما أنوه بإسهامات إيطاليا في ترميم الطابق السفلي في المتحف الوطني قبل سنوات كذلك المشاركة المشكورة في ترميم متحف سرسق إثر تدمير مرفأ بيروت، وسواها الكثير. سيدتي، إنني أحيي كل هذه الجهود المشكورة وأعول بصفتي وزيرا للثقافة في الجمهورية اللبنانية على دوام التعاون الخلاق بين بلدينا وشعبينا في كل مجال إنساني، ونحن في وزارة الثقافة بإنتظار تشريفنا قريبا بزيارتك للبحث في آفاق التعاون المستقبلي".
ثم عرضت البعثات الاثرية التي تضمنت خبراء محليون ينتمون الى المديرية العامة للاثار في لبنان والى الجامعة اللبنانية واخرون ايطاليون من المجلس الوطني للبحوث في ايطاليا (CNR) وجامعة (SUOR ORSOLA BENINCASA) في نابولي وجامعة اوديني وجامعة (LA SAPIENSA) في روما وجامعة ساساري لاعمالها عبر حلقات نقاش.
وقد يهمك أيضا
"وزير الثقافة اللبنانى" كتب من ألف عنوان هبة من وزارة الثقافة إلى المعهد الانطوني
عباس مرتضى يؤكد أن مشروع الدعم هو للناس وليس للكارتيلات
أرسل تعليقك