أبو نواس لُقِب بـشاعر الخمر وفَرّ من الرشيد بعد نكبة البرامكة
آخر تحديث GMT11:22:50
 لبنان اليوم -

يزعم المؤرخون وفاته "مسمومًا" بسبب قصائده اللاذعة

أبو نواس لُقِب بـ"شاعر الخمر" وفَرّ من الرشيد بعد "نكبة البرامكة"

 لبنان اليوم -

 لبنان اليوم - أبو نواس لُقِب بـ"شاعر الخمر" وفَرّ من الرشيد بعد "نكبة البرامكة"

"شاعر الخمر" أبو نواس
القاهرة ـ أسامة عبد الصبور

يُعدّ الحسن بن هانئ بن عبد الأول بن صباح الحكمي، المُكنى بأبي علي وأبي نؤاس والنؤاسي، أحد أشهر شعراء العصر العباسي كما عرف بـ"شاعر الخمر"، بينما أكد البعض أنه تاب عما كان فيه واتجه فيما بعد إلى الزُهد وأنشد عددًا من الأشعار التي تدل على ذلك.

وولد "أبو نواس" في الأحواز، جنوب غربي إيران، العام ( 145هـ / 762م ) لأب دمشقي/ سوري وأمٍ فارسية الأصل، ومن المرجح أن والده كان من جند مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية في دمشق، وأباه عربي النسب من عشيرة طيء من بني سعد، كما ذكر في كتب التاريخ، وكان جده مولى للجراح بن عبدالله الحكمي أمير خراسان، فنسب إليه، وذكر ابن عساكر أن أباه كان من أهل دمشق.

وتوفي والده فانتقلت به أمه من الأحواز إلى البصرة في العراق، وهو في السادسة من عمره ثم انتقل من البصرة إلى الكوفة وصحب جماعةً من الشعراء كمطيع بن إياس وحماد عجرد،  ثم انتقل إلى بادية بني أسد فأقام فيهم عامًا كاملًا، آخذاً اللغة من منابعها الأصيلة، ثم عاد إلى البصرة وتلقى العلم على يد علمائها أدبًا وشعرًا.

ولم يقتصر علمه على الشعر والأدب بل كان يدرس الفقه والحديث والتفسير، حتى قال فيه ابن المعتز في كتابه "طبقات الشعراء": كان أبو نواس عالمًا فقيهاً عارفًا بالأحكام بصيرًا بالاختلاف، صاحب حفظٍ ونظرٍ ومعرفةٍ بطرق الحديث، يعرف محكم القرآن ومتشابهه، وناسخه ومنسوخه.

وفي البصرة شُغِف أبو نواسٍ بجاريةٍ تدعى "جَنان" وغناها بشعرٍ كثيرٍ يعبر عن عمق شعوره نحوها، وقد قصد أبو نواسٍ بغداد وامتدح هارون الرشيد ونال مكانةً مرموقةً لديه، ولكن هارون الرشيد كان كثيرًا ما يحبسه عقابًا له على ما يورد في شعره من المباذل والمجون.

وقد أطال الرشيد حبسه حتى عفا عنه بشفاعةٍ من البرامكة الذين كان أبو نواسٍ قد اتصل بهم ومدحهم، ولعل صلته الوثيقة بهم هي التي دفعته إلى الفرار حين نكبهم الرشيد فيما عرف فيما بعد بـ"نكبة البرامكة".

وذهب أبو نواسٍ إلى دمشق ثم إلى مصر متجهًا إلى الفسطاط، عاصمتها آنذاك، واتصل بوالي الخراج فيها الخصيب بن عبد الحميد فأحسن وفادته وغمره بالعطاء فمدحه بقصائد مشهورة.

وبعدما توفي هارون الرشيد وخلفه ابنه الأمين عاد أبو نواسٍ إلى بغداد متصلاً به، فاتخذه الأمين نديمًا له يمدحه ويُسمعه من طرائف شعره، غير أن سيرته ومجاهرته بمباذله جعلتا منادمته الأمين تشيع بين الناس.

وفي نطاق الصراع بين ابني الرشيد، الأمين والمأمون، كان خصوم الأمين يعيبون عليه اتخاذ شاعرٍ خليعٍ نديمًا له، ويخطبون بذلك على المنابر، فيضطر الأمين إلى حبس شاعره، وكثيرًا ما كان يشفع الفضل بن الربيع له لدى الخليفة فيخرجه من سجنه، وعندما توفي الأمين رثاه أبو نواسٍ بقصائد تنم عن صدق عاطفته نحوه.

ولم يلبث أبو نواسٍ أن توفي العام ( 199هـ / 813م ) قبل أن يدخل المأمون بغداد، وقد اختلف في مكان وفاته؛ أهي في السجن أم في دار إسماعيل بن نوبخت، وقد اختلف كذلك في سبب وفاته وقيل إن إسماعيل هذا قد سمّه تخلصًا من حدة لسانه.

وذكر الخطيب البغدادي، صاحب كتاب "تأريخ بغداد"، في الجزء السابع، صفحة 448، أن الشاعر أبو نواس دفن في مقبرة "الشوينزية" في الجانب الغربي من بغداد عند تل يسمى تل اليهود وهي مقبرة الشيخ جنيد حاليًّا.

وأهم ما في شعره "خمرياته" التي حاول أن يضارع بها الوليد يزيد أو عدي بن يزيد واللذين اتخذهما مثالاً وقدوة له، و قد حذا حذو معاصره حسين بن الضحاك الباهلي الذي لا شك أننا لا نستطيع أن نجد بينه و بين أبي نواس فوارق روحية.

أما مدائحه فتبدو فيها الصناعة بوضوح "قليلة القيمة"، وعن أشعاره في الرثاء نجد فيها عاطفة عميقة وحزنًا مؤثرًا، يجعلنا نفتقر بعض ما فيها من نقائص كالمبالغة المعهودة في الشرق.

ونبغ أبو نواس في أشعاره الغزلية، ففيها من العاطفة والشاعرية الصادقة بقدر ما فيها من الإباحية والتبذل، كما نبغ في زهدياته في تناقض واضح ألم بتركيبته النفسية والشعورية، كما نبغ في أشعاره عن الصيد التي تبدو مبتكرة.

وجمع ديوان أبي نواس كثيرون منهم الصولي المتوفى العام 338هجري (946م) وجمعه في 10 فصول, والأصفهاني الذي نسخه بشكل أكثر اتساعًا وأقل تحقيقًا، كما جمعها المهلهل بن يموت بن مزرد الذي كان على قيد الحياة العام 332هجري (943م) برسالة عنوانها "سرقات أبي نواس".

ومن أشعاره:

دَعْ عَنْكَ لَوْمي فإنّ اللّوْمَ إغْرَاءُ

ودَاوني بالّتي كانَتْ هيَ الدّاءُ

صَفراءُ لا تَنْزلُ الأحزانُ سَاحَتها

لَوْ مَسّها حَجَرٌ مَسّتْهُ سَرّاءُ

مِنْ كَفّ ذات حِرٍ في زيّ ذي ذكرٍ

لَها مُحِبّانِ لُوطيٌّ وَزَنّاءُ

َقامْت بِإبْريقِها ، والليلُ مُعْتَكِرٌ

فَلاحَ مِنْ وَجْهِها في البَيتِ لألاءُ

فأرْسلَتْ مِنْ فَم الإبْريق صافيَة ً

كأنَّما أخذُها بالعينِ إعفاءُ

َرقَّتْ عَنِ الماء حتى ما يلائمُها

لَطافَة ً، وَجَفا عَنْ شَكلِها الماءُ

فلَوْ مَزَجْتَ بها نُوراً لَمَازَجَها

حتى تَوَلدَ أنْوارٌ وأَضواءُ

دارتْ على فِتْيَة ٍ دانًَ الزمانُ لهمْ،

فَما يُصيبُهُمُ إلاّ بِما شاؤوا

لتِلكَ أَبْكِي ، ولا أبكي لمنزلة ٍ

كانتْ تَحُلُّ بها هندٌ وأسماءُ

حاشا لِدُرَّة َ أن تُبْنَى الخيامُ لها

وَأنْ تَرُوحَ عَلَيْها الإبْلُ وَالشّاءُ

فقلْ لمنْ يدَّعِي في العلمِ فلسفة ً

حفِظْتَ شَيئًا ، وغابَتْ عنك أشياءُ

لا تحْظُرالعفوَ إن كنتَ امرَأًَ حَرجًا

فَإنّ حَظْرَكَهُ في الدّين إزْراءُ

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أبو نواس لُقِب بـشاعر الخمر وفَرّ من الرشيد بعد نكبة البرامكة أبو نواس لُقِب بـشاعر الخمر وفَرّ من الرشيد بعد نكبة البرامكة



GMT 06:50 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إطلاق النسخة الأولى من "بينالي أبوظبي للفن" 15 نوفمبر المقبل

GMT 07:02 2024 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

جولة على أهم المتاحف والمعارض الفنية العالمية والعربية

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان - لبنان اليوم

GMT 07:17 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
 لبنان اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
 لبنان اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
 لبنان اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 18:43 2022 الإثنين ,09 أيار / مايو

أفضل النظارات الشمسية المناسبة لشكل وجهك

GMT 07:22 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

مرسيدس تكشف النقاب عن نسختها الجديدة GLC

GMT 17:41 2020 الجمعة ,11 كانون الأول / ديسمبر

تعرفي على أنواع الشنط وأسمائها

GMT 10:04 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

النظارات الشمسية الملونة موضة هذا الموسم

GMT 23:44 2020 الإثنين ,28 كانون الأول / ديسمبر

مارادونا وكوبي براينت أبرز نجوم الرياضة المفارقين في 2020

GMT 18:54 2021 الخميس ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

رحمة رياض تعود إلى الشعر "الكيرلي" لتغير شكلها

GMT 13:05 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

تجنّب أيّ فوضى وبلبلة في محيطك

GMT 19:26 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

عائشة بن أحمد مطلوبة أمام النيابة في "ملف سري"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon