أظهرت دراسة تحليليّة صادرة عن شركة الخبير المالية، المتخصّصة في إدارة الأصول والخدمات المصرفية الاستثمارية، أنَّ الأسواق الإقليمية، لاسيما السوق السعودية، شهدت معدلات إقبال متزايدة في شهر تموز/ يوليو 2014، بعد إعلان هيئة السوق المالية السعودية عن فتح السوق السعودية أمام الاستثمار المباشر من مؤسسات الاستثمار الأجنبية.
ومن المُرجَّح حسب الدراسة أنَّ تؤدِ هذه التطورات الجديدة إلى تأثير كبير على أكبر سوق في منطقة الشرق الأوسط و شمال أفريقيا من حيث القيمة السوقية، وبما يمكن أنَّ يدفع بالمملكة نحو المرحلة الجديدة للأسواق المبتدئة على المستوى العالمي.
وتوقّعت الدراسة، إلى جانب تحسُّن السيولة، أنَّ تؤدِ هذه الخطوة إلى تعزيز ضوابط الحوكمة الإدارية وتمهيد الطريق نحو تضمين السوق السعودية في مؤشر مورغان ستانلي كابيتال إنترناشونال للأسواق الناشئة بحلول العام 2017.
ويمكن أنَّ تمثل السوق السعودية نحو 4% من المؤشر، لتوازي بذلك ماليزيا وإندونيسيا وتايلند.
وأشارت إلى أنَّ هيئة السوق المالية بذلت منذ تأسيسها في مطلع الثمانينات جهودًا حثيثة لتحرير السوق السعودية، وقد كانت صناديق الاستثمار المشتركة حتى العام 2008 الوسيلة الوحيدة التي تسمح للمستثمرين الأجانب غير المقيمين بالاستثمار في الأسهم السعودية، ما أدى إلى تصنيف السوق على أنها الأقل انفتاحًا بين جميع دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى.
ولكن في العام 2008، فتحت هيئة السوق المالية نافذة صغيرة سمحت بدخول الغير المقيمين والأجانب الغير العرب إلى السوق من خلال ترتيبات مبادلة عبر وسطاء محليين مرخّص لهم ومعتمدين من هيئة السوق المالية.
وفي العامين 2010 و2011، وسَّعت هيئة السوق المالية نافذة المشاركة باستحداث الصناديق المُدرجة في السوق.
واقترحت الهيئة وسوق تداول مسودة قانون يتعلق بالمستثمرين الأجانب المؤهلين ويُحدد إطار الملكية الأجنبية.
ووفقًا للمسودة الأحدث من هذا القانون، تتأهل مؤسسات الاستثمار الأجنبية للاستثمار المباشر في السوق إذا كانت تملك أصولاً تحت الإدارة بقيمة 5 مليار دولار أميركي وخبرة تشغيلية لمدة خمس سنوات.
وفي 21 تموز/ يوليو 2014، وافق مجلس الوزراء السعودي على السماح بالتداول المباشر خارج المملكة في الأسهم المُدرجة في سوق تداول، ثم في 21 آب/ أغسطس 2014، أصدرت هيئة السوق المالية مسودة لائحة لمشاركة المؤسسات المالية الأجنبية.
هذا وسوف تُصدر هيئة السوق المالية وتطبّق الصيغة النهائية للائحة بحلول نهاية العام 2014 وبالتالي فتح السوق فعليًا أمام المشاركين الأجانب خلال النصف الأول من العام 2015.
وفي آب 2014، أصدرت هيئة السوق المالية أول مسودة تنص على حدود الملكية الأجنبية، وتقترح فيها سقفًا أقصى بنسبة 10% من القيمة السوقية، شاملةً قيمة عقود المبادلة، على ملكية المؤسسات الأجنبية.
وتشمل اللوائح الأخرى المقترحة وضع حدود على ملكية المستثمر الأجنبي المؤهل الفرد في أي شركة مُدرجة بما لا يزيد عن 5%، وعلى ألا تزيد مشاركة جميع المستثمرين الأجانب المؤهلين عن نسبة 20% في أي شركة.
أما في الأسواق الإقليمية الأخرى، فقد تمّ تحديد الملكية الأجنبية بنسبة 49%. وبذلك يتضح أنَّ اللائحة متحفظة وقد تمّ اقتراحها لمراقبة تدفق الأموال الأجنبية إلى السوق السعودية عند فتحها السنة القائمة.
وترى الخبير المالية أنَّ هيئة السوق المالية يمكن أنَّ تكون أكثر مرونة في لوائح تنظيم الملكية الأجنبية وينبغي بدلاً من ذلك أنَّ يتم فرض قيود أشد على الاستثمارات الأجنبية في القطاعات الاستراتيجية ذات الأهمية الوطنية، وذلك على نحو مشابه لما هو متبع في معظم الأسواق الناشئة التي فتحت أبوابها أمام المستثمرين الأجانب.
بينما تشارك عائلات ثرية في السوق السعودية، غير أنَّ حجم وعدد المؤسسات الاستثمارية الخاصة، كصناديق الاستثمار المشتركة، وشركات التأمين، وصناديق معاشات التقاعد الخاصة، يعتبر قليلاً وهي لا تؤدي أي دور فاعل في السوق.
وكما في تموز 2014، شكّلت قاعدة المستثمرين الأفراد أغلبية غير متناسبة من حجم سوق تداول السعودية لتصل إلى 85% من المشترين و90% من البائعين.
وقد بذلت هيئة السوق المالية بعد انهيار سوق الأسهم في العام 2006 جهودًا كبيرة لاجتذاب مؤسسات الاستثمار؛ لاسيما أنَّ مؤسسات الاستثمار تقدم دعمًا هامًا في أوقات الأزمات وتقلُّبات الأسعار، ومن أجل تحقيق هذا الهدف، لا بد من تشجيع مشاركة كبيرة من المستثمرين الأجانب.
وبيَّن التقرير أنَّ مؤسسات الاستثمار تسيطر الآن على معظم أسواق الدول المتقدمة وعلى عدد من أسواق المال الناشئة حول العالم؛ حيث تجاوز إجمالي الأصول تحت الإدارة لمؤسسات الاستثمار كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي في معظم الدول المتقدمة علامة 100%، غير أنَّ السوق السعودية لا تزال بعيدة عن الوصول إلى هذا المستوى حيث لا تتجاوز هذه النسبة فيها 3.9%.
ومن المتوقّع أنَّ تساعد مشاركة مؤسسات الاستثمار ولاسيما مؤسسات الاستثمار الأجنبية، على التشجيع لوضع أفضل المعايير في السوق لأساليب وآليات إجراء البحوث وعلاقات المستثمرين ومساءلة الإدارة.
كما أنها تساعد على تعميق السوق وتحسين السيولة وتحسين ضوابط حوكمة الشركات وزيادة الشفافية.
وتعمل هيئة السوق المالية على اتخاذ الخطوات المناسبة لتعزيز الهيكلية المؤسسية للسوق وفتحها أمام مؤسسات الاستثمار الأجنبية، كما تنادي بتطبيق ضوابط أفضل للحوكمة والإفصاح وتُشدِّد على ملاحقة المُخالفين ومنع التداول بناء على معلومات داخلية.
ويمكِّن أنَّ تشهد الأسواق تدفقات رؤوس أموال تتراوح ما بين 25 مليار إلى 45 مليار دولار أميركي.
هذا وتصنّف السوق السعودية في المرتبة الثانية من حيث القيمة السوقية بين أسواق جميع الدول المصنفة، ضمن مؤشر مورغان ستانلي كابيتال إنترناشونال للأسواق الناشئة، وبحجم يفوق القيمة السوقية للإمارات وقطر والكويت مجتمعةً.
وقد بلغت القيمة السوقية الإجمالية لأسواق دول مجلس التعاون الخليجي 1.06 تريليون دولار أميركي كما في حزيران/ يونيو 2014. وتبلغ نسبة الملكية الأجنبية الحالية 1.2% من إجمالي القيمة السوقية في المملكة العربية السعودية، وهي أدنى نسبة في منطقة الخليج العربي مقارنةً بالنسبة الأعلى البالغة 8% في السوق القطرية.
وتتوقّع الخبير المالية أنَّ يؤدِ فتح السوق إلى اجتذاب مستويات ملكية أجنبية مشابهة للمستويات السائدة في المنطقة، أي ما يتراوح بين 25 مليار إلى 45 مليار دولار أميركي، أو أكثر من ذلك في حالة تضمين السوق السعودية في مؤشر مورغان ستانلي كابيتال إنترناشونال.
وفقًا للدراسات التحليلية التي أجرتها مورغان ستانلي، كانت المملكة العربية السعودية الأقل تحرُرًا من حيث القدرة على الدخول إلى الأسواق مقارنة بالأسواق الناشئة الأخرى كقطر والإمارات في دول مجلس التعاون من جهة، والهند والصين وجنوب أفريقيا وماليزيا من جهة أخرى.
كما أنَّ الصعوبات لا تزال قائمة في هذه المرحلة الأولية، ولكن هناك تفاؤل في المستقبل بإزالة العوائق كالتقلبات الكبيرة في الأسواق وتصحيح الأسعار.
وتوقّعت الخبير المالية في ختام تقريرها أنَّ تُعلن هيئة السوق المالية قريبًا عن آليات حماية ومراقبة للإجابة على جميع هذه الأسئلة.
أرسل تعليقك