رئيس الحكومة علي العريض
تونس ـ أزهار الجربوعي
أعلن القصر الرئاسي التونسي، الخميس، توقيع اتفاق إستراتيجي للتعاون بين تونس ومجموعة "البنك الإسلامي"، بقيمة 1200 مليون دولار على 3 سنوات، في حين أعلن خلال افتتاحه "مصرف الزيتونة للمالية الإسلامية"، عن جملة من الإجراءات الحكومية التي تهدف إلى تطوير وإنقاذ القطاع
المصرفي في تونس من الصعوبات التي يواجهها.
وأكد وزير التنمية والتعاون الدولي التونسي محمد الأمين الدغري، أنه وقع الخميس على مذكرة التفاهم الخاصة بالوثيقة الإستراتيجية للشراكة مع رئيس مجموعة "البنك الإسلامي للتنمية" أحمد محمد علي.
وتمتد الوثيقة الإستراتيجية للشراكة المبرمة بين وزارة التنمية والتعاون الدولي التونسية، ومجموعة "البنك الإسلامي للتنمية" خلال العام 2013، بحجم تمويل يناهز 1200 مليون دولار، بمعدل 400 مليون دولار سنويًا.
والتقى الرئيس التونسي، رئيس "البنك الإسلامي للتنمية"، في قصر الرئاسة في قرطاج، حيث تم التطرق إلى واقع تعاون هذه المؤسسة البنكية مع تونس، وآفاق تعزيزه ليشمل مجالات تنموية متنوعة.
وأوضح رئيس البنك، أن وفدًا من "البنك الإسلامي للتنمية" سيشارك في أعمال "منتدى تونس للاستثمار" التي ينظمها بنك "الزيتونة الإسلامي"، مُعربًا عن استعداد البنك لدعم أول مؤسسة مصرفية إسلامية في تونس، وتعزيز علاقاته معها، موضحًأ أن الاتفاق الإستراتيجي الذي وقعه البنك مع تونس، سيعمل على فتح آفاق جديدة للتعاون التونسي مع عدد من البلدان الأفريقية، التي يمكن لتونس أن تقدم لها دعمًا في عديد القطاعات والمجالات سواء في القطاع العام أو في القطاع الخاص.
وأعرب الدكتور أحمد محمد علي، عن استعداد "الإسلامي للتنمية" للمشاركة في دعم وتمويل برنامج تمويل المؤسسات الصغرى، إلى جانب بقية الممولين الآخرين، وذلك في إطار مساندة جهود تونس في مقاومة الفقر.
وأعلن رئيس الحكومة التونسية علي العريض، الخميس، أثناء افتتاحه لـ"مصرف الزيتونة للمالية الإسلامية"، عن جملة الإجراءات التي تم اتخاذها لتطوير القطاع المصرفي، وإنقاذه من التحديات الذي تواجهه، مع فسح المجال وتسخير كل الإمكانات المتاحة من أجل دعم المؤسسات المالية، والتحفيز على تعزيز مجال الصيرفة الإسلامية، بما يخدم مصلحة الاقتصاد الوطني.
وأفاد العريض، أن جملة الإجراءات المعلنة في هذا الصدد تشمل أساسًا إرساء قواعد الحوكمة الرشيدة في القطاع المصرفي، بما يضمن تحقيق أكبر قدر ممكن من الشفافية في إدارة البنوك، وطبقًا لما جاءت به المعايير الدولية للجنة "بازل"، وذلك مع اشتراط تكوين مدخرات جماعية بعنوان "المخاطر الكامنة على التعهدات الجارية"، وتلك المصنفة "صنف 1" إلى جانب تدعيم الأموال الذاتية للبنوك، عبر إقرار الترفيع التدريجي في الحد الأدنى لنسبة الملاءة من 8 ٪ إلى 9٪ في نهاية 2013 وإلى 10 ٪ في نهاية 2014، بما يحقق التقارب مع مقتضيات "بازل 3".
وأضاف رئيس الحكومة، أنه تم الشروع في تنفيذ برنامج إعادة هيكلة القطاع المصرفي من خلال الإعلان عن طلب عروض دولية للقيام بمهمة تدقيق خارجي شامل يخص البنوك العمومية الثلاثة الكبرى، إضافة إلى تدعيم الأموال الذاتية للشركة التونسية للبنك خلال 2012 بما يناهز 300 مليون دينار، وأن ما يعكس الإرادة الجدية للحكومة في دعم المالية الإسلامية والنهوض بها، وسعيها إلى الانفتاح على أدوات الصناعة المالية الإسلامية وحرصها على توفير الأرضية الملائمة، والإطار القانوني الشامل الذي يؤطّر كلّ فروع المالية الاسلامية من نشاط مصارف وصناديق استثمار وشركات تأمين تكافلي إسلامي وتداول صكوك وزكاة وأوقاف، مدللاً على ذلك بأنه تم التنصيص في قانون المالية للعام 2013 على وجوب تعبئة موارد للخزانة، بما قدره 1000 مليون دينار تونسي بالصكوك الإسلامية، وأنه تم بمقتضى قانون المالية للعام 2012 معالجة النظام الجبائي لآليات التمويل الإسلامي.
وذكر العريض، أن "الحكومة تمكنت بالتنسيق وبالتعاون مع المؤسسات المعنية من تحقيق نتائج إيجابية على مستوى أداء المصارف الإسلامية"، مبرهنًا على ذلك بتجربة "بنك الزيتونة"، الذي شهد تطورًا ملحوظًا في حجم نشاطه، ومن المؤمّل أن يستعيد توازنه المالي لا سيما بعد الشروع في إبرام شراكة إستراتيجية مع "البنك الإسلامي للتنمية"، مضيفًا أنه من المتوقع أن تشهد مؤشرات "مصرف البركة" نقلة نوعية، بعد أن تمّ الترخيص له عام 2012 ليتحوّل إلى بنك مقيم في تونس، فيما تعهد رئيس الحكومة بأن يستمر العمل على تدعيم مكانة المصارف الاسلامية في تونس، عبر فتح المجال لتركيز مؤسسات بنكية إسلامية جديدة، وذلك تلبية لطلبات الاستثمار الأجنبية، وتثمينًا لما توفّره هذه المؤسسات من فرص هائلة لاستقطاب الادخار وتمويل الاقتصاد، وأن الحكومة نظرت في مجموعة من مشاريع القوانين وأحالتها إلى المجلس الوطني التأسيسي، وأن الأمل معقود على أن تصدر هذه القوانين في أقرب الآجال، ولا سيما منها قانون الصكوك الإسلامية، وقانون التأمين التكافلي، بما يخدم تطور الصيرفة الإسلامية، وينشط حراك المؤسسات المالية والاقتصادية عمومًا.
وأشار رئيس الحكومة إلى أن اللجنة الوطنية للمالية الإسلامية المحدثة في وزارة المال، بمشاركة نخبة من الخبراء والمختصين والمهنيين، أنهت أعمالها المتمثلة في وضع الإطار القانوني والترتيبي للمالية الإسلامية، وأن الحكومة ستتابع بكل اهتمام التوصيات كافة المنبثقة عن هذه التظاهرة، وستعمل في الوقت نفسه على اعتمادها كمراجع أساسية لـتأسيس مقاربة تمكن من إيجاد آليات إضافية لتعبئة الموارد واستقطاب الإدخار وتمويل المشاريع في اتجاه إرساء وتطوير الصيرفة الإسلامية في تونس.
وتستمر وعلى مدى 5 أيام، فعاليات "أيام مصرف الزيتونة للمالية الإسلامية"، في نسختها الأولى التي افتتحها كل من رئيس "هيئة الرقابة الشرعية لمصرف الزيتونة" الشيخ محمد المختار السلامي، ورئيس الفرع التونسي لـ"اتحاد علماء المسلمين" الدكتور عبد المجيد النجار، فيما أطلق مصرف "الزيتونة" جائزة "الشيخ محمد الطاهر بن عاشور للمالية الإسلامية"، بالتعاون مع "المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب" التابع لـ"البنك الإسلامي للتنمية"، وهي جائزة سنوية خاصة تحمل اسم الإمام المصلح التونسي الشيخ محمد الطاهر بن عاشور، الذي يعتبر قطبًا من أقطاب الفكر الإسلامي في المغرب العربي.
جدير بالذكر أنّ بنك "الزيتونة"، وهو أول بنك إسلامي في تونس، تأسس في تشرين الأول /أكتوبر 2009، تعود ملكيته إلى صهر الرئيس المخلوع محمد صخر الماطري، المطلوب للعدالة في تونس في قضايا فساد مالي واستغلال نفوذ، وقد سيطر البنك المركزي التونسي على بنك "الزيتونة" بعد ثورة 14 كانون الثاني/يناير 2011، وسقوط نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي.
أرسل تعليقك