كشفت دراسة علمية مفصلة صدرت مؤخراً عن أن نشاط الصناعات التحويلية في السعودية يعد أكثر الأنشطة الاقتصادية تحفيزاً لنمو القطاع الخاص في البلاد بين مجمل الأنشطة المكونة للاقتصاد الوطني الأخرى، إذ من شأن نموه بمعدل 1% أن يقفز بالناتج المحلي للقطاع الخاص بنسبة مساوية تقريباً.
يأتي ذلك وسط دفع ملموس لحكومة المملكة بتحفيز القطاع الخاص بكل مكوناته، إذ يُنتظر أن تعلن السعودية عن برنامج متكامل لتنمية القطاع الخاص في المملكة والضلوع به في مهام وأدوار أكثر تفاعلية تجاه زيادة مساهمته في الاقتصاد الوطني.
وخلصت دراسة، كشف عنها حديثاً، وأعدها الباحثان منى المهنا أبا الخيل وأحمد البكر، من إدارة الأبحاث الاقتصادية في مؤسسة النقد العربي السعودي، إلى أن نشاط الصناعات التحويلية هو النشاط الأكثر تحفيزاً لمعدلات النمو في القطاع الخاص علاوة على دوره في تحفيز الأنشطة الاقتصادية الأخرى، وفقاً لاختبارات قياسية معيارية لبيانات سلسلة زمنية عن 47 عاماً (1970 إلى 2017).
وعمدت الدراسة التي اعتمدت في إعدادها على بيانات حتى شهر يوليو (تموز) المنصرم، إلى تفسير مساهمة الأنشطة الاقتصادية في معدلات النمو في الناتج الحقيقي للقطاع الخاص من خلال منهجية كمية وتحليلية لكل نشاط مقابل القطاع الخاص بهدف تحديد نوع العلاقة والتأثير، كاشفةً أنه وفقاً لنتائج الاختبارات، تؤدي زيادة الصناعات التحويلية بنسبة 1% إلى زيادة الناتج المحلي للقطاع الخاص بنسبة 9.0% في المتوسط.
وعزا الباحثان أثر الصناعات التحويلية إلى القيمة المضافة التي يضيفها للناتج المحلي وكذلك على مستوى التوظيف بالإضافة إلى ارتفاع معدلات الإنتاجية مقارنةً بالأنشطة الأخرى نتيجة لطبيعة الأيدي العاملة ومستوى تدريبهم، علاوة على الكفاءة في استخدام الموارد الاقتصادية وعدم اعتمادها على الواردات بشكل رئيس.
وخلصت الدراسة إلى وجود علاقة موجبة ومعنوية إحصائياً بين الناتج المحلي الحقيقي للقطاع الخاص والأنشطة الاقتصادية والتي تضم جملة من القطاعات الصناعات التحويلية، ونشاط خدمات الكهرباء والغاز والماء، ونشاط البناء والتشييد، ونشاط تجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق، ونشاط النقل والتخزين والاتصالات (بنسب متفاوتة من ناحية التأثير على معدلات نمو القطاع الخاص).
وحسب الباحثين، يظل نشاط الصناعات التحويلية محفزاً ومحركاً للأنشطة الاقتصادية الأخرى بشكل مباشر وغير مباشر نتيجة الصلة بينه وبين الأنشطة الاقتصادية الأخرى، بالإضافة إلى كفاءته في استخدام عناصر الإنتاج، داعين إلى ضرورة توجيه الاستثمارات إلى هذا النشاط، لقدرته على تنويع القاعدة الإنتاجية والمساهمة في جذب الاستثمارات الأجنبية وخفض مستويات البطالة.
وأشارت نتائج اختبار العلاقة عبر استخدام نموذج الانحدار إلى وجود علاقة موجبة ومعنوية إحصائياً بين الناتج المحلي الحقيقي للقطاع الخاص ونشاط الصناعات التحويلية حسب الفرضية البديلة (المحددة)، مشيرةً إلى أن للنتائج دلالة إحصائية عند مستوى 1%، باستخدام اختبارات الفرضية ذات الاتجاه الواحد أو ذات الاتجاهين مع ثبات العوامل الأخرى.
كان وزير المالية محمد الجدعان، قد أشار قُبيل أسابيع بمناسبة صدور موازنة 2020، إلى النمو الملحوظ في قطاعات الاقتصاد المختلفة خلال عام 2019، وفي مقدمتها الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي الخاص بواقع 3.4% حتى الربع الثاني من العام، مشدداً على استمرار الحكومة في تنفيذ أهدافها الاستراتيجية لتنويع القاعدة الاقتصادية من خلال إيجاد بيئة مناسبة للاستثمار في القطاعات الواعدة، وكذلك الاستمرار في توفير إطار اقتصادي مستقر، ومناخ استثماري ملائم.
وتوقع الجدعان حينها أن ترتفع مساهمة القطاع الخاص في النمو والتوظيف على المدى المتوسط، مشيداً بأداء متوسطات قطاعات تجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق بنسبة 5.8%، وقطاع النقل والتخزين والتقنية بنسبة 6.4%، بالإضافة غلى خدمات المالية والتأمين والعقارات بنسبة 5.4%، فيما سجل قطاع التشييد والبناء نسبة 4.9%.
قد يهمك أيضًا
3.3 % ارتفاعًا في الرقم القياسي للصناعات التحويلية والاستخراجية
تباطوء نمو قطاع الصناعات التحويلية في منطقة اليورو إلى أدنى مستوى
أرسل تعليقك