غزة - محمد حبيب
تتفاقم معاناة المواطنين في قطاع غزة يومًا بعد يوم جرَّاء توقُّف محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة عن العمل لليوم السابع على التوالي، ما ينذر بكارثة إنسانية، حيث وصل عدد ساعات انقطاع التيار الكهربائي إلى 18 ساعة يوميًا، فيما لا تصل ساعات الوصل إلى أكثر من 6 ساعات، في حين حذَّرَت مصادر في شركة الكهرباء من تقليص ساعات الوصل إلى 3 ساعات فقط إذا استمرت الأزمة على حالها، فيما أكَّد مواطنون لـ"العرب اليوم" أنهم يسابقون الزمن لتدبير أمورهم المنزليَّة.
من جهتها، أعربت المواطنة أم أحمد، ربة بيت، من سكان حي الزيتون في مدينة غزة عن استيائها الشديد نتيجة تواصل انقطاع التيار الكهرباء في المنطقة لفترات طويلة تتجاوز 18 ساعة, موضحة: "معاناة انقطاع التيار الكهربائي معاناة حقيقية لان هناك أمورًا كثيرة في البيت نعتمد في استخدامها على الكهرباء، حيث نبقى عاطلين عن فعل شي طول فترة الانقطاع ما يعرقل أعمالنا المنزلية".
وأكَّدَت في حديثها إلى "العرب اليوم": "عندما تأتي الكهرباء تكون ضعيفة وغير صالحة للاستعمال، ومع ذلك نسابق الزمن من أجل تدبير أمورنا في هذه الساعات القليلة، حيث نقوم بالخبيز والغسيل والكي والعديد من الأمور التي لا تتم الا بالكهرباء".
وتوضح: " نناشد كل الجهات المختصة وشركة الكهرباء وجميع المسؤولين بإيجاد حل للكهرباء، وليس الاكتفاء بالحديث لمجرد الحديث عن حلول لمعاناة الكهرباء".
ولم تكن معاناة أم أحمد بعيدة كل البعد عن معاناة الطالبة في المرحلة الاعدادية ايمان الشامي، من سكان مدينة الرمال في غزة، والتي تؤكد أنها تعاني الكثير جراء تواصل انقطاع التيار الكهربائي في هذه الآونة التي تشهد امتحانات نصف فصل للطلبة في كل المدارس, لتقول: "انقطاع التيار الكهربائي عرقل دراستي كثيرًا، حيث باتت ساعة الدراسة قليلة جدا ولن ترتقي بحجم الدراسة الهائل التي علينا ما يجلعنا نعيش في نفسية سيئة للغاية، ونفقد التركيز في الدراسة، وهذا يؤثر سلبًا على مستوى التحصيل الدراسي لدينا".
وتمنّت الطالبة الشامي في ختام حديثها إيجاد حل فوري لتك المعاناة التي تعرقل مسار الحياة الطبيعية لكل الطلبة في جميع المستويات, قائلة: "يجب أن تُحَل تلك القضية ففي كل عام نعيش تلك المعاناة، وكلنا أمل بأن يأتي العام الجديد ومعاناة انقطاع الكهرباء في زوال، لكن لا ندري لم لا تحل هذه القضية التي تؤرق الفلسطينيين كافة في قطاع غزة", مؤكدة أن المواطن الفلسطيني يريد أن يحيا حياة كريمة في بلاده التي يضحي من أجلها، ولا يريد أن يُحرَم من أدنى حقوقه.
كما أكَّدت السيدة منى البنا: "منذ أن بدأ النظام الجديد في برنامج الكهرباء ونحن لا نعرف ماذا يمكن ان نفعل خلال ايصال الكهرباء للبيت 6 ساعات فقط، لا سيما وان كل امور حياتنا اصبحت على الكهرباء، في ظل نقص كميات غاز الطهي".
وأوضحت البنا "فكرت كثيرًا اليوم حينما جاء التيار الكهربائي ماذا يمكن ان افعل، هل اقوم بالعجن والخبيز أو الغسيل حيث انه لا يوجد لدينا خبز للأكل".
وأعلنت: "اصبحت الحياة صعبة جدًا وضغوط كبيرة جدًا علينا، ولا نعرف كيف يمكن ان نتعايش مع هذا الواقع في ظل زيادة هذه الضغوط يومًا بعد يوم".
اما الشاب محمد عيسى فأكَّد انه "مع هذا البرنامج الجديد اصبح هناك خلل في برنامج وصول المياه للبيت لرفعها للخزانات، حيث جاءت الكهرباء في ظل عدم ضغط المياه نظرًا إلى انقطاعها لدى بئر المياه".
وأوضح عيسى "نحن على اعتاب شهر شتاء ونحتاج للتدفئة، وكذلك للكهرباء، وكنا في الماضي نتكيف مع البرنامج القديم بقطع التيار 8 ساعات، اما الان فان التيار لا يصل الى 6 ساعات يوميًا، وهذه مشكلة كبيرة، ناهيك عن قرب الامتحانات النصفية للطلاب".
وتضاف أزمة توقف محطة التوليد عن العمل وزيادة ساعات انقطاع التيار الكهربائي عن قطاع غزة إلى ازمات سابقة تمثلت في تشديد الحصار على القطاع، وإغلاق المعابر والأنفاق التي تدخل المواد الاساسية، وارتفاع نسبة البطالة.
ومن المتوقع ان تؤثر هذه الازمة على كل مناحي الحياة، لا سيما المحطات التي تضخ المياه إلى منازل القطاع، وكذلك محطات الصرف الصحي وغيرها من مرافق الحياة الحيوية، وكذلك الصحية.
وأكَّدَ نائب رئيس سلطة الطاقة في غزة فتحي الشيخ خليل في تصريح له أن محطة الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة توقَّف فجر الجمعة (1|11) بشكل كامل بعد نفاد الوقود فيها.
وحمّل الشيخ خليل السلطة في رام الله المسؤولية المترتبة عن هذا التوقف، مؤكدًا كل محاولات توفير السولار اللازم لتشغيل المحطة بالسعر المناسب من السلطة باءت بالفشل.
وأعلن: "إن المخزون الاحتياطي لدى المحطة نفد بشكل تدريجي خلال الأيام الماضية حتى وصل لمستوى الصفر، في ظل عدم التوصل لحل مناسب من خلال التواصل مع الجهات المختلفة".
وبيَّن أن الضريبة المضافة على سعر لتر السولار من قِبل السلطة في الضفة الغربية يجعل من مسألة شرائه لتشغيل المحطة أمراً صعباً، موضحاً أن الحل الوحيد هو إدخاله السولار من دون ضريبة".
وأكَّدَ الشيخ خليل انهم الان يعتمدون على الخطوط الاسرائيلية والمصرية لتوصيل الكهرباء الى غزة، وان مدة فصل الكهرباء ستصل الى 12 ساعة يوميًا عن كل منزل في القطاع.
وترفض السلطات المصرية ادخال وقود المنحة القطرية الموجود في ميناء السويس الى قطاع غزة بحجة الظروف الامنية في سيناء.
ومن جهته، حذَّر وزير الحكم المحلي في غزة الدكتور محمد الفرا من حدوث كارثة إنسانية في قطاع المياه والصرف الصحي جراء ذلك، قائلاً: "إن توقف محطة التوليد عن العمل عطل تشغيل مرافق المياه والصرف الصحي، ونحن وصلنا الى مرحلة صعبة جدا".
وأوضح الفرا "اليوم ونتيجة لانقطاع التيار الكهربائي زادت الحاجة الى السولار من اجل تشغيل المولدات البديلة، ولا يوجد سولار لدى البلديات لتشغيل مرافق المياه والصرف الصحي".
وأكَّد: "كل المضخات القريبة من البحر اصبحت اليوم تقوم بضخ المياه العادمة الى البحر بالجاذبية، ويومًا بعد يوم تزداد هذه الكميات، وهذا تلويث للبحر في ظل عدم وجود كهرباء او طاقة بديلة".
وأوضح المسؤول الفلسطيني: "نحن لجأنا الى هذا القرار كبلديات مضطرين، ونعلم ان هذا فيه اخلال بأخلاقيات الشراكة ما بيننا وبين الاتحاد الاوروبي كدول حوض البحر المتوسط، ولكن لجانا اليه مضطرين فليس لدينا خيار آخر".
وأكَّدَ: "اليوم هناك خطر بان المضخات الداخلية التي تقع في وسط المدن وليس على ساحل البحر ممكن ان تتوقف، وبالتالي ممكن ان تغرق البيوت بمياه الصرف الصحي".
وأعلن: "رؤساء البلديات أعطوا تعليمات بإيقاف مجموعة من الآبار التي تضخ المياه للاستخدام المنزلي للبيوت، وهذا سينعكس الى مزيد من الضغط على السكان".
وأكد: "إنه من المعروف أن الاتحاد الاوربي تعهد بدفع ثمن وقود محطة توليد الكهرباء وهو 11 مليون يورو شهريًا، ولكن منذ شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2011 طلبت السلطة من الاتحاد الاوروبي تحويل هذا المبلغ لموازنتها من أجل القيام بمهمة شراء الوقود للمحطة، وإرساله الى غزة، حيث تم تحويل هذا المبلغ لموازنة السلطة، وقامت بالشراء لشهر واحد فقط ثم بدأت بالمماطلة في ذلك".
وأوضح: "الآن السلطة تريد أن تبيعنا هذا السولار الذي يدفع ثمنه الاتحاد الأوروبي وتماطل في ذلك، وعلى الاتحاد الأوروبي إن كان لا يزال يدفع للسلطة هذا المبلغ ان يراجعها في الامر، لأن هذا فساد كبير، واستغلال لمعاناة الناس، وابتزاز سياسي.
ويشار الى ان الاتحاد الاوربي يدفع مبلغ 11 مليون يورو شهريًا للسلطة الفلسطينية في رام الله لتوفير الوقود لمحطة توليد الكهرباء، إلا ان إسرائيل لا توصلها للمحطة، وتدخلها في ميزانيتها، وتبيع السولار الى سلطة الطاقة بالسعر الدولي.
أرسل تعليقك