عقد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، مؤتمرا صحافيا شرح فيه الأسباب التي أوصلت الاقتصاد إلى عجز مرتفع وما زعزع معنويات الأسواق من الحرب السورية وأثرها على حركة الإيداع، إلى العقوبات الأميركية الاقتصادية وكيفية التعامل معها إلى تخفيض الوكالات الائتمانيّة لتصنيف اقتصاد لبنان وما سبقه من استقالة رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري في السعودية إلى ما وصلنا إليه وما زاد الوضع سوءا والمتمثل بـ"الشائعات وبث أخبار من قبل أشخاص غاياتهم سلبية"، حسب وصفه.
طمأن سلامة المودعين أيضا بأن مصرف لبنان لا يتجه إلى تنفيذ الـ"كابيتل كونترول" المتمثل في التحكم بأموال المودعين، أو الـ"Haircut" التي تعني خصم أموال مودعة لدى المصارف، مشيرا إلى أن المركزي "لا يُمكنه فعل هذا الأمر والودائع ملك اللبنانيين"، مؤكدا أن "الودائع مؤمّنة والمصارف في لبنان لديها أموال موظفة في الخارج ومع الدولة ومع القطاع الخاص".
وشدد حاكم مصرف لبنان على أن المركزي لديه الإمكانيات، وحركة على أساسها لعب دور الممول للقطاع الخاص والعام، وهذا الأمر أساسي لأنه موّل ولم يصرف، معتبرا أن "من صرف هو من قام بموازنة الدولة وراقبها".
اعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور سامي نادر، أن مؤتمر سلامة كان "لتبرير السياسات والهندسات المالية التي اتخذها والتي حولت المليارات لتمويل العجز والتي أسهمت حسب كلام الحاكم بتثبيت القدرة الشرائية وسعر صرف الليرة، خصوصاً بعد أن اتهمه البعض بالتسبب بالأزمة وتبديد الأموال".
كشف نادر أن "ما يميّز كلام سلامة هو التدابير التي أعلن عنها للمرة الأولى والتي شرّعت بشكل واضح ومباشر الـ"كابيتل كونترول" والتحكم في أموال المودعين، هو نفى وجود قرار بتنفيذ عملية الـ"Haircut" أي القطع من الودائع، ولكن أعلن عن نظام جديد لإدارة السيولة أي التحكم بالدولار وتقنين هذه العملة النادرة وبالتالي لم يعد يمكننا تحويل الأموال وعمليا نحن ضمن النطاق التطبيقي للـ"كابيتل كونترول"، الذي نسير به من بداية الأزمة وتم الإعلان عنه اليوم".
يلحظ الخبير الاقتصادي في مؤتمر سلامة، بعض الإشارات الجيدة من حيث خفض الفوائد وإعادة النظر بالتسهيلات المصرفية التي تم تجميدها و"لكن من سيخفض الفوائد؟" يسأل نادر، ويضيف قائلا: "طالما لم يقطع أحد من نفقاته ولم نشهد إصلاحات جدية حتى الآن فإن الوضع الصعب مستمر والانهيار الذي دخلنا به سيكون وقعه أقوى على الصعيد الاجتماعي".
وفي سؤال متعلق بإضراب اتحاد نقابات موظفي المصارف الذي نفى سلامة علمه به، اشار نادر إلى أن من مصلحة المصارف والعاملين لديها الذهاب إلى الإقفال لأنهم غير قادرين على تلبية مطالب الزبائن والمودعين وتحويل أموال وغير ذلك، مشيراً في هذا الإطار إلى إمكانية وجود "اتفاق ضمني" بين اتحاد نقابات موظفي المصارف والمصارف نفسها للسير بهذه الخطوة.
واعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور محمد وهبي في حديث مع "لبنان 24" أن مؤتمر حاكم مصرف لبنان "بالظاهر مطمئن ولكنه يطرح في الواقع الكثير من علامات الإستفهام. مشيرا إلى وجود هواجس كبيرة لدى اللبنانيين، في وقت كان سلامة يبرر سياساته النقدية وسلامة الهندسات الماليّة لأن العوائد التي كان يحصل عليها المركزي لم يتم تحويلها إلى وزارة المالية وقد استفاد منها بهذا الشأن، في حين كان يجب على سلامة الحديث عن أمر مهم وهو صيرورة الإقتصاد والتسليفات التي يجب على القطاع الخاص والمواطنين والموظفين دفعها وتسديدها وهم الغير قادرين على ذلك، كيف يمكن فعل ذلك دون جدولة هذه الديون؟ وكيف سيتم التعامل مع الشركات والمؤسسات التي أفلست وأغلقت أبوابها؟ هذا ما يجب الإجابة عنه كونه يتعلق بالواقع المالي" يقول وهبي.
وهبي شكك بالرقم الذي ذكره سلامة بخصوص وجود 30 مليار من العملات الأجنبية في المركزي، معتبرا أن هناك أقل من ذلك "وهذا ما أشارت إليه وكالة موديز مؤخراً".
وأشار الخبير الاقتصادي إلى "الجانب الإيجابي" في كلام سلامة لجهة "عدم إسقاط أي مصرف وبالتالي دعم وطمأنة المودعين، وتأكيد الحاكم على أنه سيتم الإفراج عن أموال المودعين التي لن يتم تحويلها إلى الخارج وهذا الأمر طبيعي ترعاه قوانين تهريب الأموال وغيره".
قد يهمك أيضاَ
العملة المصرية تحقق ارتفاعًا ملحوظًا أمام الدولار بنسبة 10.3% منذ بداية 2019
عماد الشدياق يُؤكِّد أنّ القطاع المصرفي في لبنان يُواجه "فوضى عارمة
أرسل تعليقك