بغداد ـ نجلاء الطائي
من المقرر أن يصل مشروع الموازنة للعام 2014 إلى مجلس النواب العراقي خلال الأيام القليلة المقبلة، بعد أن أمهلت رئاسة البرلمان الحكومة حتى الــ15 من الشهر الجاري كـ"موعد أخير" لإرسالها؛ وسط ترجيحات بأنها ستتسبب في خلافات سياسية عن بعض فقراتها وأبوابها، كما في كلِّ عام، واستبعد نواب من اللجنة المالية ان تنجح الحكومة بإرسالها خلال هذه الفترة،
معللين ذلك لوجود محادثات مكثفة بين ممثلي التحالف الكردستاني والحكومة، للاتفاق على مطالب الكرد فيما يخص استحقاقات الشركات النفطية، وامكانية دمج البيشمركة مع وزارة الدفاع كشرط لصرف رواتبهم، وأعلن مقرر مجلس النواب محمد الخالدي، في مؤتمر صحافي عقده في مبنى البرلمان، حضرته "العرب اليوم "، أنه "في حال عدم وصول مشروع قانون الموازنة من قبل الحكومة الى مجلس النواب خلال فترة اقصاها الخامس عشر من الشهر الجاري، فان المجلس ملزم ومضطر، بحسب الدستور، بالتمتع بالعطلة التشريعية"، داعيا الحكومة الى "ارسال مشروع قانون الموازنة قبل هذا التاريخ".
وأوضح ان "مجلس النواب يستحق عطلة تشريعية، لكن بسبب قانون الانتخابات مدد عمله"، مشيرًا إلى أن "المجلس لا يمكن ان يمدد عمله لشهرين متتالين، لذا فانه سيكون ملزماً بتاريخ الخامس عشر من الشهر الجاري بالتمتع بعطلته التشريعية".
ولفَتَ مقرر مجلس النواب إلى أن "العطلة التشريعية ستكون ابتداءً من الخامس عشر وحتى الخامس عشر من الشهر المقبل".
بدوره أكَّد عضو اللجنة المالية النيابية عن ائتلاف دولة القانون النائب عبد الحسين الياسري، ان "احد اسباب تأخر الموازنة هو اسمرار المناقشات على استحقاقات اقليم كردستان"، مستبعدًا إرسال الحكومة الموازنة في الوقت الذي حددته رئاسة البرلمان.
وأعلن الياسري في تصريح إلى "العرب اليوم "، أن "الموازنة المقبلة ستشهد ارتفاع قياساً بموازنة 2013"، مبينا انها زادت الى 174 مليار وستمائة مليون دولار، في حين كانت موازنة 2013 187 مليار دولا، فضلاً عن تخصيص اكثر من 132 الف درجة وظيفية، منها 72 الف درجة لتثبيت العقود في عموم الوزارات والمؤسسات الحكومية".
وبخصوص العجز الذي ستتضمنه موازنة 2014، اكد الياسري ان "جميع الموازنات الماضية شهدت عجزًا، الا انه نظري وليس عمليًا، بدليل أن جميع الوزارات والمحافظات تتسلم حصصها بشكل منتظم"، معللاً ذلك "بعدم وجود حسابات ختامية"، لافتا الى ان الحكومة اكملت الحسابات الختامية لسنة 2012 ، مرجحًا وصولها في اواخر اذار/ مارس المقبل.
وزاد الياسري حديثه بالقول ان "الأنباء التي وردت من رئاسة الوزراء تؤكد وصول الموازنة من دون اي مشكلات، بكون ان جميع الاطراف الموجودة في البرلمان هي موجودة في رئاسة الوزراء، وهم قادرون على تجاوز المشكلات قبل ترحيلها الى مجلس النواب".
وشدَّد الياسري على ضرورة أن "تتلافى الحكومة بعض الملاحظات السلبية التي تضمنتها موازنة العام الماضي، في موازنة 2014، منها طريقة الاعداد (البنود)، التي تعدّ قديمة جداً، إضافة إلى ضعف الجهاز الاداري والحسابي"، لافتًا الى أن "جميع تلك الملاحظات لابد من النظر بها وتغييرها اعتماداً على الطرق الحديثة والعالمية".
الى ذلك نفى مقرر اللجنة الاقتصادية النيابية النائب محما خليل، ارتفاع سقف مطالب اقليم كردستان، مبيِّنًا أن "مطالب الكرد المتعلقة باستحقاقات الشركات النفطية ورواتب البيشمركة ثابتة ولم تتغير".
واضاف خليل، وهو نائب عن التحالف الكردستاني، في تصريح إلى "العرب اليوم "، "نتمنى ان لا يتكرر سيناريو العام الماضي بعد أن مُررت الموازنة الاتحادية بمعزل عن الكرد"، لافتًا إلى أن "هناك مباحثات بين ممثلي ووزراء التحالف الكردستاني مع الحكومة على إمكان حل النقاط الخلافة حول هذه الموازنة".
في غضون ذلك، قال عضو اللجنة الاقتصادية النيابية محمد السعدي، في تصريح لـ"العرب اليوم "، إن "الموازنة ستعتمد بنسبة 93 % على الواردات النفطية، في حين كانت تعتمد في العام الماضي على نسبة 88%، ما يعني وجود تراجع كبير في مدخولات البلد غير النفطية، وهذا أمر مؤسف"، داعيًا الحكومة الى ان "تأخذ هذا الأمر بنظر الاعتبار، وأن تركز على مدخولات العراق غير النفطية".
ورجح السعدي عدم حصول زيادة في حصة الاقليم في الموازنة المقبلة، موضحًا أن "الدستور العراقي لا يمكن تغييره، ونص على إن حصة الاقليم من الموازنة المركزية تبلغ 17%، وليس من حق الإقليم المطالبة بأكثر من حصته".
ويؤكِّد أن "ابواب الموازنة معروفة ولا يمكن تغييرها، وسوف تغطي جميع احتياجات الاقاليم والوزارات والمحافظات"، مستدركًا أن "قانون مجالس المحافظات أعطى نسبة 5 بترودولار للمحافظات المنتجة للنفط، وعلى الرغم من ان الحكومة تعتزم الطعن بهذا القانون، إلا انها لم ترسله حتى الآن إلى المحكمة الاتحادية، لذا يعدّ القانون ساري المفعول ويجب تطبيقه".
وتوقَّع عضو اللجنة الاقتصادية النيابية بأن يحدث "صراع داخل مجلس النواب حول حصة المحافظات المنتجة للنفط (البصرة، وذي قار، وميسان) من الموازنة المقبلة، إضافة الى أن المحافظات غير المنتجة (بابل، والمثنى، والديوانية) ستسعى لزيادة حصصها، فضلاً عن اقليم كردستان الذي يسعى لزيادة حصته من واردات النفط".
وفي هذا الشأن، أشار عضو اللجنة القانونية النيابية عادل المالكي، إلى أن "إقرار تعديل قانون مجالس المحافظات رقم 21 لسنة 2008، يلزم الحكومة بإدراج المبالغ التي خصصت للمحافظات المنتجة للنفط، وهي 5 دولارات لكل برميل تنتجه المحافظة"، مستدركًا أن "الموازنة المقبلة بشقيها التشغيلي والاستثماري، ستلبي حاجة المحافظات والوزارات".
ودعا المالكي، وهو نائب عن ائتلاف دولة القانون المنضوي في التحالف الوطني، في تصريح لـ"العرب اليوم "، اقليم كردستان إلى "احترام الدستور والقوانين الصادرة من قبل مجلس النواب التي اعطت الحق للمحافظات او الاقليم بتصدير النفط من دون الرجوع الى الحكومة الاتحادية"، لكنه بين في الوقت عينه إن "هذه المشكلات ما تزال باقية حتى الان، ولم تحل بشكل كامل".
وكان مجلس النواب قد صادق في (7 آذار الماضي) على موازنة عام 2013 البالغة 118.6 مليار دولار، أي بنحو 138 ترليون دينار، وبنسبة عجز بلغت نحو 18 تريلون دينار، معتمدة على سعر برميل النفط الواحد 90 دولاراً، وبواقع تصدير 2 مليون و900 الف برميل يوميًا.
وشهدت جلسة مجلس النواب، وقتها، مقاطعة التحالف الكردستاني، احتجاجًا على الحصة المخصصة لدفع مستحقات شركات النفط العاملة في إقليم كردستان.
وكانت الحكومة قد أقرت الموازنة الحالية في تشيرين الثاني الماضي، لكن الخلافات السياسية بين الكتل النيابية المتنوعة عرقلت تمريرها في مجلس النواب.
أرسل تعليقك