العاملون سوريون
دمشق ـ جورج الشامي
كشف تقرير حديث صادر عن المركز السوري لبحوث السياسات، عن أن خسائر الاقتصاد السوري، منذ اندلاع الثورة في آذار/مارس 2011 وحتى الآن، بلغت 48 بليون دولار، في حين قدّرت بيانات الحكومة السورية والمؤسسات الدولية والصحافة الاقتصادية الغربية الخسائر بـ70 بليون دولار. وقالت
صحيفة "الحياة" اللندنية، إن تقرير اقتصادي بعنوان "الأزمة السورية: الآثار الاقتصادية والاجتماعية" الذي أعده المركز السوري لبحوث السياسات في الجمعية السورية للثقافة والمعرفة، قدّر خسائر الاقتصاد السوري خلال الشهور الـ 22 الماضية بنحو 48.4 بليون دولار أو 81.7 % من الناتج المحلي الإجمالي للعام 2010، وتوزعت الخسائر بنسبة 50 % في الناتج و43 % في مخزون رأس المال المتضرر، مشيرًا إلى أن البلاد خسرت ما حققته في عقدين من التنمية البشرية، وأن نسب الانهيار الاقتصادي قياسية مقارنة بالدول التي شهدت نزاعات مسلحة.
وتوقع التقرير أن تكون الأزمة قد أدت إلى نمو سالب في الناتج بنسبة 18.8 سالب العام الماضي، ورفعت عجز الموازنة إلى 18.5 % من الناتج، مما يعني أن الأزمة سيكون لها أثر سلبي كبير في ميزان المدفوعات، ليصل العجز التراكمي إلى 16 بليون دولار يمول من صافي الاحتياط الأجنبي، الذي تراجع من 18 بليون دولار عام 2010 إلى نحو بليوني دولار العام الماضي، فيما قدّر التقرير خسائر رأس المال السوري خلال الأزمة بنحو 42 بليون دولار تركزت في ثلاثة عناصر هي الخفض في صافي الاستثمار والذي يعادل نحو 12.4 بليون دولار، والخسائر الناجمة عن تراجع استخدام الطاقة الإنتاجية القصوى وتعطل رأس المال عن المساهمة في عملية الإنتاج وبخاصة في قطاعي السياحة والصناعات الاستخراجية وتعادل نحو 8.9 بليون دولار، والضرر الجزئي أو الكلي لمخزون رأس المال (الشركات والتجهيزات والأبنية المتضررة) والمقدّر بنحو 20.8 بليون دولار.
على الصعيد نفسه، أفاد خبراء سوريون في تقرير أعدوه لمصلحة منظمة "إسكوا"، أن "الاقتصاد الكلي تراجع بنحو 35 % في الناتج (نحو 20 بليون دولار)، مع توقع خسارة 18 % مع كل سنة، وأن سورية فور انتهاء الأزمة ستحتاج إلى نحو 45 بليون دولار لتمويل إعادة الإعمار في البلاد، في مقابل زيادة في تحديات هذه العملية، سواء في الكلفة أو القدرة في حال استمرار الأزمة، من بينها ارتفاع نسبة البطالة إلى 60 % في حال استمرار الأزمة إلى 2015، فيما أظهر تقرير "جذور الأزمة" أن حجم الخسائر يقدّر بنحو 24.1 بليون دولار في الناتج حتى نهاية العام الماضي بنسبة 45.7 % من الناتج في 2010، وأن معظم الخسائر في الناتج بلغت 87 % وتركزت في أربعة قطاعات، هي التجارة الداخلية والنقل والصناعات التحويلية والاستخراجية إذ كانت حصة هذه القطاعات مجتمعة 53 % من الناتج عام 2010، ويتوقع أن تتراجع حصتها من الناتج في 2012 إلى 39 %.
وأوضح التقرير أن "قطاع تجارة التجزئة والجملة ومن ضمنها الفنادق والمطاعم، هي من أهم القطاعات المشغلة لليد العاملة ذات المهارة المنخفضة، وهو تعرض إلى الخسارة الأكبر من إجمالي الأثر الاقتصادي للأزمة على الناتج، وقدرت خسائره بنحو 175 بليون ليرة (2.5 بليون دولار) أو 26 % من الخسارة الكلية للناتج، لافتًا إلى تراجع قطاع السياحة بنسبة 50 % متأثرًا بخفض الإيرادات من السياحة الأجنبية بنحو 60 %، وتوقع أن يكون الناتج السياحي تراجع بنحو 90 % في العام الماضي نتيجة تردي الأوضاع الأمنية مقارنة بـ 2010.
كما تطرق التقرير إلى الخسائر الضخمة التي أصابت قطاع النفط نتيجة العقوبات وانسحاب الشركات الأجنبية في تشرين الأول/أكتوبر 2011، وتراجع إنتاج النفط بنحو 47 % فيما قدر إجمالي خسائر قطاع النقل والاتصالات بنحو 157 بليون ليرة سورية وتقلص القيمة المضافة لقطاع الصناعات التحويلية في شكل حاد (76 في المئة) في القطاعين العام والخاص.
وجاء في التقرير أن العقوبات الاقتصادية الأجنبية وخفض إيرادات النفط وتراجع الإيرادات الضريبية عرضت المالية السورية إلى "صدمة" ولتخفيف أثر العقوبات الاقتصادية قلصت الحكومة السورية الإنفاق الاستثماري العام لصالح الإنفاق الجاري من 8.8 % عام 2010 إلى 3.5 % عام 2012، ونتيجة لذلك ارتفع عجز الموازنة العمومية للدولة خلال عامي الأزمة من 3.8 % إلى 10.1 % وتفاقم عبء الدين العام ليبلغ 40 % من الناتج العام الماضي مقارنة بنحو 23 % عام 2010، متوقعًا أن يصل عبء الدين العام إلى 46.2 % من الناتج.
وانتقد تقرير "السياسات النقدية المتخبطة" لـ"مصرف سورية المركزي" الذي دفعته الأزمة إلى خفض قيمة العملة بنحو 67 % حتى نهاية العام الماضي، لهدف الحد من المضاربة على العملة الوطنية، إضافة إلى تشجيع الصادرات غير النفطية، واعتبر أن هذا الإجراء لم ينجح في تفادي نشوء سوق صرف موازية تجاوزت فيها قيمة الدولار 100 ليرة، موضحًا أن أثر الأزمة على سوق العمل كبير إذ خسر الاقتصاد السوري حتى نهاية العام الماضي نحو 1.5 مليون فرصة عمل، وارتفعت نسبة العاطلين من العمل بنحو 24.3 %، متوقعًا أن تتأثر الحال المعيشية سلبًا لنحو ستة ملايين سوري.
في المقابل، قدّرت صحيفة "الأخبار" اللبنانية، خسائر الاقتصاد السوري منذ آذار/مارس عام 2011 حتى مطلع عام 2013، استنادًا إلى حصيلة معلومات تراكمت لدينا في الأشهر الأخيرة، نتيجة متابعة بيانات الحكومة السورية والمؤسسات الدولية وتقديرات الصحافة الاقتصادية الغربية، بـ70 مليار دولار، حيث تقلّص الاقتصاد السوري بنسبة 25 %، وارتفع السعر الرسمي للدولار إلى 79 ليرة وفق البنك المركزي، في مطلع عام 2013 بعدما كان 47 ليرة في بداية الأزمة، وثمّة نوعان من الخسائر، تلك المتعلّقة بفقدان الإنتاجية والانكماش الاقتصادي ـ وتقدّر قيمتها بـ20 إلى 25 مليار دولار ـ والأخرى المتعلّقة بالدمار والخراب المادي، وتقدّر قيمتها بـ40 إلى 50 مليار دولار، وأبرز أوجه فقدان الانتاجية كان 9 مليارات دولار في قطاع السياحة، ومليارين في تحويلات المغتربين، والباقي نتيجة تعطيل الصناعة والبناء والتجارة والخدمات والزراعة. فتعرّض 300 مستوصف ومركز طبي للحرق والنهب، وذكر تقرير لمنظمة الصحة العالمية أنّ سورية تعاني نقصًا حادًا في الأدوية بسبب الحصار العربي والغربي، وانخفض إنتاج النفط من 400 ألف برميل يوميًا إلى أقل من النصف، كما ذكرت الحكومة السورية في كانون الأول/ديسمبر 2012 أنّ ثمّة ألف مصنع في حلب قد جرى تفكيكها ونقلها إلى تركيا بكامل معداتها، وفي قطاع الكهرباء استهدف المسلحون 25 محطة توتر عالٍ من أصل 85 محطة تؤمّن الكهرباء للشعب، بسبب الحرب والضائقة المعيشية التي أصابت ملايين السكان، أنفقت الحكومة السورية مليارات الدولارات من احتياطي العملات الصعبة لتسديد الرواتب ودعم المواد الأساسية وحماية العملة الوطنية من انهيار غير مضبوط، وكان عجز الخزانة السنوي لا يزيد على ثلاثة إلى 5% من الناتج المحلي قبل الأزمة، وأصبح متوقّعًا أن يصل إلى 10 مليارات دولار (745 مليار ليرة سورية) عام 2013، أي ما يزيد على 17 % من الناتج المحلي، أو 50 % من موازنة 2013 البالغة 20 مليار دولار، لقد تضمّنت موازنة عام 2013 زيادة دعم السلع الأساسية بنسبة 25 %، وزيادة الرواتب بنسبة 13 % لتخفيف الوطأة الاجتماعية على المواطنين، لكن وزارة المال لم تأخذ بالحسبان فقدان مبيعات النفط، مما يعني تغطية العجز بالديون أو المنح، ومع ضعف العملة وتراجع الإنتاجية وتعطيل الدورة الاقتصادية، ارتفع مؤشّر الأسعار في سورية بنسبة 50 %، وظهر ذلك ليس فقط في إيجارات الشقق في المناطق الآمنة، التي ارتفعت ارتفاعًا صاروخيًا، بل إنّ الغلاء أصاب أيضًا السلع الاستهلاكية كافة التي اعتاد السوريون زهد أسعارها، ذلك أنّ البضائع تناقصت في الأسواق بعدما تعطّلت الدورة الاقتصادية في البلاد، وتوقفّت كليًا أو جزئيًا قطاعات اقتصادية مهمّة في الصناعة والخدمات، ومن ضمنها الصحة والتعليم والنقل والسياحة والبناء والتصنيع، وأغلقت طرق المواصلات الحيوية التي تربط المدن والمحافظات فسُدّت الأسواق، ولم تصل المواد الأولية والتحويلية إلى المصانع، كما طبعت الحكومة كميات من العملة في روسيا لدعم السيولة في الدورة الاقتصادية، فارتفع مؤشّر التضخم إلى 50 % في أيلول/سبتمبر عام 2012، وإلى درجات أعلى في منتصف العام، حيث تضاعفت أسعار بعض السلع الأساسية كالمازوت والخبز، وتراجعت الزراعة فهبط محصول القمح والشعير عام 2012 إلى النصف (من 4 أو 5 ملايين طن عام 2011 إلى مليوني طن) وفق تقرير منظمة الأغذية الدولية، مما دفع الحكومة إلى استيراد المزيد من المواد الغذائية.
أرسل تعليقك