بيروت - لبنان اليوم
كان من المقرر أن تعرض شاشة «إم تي في» اللبنانية مسلسل «بردانة أنا» على مدى 60 حلقة متتالية ابتداءً من سبتمبر (أيلول) 2019، مستهلةً معه شبكتها التلفزيونية لفصل الخريف. وجاءت الثورة اللبنانية لتقلب أجندة المحطة المذكورة كغيرها من زميلاتها على الساحة. فضرورة تغطية مجريات الثورة على الأرض تسببت بتوقيف عرض المسلسل أكثر من مرة. وهو ما دفع إلى تأجيل عرضه حتى إشعار آخر. وبالصدفة، ومن دون أي تخطيط مسبق، عاد المسلسل ليدخل موسم رمضان وليدرج على لائحة برامج المحطة في المناسبة. وليكتمل عرض ما تبقى من حلقاته (30) بعد أن جرى عرض ما يوازيها في القسم الأول منه. فخرج إلى النور في الشهر الفضيل تحت اسم «بردانة أنا» في جزئه الثاني. وليحصد أعلى نسبة مشاهدة بين أعمال الدراما المعروضة على الشاشات المحلية.
ويتناول «بردانة أنا» مجموعة قصص اجتماعية أبرزها العنف الأسري وضحاياه من النساء والقاصرات اللاتي لاقى بعضهن حتفهن على يد أزواجهن بسبب الضرب المبرح. كما يلقي المسلسل الضوء أيضاً على قصص حب مختلفة بينها ما يربط بين امرأة خمسينية وشاب بعمر ابنها، وفتاة مدمنة اشترطت على والدها حب هذا الشاب كي تخضع للعلاج. ومن ناحية أخرى يلمّع صورة رجال الأمن في لبنان ويضيء على مشكلات عدة كالخيانة الزوجية والفقر وغيرها.
وتتقدّم شخصية «باسم» التي يلعبها الممثل بديع أبو شقرا على غيرها من شخصيات العمل. فهو قتل زوجته ويعاني من الإدمان، ويتزوج من فتاة قاصر ولديه فتاتان صغيرتان تخافانه، كما أنّه يعاني من عُقد نفسية كثيرة تلازمه منذ كان طفلاً. وفي هذا الدور الذي يؤديه أبو شقرا متفوقاً على نفسه، يصعب على المشاهد ألا يتفاعل معه، ويشعر بموازاة ذلك بحالة من الانفصام تجاهه. فهو من ناحية يكنّ لبطل العمل الكره الشديد ويتمنّى أن يعاقَب على أفعاله كونه جلاد ضحاياه، ومن ناحية أخرى يستمتع بأدائه إلى حدّ الانبهار، فينتظر إطلالته في العمل بحماس وحب. وما يسري على بديع أبو شقرا ينطبق على باقي فريق العمل. فالشركة المنتجة (إن إم برودكشن) لصاحبها مخرج العمل نديم مهنّا، استطاعت أن تضع كلاً من كارين رزق الله ووسام حنا وجوزف بونصار ونهلة داود وغيرهم في الإطار المناسب لهم. وهكذا نجحت خلطة العمل بكل عناصرها في جذب انتباه جمهور عريض لم تغب عنه شريحة من المشاهدين العرب الذين يتابعون المسلسل فضائياً أو عبر مواقع وصفحات إلكترونية.
وتشير كاتبة المسلسل كلوديا مرشيليان في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّها تفاجأت بالنجاح الذي يحققه «بردانة أنا» في جزئه الثاني، خصوصاً أنّه يُعرض في شهر رمضان. وهو الوقت الذي تصبح فيه كثافة العروض الدرامية لا تحصى فتؤلف أطباقاً دسمة يصعب تناولها جميعها. «لم يخطر على بال أحد أن يدخل (بردانة أنا) السباق الرمضاني. وأنا متفاجئة بالنتيجة التي يحصدها ويحقق فيها أعلى نسبة مشاهدة، بمعدل يتخطى الـ12.34%». وتضيف مرشيليان في سياق حديثها: «لقد خاطبنا من خلاله، شريحة كبيرة من اللبنانيين البسطاء، وسلّطنا الضوء على معاناتهم من نواحٍ عديدة. ولعل تجدد حالات جرائم العنف الأسري في هذه الفترة في لبنان أسهم بالترويج للعمل لأنّه، يحاكي أحداث الساعة»، والمعروف أنّ مرشيليان استوحت قصص العمل من أحداث حقيقية جرت في لبنان فوضعتها في قالب درامي قاسٍ، لكنّه مشوق وتوعوي في آن.
وتشير مرشيليان إلى أنّها من أوائل الكتاب اللبنانيين الذين آمنوا ووثقوا بالدراما المحلية. وأنّها سبق وخاضت سباق موسم رمضان بهذا النوع من الأعمال.«منذ أكثر من 10 سنوات أدخل هذا الموسم بأعمال لبنانية كـ(الشقيقتان) و(ورد جوري) و(ثواني) و(اتهام) وغيرها، وجميعها نجحت وبالتوازي مع أعمال درامية أخرى أخذت حقوق عرضها منصات إلكترونية كـ(ثورة الفلاحين)، واليوم تأتيني أصداء جيدة جداً من بلدان عربية تحيط بنا، عن الخلطة التمثيلية المتبعة في (بردانة أنا)، التي لفتت انتباه منتجين عرباً أفادوني بأنهم يرغبون بخوض تجارب مماثلة مع نفس الممثلين».
وتشيد مرشيليان بعمل لبناني آخر يعرض في رمضان وهو مسلسل «بالقلب». وتقول: «علينا أن نحزم أمرنا، ونتخطّى الخوف ونثق بقدراتنا فننتج دراما محلية». وترى مرشيليان التي عرضت لها «إم تي في» مؤخراً مسلسل «ما فيي 2» ولاقى أيضاً أصداء جيدة، بأنّه لا ينقصنا كلبنانيين أي من عناصر الدراما الناجحة. إلّا أنّها تعلق: «إننا فقط بحاجة إلى دم جديد من المخرجين، إذ إنّ الموجودين منهم على الساحة لا يتعدون أصابع اليد الواحدة. فلماذا يغيب مخرجون أمثال أمين درة ورندة علم وجو بوعيد ولارا سابا عن الساحة في الوقت الذي نحن في أمسّ الحاجة إليهم؟ أمّا من ناحية الممثلات فهن نجمات عربيات، بكل ما في الكلمة من معنى، ويتم اللجوء إليهن في إنتاجات مختلطة. وبالمقابل هناك عدد من الممثلين الشباب الذين يفتقرون إلى الفرص، فلا يدق بابهم إلّا في أعمال مختلطة محدودة. فعندنا نيقولا معوض وباسم مغنية ويورغو شلهوب ويوسف الخال وغيرهم وجميعهم (منشوف حالنا فيهم)».وحسب مرشيليان، كاتبة «بردانة أنا»، فإنّ الحلقات المقبلة منه ستحمل الكثير من الأحداث المشوقة، وتختم: «أنتظر زيادة أكبر بنسب المشاهدة، إذ هناك تحوّل كبير في مجريات القصة، ستضع المشاهد في حال ترقب دائم».
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
مكافحة العنف الأسري في لبنان تستغيث من الجرائم المروعة بسبب الحجر المنزلي
بريطانية تنشر صورتها بعد أن تعرضت للعنف وشُوِّه وجهها علي يد صديقها
أرسل تعليقك