لم تكن مراكش يومًا قبلة سياحية مفضلة من طرف السياح الأجانب فقط؛ بل كانت ولا تزال قبلة سياحية مفضلة لدى المغاربة أيضًا الذين يحجون إليها في كل موسم، لا سيما في فصل الربيع
حيث شرعت المدينة الحمراء في استقبال الوفود السياحية التي تقصد المدينة من مختلف المدن المغربية، فهي المدينة التي يلتقي فيها المغاربة من الشمال والشرق والغرب والجنوب، وتجمع
تشكيلة من الزوار من مختلف الأعمار، لأنها المدينة التي يعشقها الجميع ويتوافد إليها المغربي كلما شعر بالحنين إلى عيش تجربة فريدة من نوعها، وخوض مغامرة بين أحضان الطبيعة
الخضراء، لا سيما في هذا الفصل الذي تتحول فيه المدينة الحمراء إلى ذلك الفردوس الأخضر المميز.
واستقبلت مراكش منذ بداية فصل الربيع عددًا من الزوار من مختلف المدن المغربية الذين حطوا رحالهم؛ من أجل قضاء عطلة الربيع رفقة أهلهم وذويهم بين أحضان المدينة التي يناديك
جمالها وشعبيتها وطيبة سكانها ومرحهم الدائم الذي لا ينقطع مهما اختلفت الظروف وتنوعت، وتحولت مراكش في غضون أيام قليلة إلى قبلة للسياحة الداخلية التي حققت نسبة عالية جدًا،
فتحولت شوارع مراكش وأزقتها ودروبها الضيقة لتعج بالزوار من كل الجهات، فلا تجد لك مكانًا في مطاعمها وأروقتها، سواء الشعبية أو العصرية فأينما حللت وارتحلت في المدينة تجد
عددًا هائلًا من الزوار الذين ينتقلون بين فضاء المدينة مشيًا على الأقدام بعيدًا عن استخدام أية وسيلة نقل تحرمهم من الاستمتاع بمناظر المدينة وجمالها التاريخي والحضاري، فضلًا عن تلك الأجواء الشعبية التي يسلمها الزائر بمجرد دخوله المدينة الحمراء.
و يختار كل من يشده الحنين إلى تجربة شيء معين ومختلف في المدينة الحمراء، عربة "الكوتشي" التقليدية التي تتيح له الفرجة والتنقل والاستمتاع بسحر المدينة في كل الأوقات في الوقت
نفسه، هذا السحر الذي يختلف بحسب فترات النهار، فتجده مميزًا في الصباح وممتعًا بعد الظهر وساحرًا وخاطفًا للأنظار في المساء، حيث تصبح المدينة مثل تلك الكعكة التي تشع بضوء
الشموع المتلألئة فيها التي تعطيها لمسة من الرقي والجمالية المختلفة والمميزة التي تجل الزوار الذين لا يرغبون في مغادرتها بمجرد ما تطأ قدمهم فيها؛ فيجدون أنفسهم يقضون فيها ليال وأيامًا من دون ملل أو كلل.
وتعلق المغاربة والأجانب بهذه المدينة التي لا تكف عن الحركة ولا تهدأ يرجع إلى عوامل عدة، أهمها شعبيتها وتاريخها وجمالها الطبيعي ومعالمها العريقة التي ما تزال تشم فيها عبق
التاريخ القديم والفترات الزمنية المميزة التي عايشتها المدينة، فضلًا عن كونها تستقبل الزوار بكل حب وحنان فلا تجد الزائر راغبًا في مبارحة مكانها والعودة من حيث أتى؛ بل تجده متمسكًا في المدينة التي تتميز بثقافة وخصائص طبيعية مجتمعة فيها ربما لا تجدها في مكان ثاني.
وكانت مراكش و ما تزال قبلة للسياحة الداخلية بامتياز، إذ تحقق نسبة عالية على الصعيد الوطني في استقبال الزوار في مختلف الفصول، لا سيما في فصل الربيع الذي تتعدى فيه نسبة
الزوار الداخليين 60 في المائة، ما يحول المدينة إلى مهرجان شعبي كبير، وتتحول ساحة جامع الفنا إلى فضاء تحلو فيه الفرجة أكثر والمتعة الشعبية التي تجد الزوار يلتفون حولها للتعرف
عليها والتشبع بتقاليد وعادات المغرب التي ما تزل تلمسها في مراكش من دون غيرها، إنها تلك المدينة التي ربما لا يجد فيها المراكشي مكانه أمام الزائر الذي يقصدها رفقة أسرته أو
اصدقائه، لا سيما في هذه الفترة من العام، فضلًا عن ارتفاع عدد الرحلات المدرسية والجامعية التي تستقبلها المدينة منذ بداية شهر آذار/مارس إلى متم نيسان/ ابريل، حيث تنتهي العطل
الربيعية لتشرع مراكش من جديد في الاستعداد لاستقبال الزوار والسياح الذين يحجون إليها للاستمتاع بالأجواء الدافئة والمميزة التي توافرها المدينة في فصل الصيف، حين تتحول مراكش من جديد إلى قبلة سياحية لعشاق الشمس والطبيعة الخضراء التي تحيط بالمدينة من كل الجوانب.
أرسل تعليقك