تُعرف مدينة "سيدني" الأسترالية بالمدينة الحيوية، وهي واحدة من الضواحي العالمية الأنيقة التي تمتاز بشواطئها ذات المياه الجلية والجميلة، ويفهم زائرها على الفور لماذا تحتفظ هذه المدينة الكبيرة بمكانتها في قائمة العشر الأوائل لأفضل المدن في العالم.
وتشتهر سيدني بمركز "روكس" وميناء "دارلنغ" وناطحات السحاب والحانات والمحلات التي تتزاحم بين صالات العرض والمسارح، وتقدم للسياح أيضا سعادة الجلوس في الهواء الطلق ومشاهدة الناس مع أضواء المدينة التي تلمع على المياه لحظة غروب الشمس.
وتعتبر المدينة واحدة من أكثر المدن غلاء في العالم، ولكنها تجذب السياح من جميع أطراف العالم بحثا عن الشواطئ الجميلة والمعالم الشهيرة والأنشطة المليئة بـ"الأدرنيالين"، وتقدم خطوط سنغافورة للطيران حاليا أسرع رحلة طيران بين بريطانيا وأستراليا مع زمن الرحلة أقل بقليل من 22 ساعة ما يعني الإفطار في لندن والعشاء في سيدني، ولم يكن هذا أمرا قد سبق حدوثه.
وتتكون سدني مثل كل المدن الكبرى من مجموعة من القرى ذات الطابع المميز، ويعتبر بار "ثري هيلز" مثالا للنموذج البوهيمي المناسب لعشاق الكتب الأنيقة، ويقع في شارع أكسفورد بالقرب من دار "لينغهيرست" الى جانب "ليتل ايطاليا"، ويعتبر شارع "بادينغتون" في المدينة واحدا من الشوارع الانيقة مع المنازل الجميلة، وتقدم "تشابندل" نفسها كوجهة لعشاق ومحبي الفنون.
ويقدم "نورث شور" عبر الميناء عدد من الشواطئ في الضواحي الشمالية مثل "موسمان" و"مانل" و"نتشورال باي". وتمتلك سدني لوحدها أكثر من 100 شاطئ، من الأطواق المنعزلة القريبة وحتى شاطئ "بوندي" الأكثر شهرة، وما يزال هذا الأخير معروفا أكثر بسبب رياضة ركوب الأمواج والشباب الذين يرتادونه من محبي الجاز، ومن المعروف عنه أيضا انه مكان حيوي لتناول الطعام اولشراب، ومن الصعب عدم التمتع بأجوائه.
ويبدأ عادة يوم السياح في وقت مبكر مع القهوة ووجبة فطور صحية، فالمقاهي في العاصمة الاسترالية تقدم خدمة ممتازة ووجبات إفطار لذيذة، وأفضلها مقهى "سبيدو" على القسم الشمالي من شاطئ "بوندي" ذي الشرفة المغطاة ولوحة الترحيب الخاصة به، ويقدم طبق بركي المكون من الافوكادوا والكينوا والبيض المسلوق والسبانخ مع العجين المخمر والنعناع الطازج والريحان.
ويفضل بقاء السياح في شقة عصرية حديثة عن البقاء في فندق تقليدي، وتقدم شركة "إنديا" للشقق، مجموعة من العروض الجيدة بالقرب من شارع بيل وسط مشهد لعشاق الطعام والذي يبعد أيضا خمس دقائق عن الشاطئ، ويمكنهم البقاء في أول فندق بوتيك في الضاحية والذي يسمى "كيو تي بوندي".
ويزور السياح الشاطئ للتمتع بأشعة الشمس والسباحة ثم يتمشون حتى شاطئ تمارا وصولا الى شاطئ برونتي أو ابعد الى شاطئ كوجي الذي يحتوي مجموعة مختارة من حمامات السباحة الكبيرة البعيدة عن أمواج البحر المخيفة وأسماك القرش.
وتضم المدينة أيضا منطقة الأعمال المركزية "أو سي بي دي" القريبة من فندق تانكستريك والذي يعتبر مثالية لزيارة بعض المعالم المعروفة، ويمكن تناول الفطور في منطقة الاعمال المركزية في فندق "لانغهام" ذو النجوم الخمس والذي يشبه الى حد كبير "سافوي" في لندن، ثم بعدها التمتع بمساج تايلندي في ميناء دارلينغ القريب.
ويعتبر المشي أفضل طريقة لاستكشاف المدينة، وخاصة أن الترام ذا ال12 كيلو متر ما زال قيد البناء، ومن المقرر افتتاحه في 2018، وتعتبر الحافلات فوضوية للغاية على السياح، وبكل الأحوال فان السير على جسر الميناء الجميل مثالي ويستحق التجربة، وأصبح تسلق الجسر هذه الأيام مسموحا بسعر 230 دولاراً.
ويمكن للسياح التمتع بالمناظر الطبيعية من فوق وبسعر اقل من خلال "بايلون لوك أوت" بسعر 12 دولارا فقط والتسلق 200 درجة الى منصة عرض المناظر الخلابة، حيث يمكنهم من هناك أخذ أكثر صور لا حصر لها من المدينة، وتقع محطة القطار "مليسون بوينت" على الطرف الأخر من الجسر لذلك من السهل الوصول اليها.
ويستمتع الزوار عادة برؤية بعضهم أو أصدقاء لهم على كأس من النبيذ في بار أوبرا، أو يأخذون العبارة الى رصيف الضاحية الشمالية لمانلي لمشاهدة غروب الشمس أسفل ميناء سدني، وتحمل العبارات السياح كل يوم الى حديقة حيوان "تارونغا" التي تضم الحيوانات الاسترالية التي تعيش في البرية.
وتعد المدينة مثالية لمحبي الفنون، وفقد أصبحت مؤخرا مركزا للفنون والثقافة، وتقدم منطقة "تشبندال" في جنوب المدينة مثالا حيا عن هذه التجربة التي نفضت عنها ماضيها الفقير لتفتخر اليوم بصالات العرض الفنية وأماكن تناول الطعام الشعبية، وحتى أن منطقة التسوق فيها والتي تسمى "سنترال بارك" مطلية باللون الأخضر كأساس معماري موحد.
وسعت مبادرة "تشبندال" الإبداعية الى جذب رجال الاعمال والشركات المبتكرة خلال السنوات الأخيرة، وتعتبر من المجتمعات النابضة بالإبداع والحياة مع أكثر من 10 صالة عرض بما في ذلك مركز الفنون المتعددة المسمى "كاريغوورك".
وعاد إلى المدينة المظهر الصناعي لقاطرات السكك الحديدية السابق مما يجعلها مكانا شعبيا للمنشآت الفنية على نطاق واسع، ومكانا لأسواق عطلة نهاية الأسبوع، وأعلنت شركة بيورك مؤخرا أنها ستكشف النقاب عن معرضها الأول في مشروع الواقع الافتراضي بيورك الرقمي هنا في حزيران/يونيو، وهو جزء من مشروع "فيفد سيدني" لتسليط الضوء على اتفاقية التنوع البيولوجي في فعاليات تمتد من 27 ايار/مايو وحتى 18 حزيران/يونيو، من بينها العروض الموسيقية الى جانب أكثر من 80 عرضا في جميع أنحاء المدينة.
ويساعد التنوع النباتي في استراليا على تطوير مطبخها، وتفتخر بمطبخها الذي ينصهر بعفوية بين اسيا والشرق الأوسط وأوربا ومكونات المحيط الهادئ، ويعتبر مطعم "كنسينغتون" أول في مشروع طهي في سيدني حائز على "نجمة ميشيل" يقوده الشيف البريطاني جايسون اثرتون.
ويحتوي المطعم على بار يقدم الافطار حول منطقة مطبخ مركزية لمشاهدة الطهاة وهم يعدون الوجبات اللذيذة والتي تقدم في أطباق مثالية . ولأخذ راحة من صخب المدينة يمكن زيارة الجبال الزرقاء التي تبعد 90 دقيقة غرب المدينة وخليج "غيرفيس" الذي يبعد ثلاث ساعات في الجنوب.
ويغطي الجبال الزرقاء ضباب زيت الكافور، ويمكن نقل السياح بواسطة التلفريك ذي الأرضيات الزجاجية بين الجبال للتمتع بمنظرها فوق وادي "جاميسون" المذهل الذي يشرف على الغابات المطرية والشلالات الرائعة والصخور العملاقة، وعدد كبير من السهول الممتدة وسط دهشة السياح فوق سلسلة الجبال الشاهقة، ويحتوي المكان على مطاعم جيدة لتناول الطعام مثل مطعم "لورا كراج" ومطعم "براسيري" ومطعم "ايكوز" في كاتومبا مع أغذية طازجة ولذيذة وأطباق محلية.
ويستمتع أيضا الزوار بزيارة الفندق التاريخي "هيدرو ماجيستك" لمناظر طبيعية خلابة أسفل الوادي وتناول الشاي مع الكعك في المبنى ذي الخمسة طوابق، يزورون بعدها خليج "غيرفيس" الذي يبعد ثلاث ساعات جنوب سيدني برمالها التي تصدر صوتا مثل الصرير عند المشي عليها.
ويتكون الشاطئ من بلورات ثاني اكسيد السيليكون البيضاء أو السليكا الأخف وزنا والأكثر دقة من الشواطئ الرملية المعتادة، ولها سمعة بكونها الشواطئ الاكثر بياضا في العالم، ويؤمها الغواصون وراكبو الدرجات ومحبو الطبيعة وراكبو الأمواج والصيادون والسباحون، فلديه مجموعة من الشواطئ المنعزلة التي توفر مساحة خاصة، ويمكن مشاهدة الدلافين أو الحتيان في هذا الشاطئ، وعلى الطريق اليه يعيش الكنغر الرمادي.
ويمكن المبيت في مخيم "بابربارك" في المنطقة نظرا لأنها تبعد عن سيدني ثلاث ساعات، والذي يقدم تجربة سفاري فاخرة باستخدام الخيام المفتوحة على الغابة، ويقدم وجبه من ثلاث أطباق وحمام تحت النجوم، وتأسر المدينة وضواحيها أي سائح ليشعر في النهاية وكأنه يريد أن يبقى في هذا المكان.
أرسل تعليقك