لندن - كاتيا حداد
ظهرت سيريلانكا كأحد أهم المنتجعات السياحية الساخنة، لقضاء العطلات في عام 2016، وهيمنت صور تلك الشواطئ بأمواجها المثيرة للانتباه، وكذلك فنادقها الأنيقة، على موقع "انستغرام". ويمكن للزائر أن يأخذ القطار البطيء للغاية من منطقة تلال الشاي، إلى بلدة جبل هابوتالي، ليستمتع بتلك المناظر الخلابة، ولم تكن الوحيد الذي يتلذذ بالنظر من النافذة المجاورة لك، من أجل الاستمتاع بقطرات الندى التي تتساقط على الغابات خيالية الجمال، ليخرج منها عبر التلال في الاتجاه إلى شاطئ البحر.
وتجد من يدعوك لحجز مقعدك في أحد عربات الدرجة الأولى في ذلك القطار، ولكن لا ينبغي عليك الاهتمام بمثل هذه النصيحة، فوجود التكييف وشاشات التلفزيون، التي تقدم لقطات للحديقة الجوراسية، ربما لا تضاهي المتعة الكبيرة التي يشعر بها ركاب الدرجات الأدنى، والذين يتمتعون بالهواء النقي، والذي يحمل رائحة الجبال عبر نوافذ العربات. وعلى الرغم من كونها دولة تقع على جزيرة صغيرة، وغالبًا ما تطغى عليها دولًا أخرى كالهند، وبعض الدول الأخرى في منطقة جنوب شرق اسيا، إلا أنه يمكنك بالفعل أن ترى الكثير خلال رحلة واحدة، لتلك الدولة، كمدن الشاي والمعابد البوذية والمنتزهات الوطنية، ولكن تبقى اللحظات الأكثر بساطة هي الأكثر امتاعًا داخل تلك البلد، التي تشهد نموًا سياحيًا كبيرًا في المرحلة الراهنة.
وأوضح كاتب التقرير في موقع "الإندبندنت" البريطاني راشيل بيلز، قائلًا "إن أول المحطات التي اتجهت إليها، أثناء زيارتها لتلك الجزيرة، بعد الهبوط مباشرة في مطار العاصمة كولومبو، كانت إلى ميناء ثاني أكبر المدن هناك وهي مدينة كاندي، والتي تقع على هضبة في وسط الجزيرة، بينما يحيط بها منطقة جبلية محاطة بالأشجار الرائعة، وربما يكون أمرًا طبيعيًا أن تكون مدينة كاندي، هي المحطة الأولى للأفواج السياحية المقبلة للجزيرة، بهدف التعرف على الثقافة الشعبية السائدة هناك، خاصة وأن المدينة تمثل المركز الثقافي لسريلانكا".
وأضاف "إلى أن وصلنا إلى أول محطات الراحة خلال رحلتنا، حيث كان هناك ما يسمى بـ"كاندي هاوس"، ويقدم للزائرين منازل، كل منها منفصل عن الأخر، ليكون بمثابة واحة تستطيع أن تستمتع داخلها بقدر كبير من الهدوء، ويوجد فندقًا أخر، يبدو قريبًا إلى حد كبير من "كاندي هاوس" وهو فندق "لاست هاوس"، والذي يقع على الشاطئ في مدينة تانجالي، حيث أنه يعدّ أكبر قليلًا من مساحة فيلا، وتقدم نموذجًا رائعًا يعكس الفخامة، إلا أن فنادق سريلانكا لا تقتصر على هذين الفندقين فقط، ولكنها تمتد إلى مئات الفنادق الأخرى، والتي تقدم نماذج رائعة سواء في الجمال المعماري أو في الرؤية الرائعة للمناطق الرائعة التي تزخر بها تلك الجزيرة".
وتابع بيلز "يقع في شمال بحيرة كاندي أحد أهم المناطق التاريخية الموجودة في البلاد، وهو معبد "السن"، والذي يحظى باحترام كبير من قبل أتباع الديانة البوذية، ويعتقد أنه يحوي بقايا أسنان بوذا، ويحج إليه ألاف البشر كل عام، وهو الأمر الذي يجعل زيارة هذا المعبد أمرًا مثيرًا للاهتمام، نظرًا لما يحظى به من تاريخ كبير وواسع، يمكن من خلاله إلقاء نظرة ثاقبة حول التاريخ الديني لسريلانكا، والذي يتسم بالثراء والتعقيد".
وواصل حديثه قائلًا "عندما تدخل هذا المعبد تشعر بحالة من التواضع، فالهدوء يبدو مسيطرًا على المكان تمامًا، التحيات المتبادلة بين الزوار تتم في هدوء شديد وبجو من الخشوع المتزايد، وبينما أنت في الداخل لا تنسى زيارة "رجا" وحش التحنيط، والتي تحتل مكانًا متصدرًا داخل المعبد، وحاول قدر الإمكان أن تقاوم جمال الشاطئ قليلًا، حتى تجد فرصة لمشاهدة الحقول الرائعة والأراضي المتواجدة هناك، ولعلك ستحتاج لاستئجار دراجة، حتى يمكنك مشاهدة القرى المحلية وحقول الأرز، كما يمكنك كذلك زيارة بحيرة كوجالا".
واستطرد "أما جالي فكانت المحطة الأخيرة، وهي عبارة عن قلعة بناها البرتغاليون في عام 1588، قبل أن يسيطر عليها الهولنديون في وقت لاحق، حيث أنها مازالت تحتفظ بجاذبيتها العتيقة، تتواجد بها العديد من الفنادق التي تسمح لها باستكشاف، والاستمتاع بأشعة الغلاف الجوي، كما يتواجد بها العديد من المحال والعلامات التجارية، والمطاعم الممتازة التي لا تقل في كفاءتها عن أي منطقة أخرى في العالم، ولا يفوتك أن تتجول في المدينة عند غروب الشمس، حيث تنخفض درجة حرارة، وتبدأ الأحاديث الاجتماعية بين رواد المدينة ليتردد صداها على جدرانها القديمة".
وأكد أن المرشدين السياحيين متوفرين بصورة كبيرة، ويتميزون بمعرفتهم الموسوعة عن تاريخ المدن وأثارها، كما أنهم يتمتعون بقدر كبير من الحماس في نقل ما يملكونه من معرفة للسائحين عن تاريخ بلادهم وأثارهم. وعلى الرغم من أنه لم يمر أكثر من سبعة أعوام فقط منذ نهاية الحرب الأهلية في سريلانكا، لا يمكن أن نقول أن تلك الجزيرة وضعت قدمها فقط في طريق التنمية السياحية، ولكنها في الواقع مستعدة لاستقبال أعداد كبيرة من السائحين، وتمكنت من بناء الجزيرة من جديد وإعادتها إلى كامل إمكاناتها لتكون قادرة على تلبية احتياجات صناعة السياحة في المرحلة المقبلة.
واختتم حديثه قائلًا "الحفاوة البالغة هي سمة استقبال مواطني الجزيرة لضيوفهم، بداية من موظفي المطار، وحتى الناس في الشوارع، الضيوف يتلقون الزهور في كل مكان، وهو ما يعكس الرغبة العارمة لدى الجميع في تطوير تلك الصناعة المهمة، كوسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية هناك".
أرسل تعليقك